طائرات التحالف تجبر سفنًا على مغادرة ميناء المكلا

يخضع لسيطرة «القاعدة».. وشكوك حول علاقة التنظيم بالحوثيين

ميناء المكلا تحول إلى منطقة ترانزيت لنقل البضائع والمواد النفطية إلى الحوثيين في صنعاء
ميناء المكلا تحول إلى منطقة ترانزيت لنقل البضائع والمواد النفطية إلى الحوثيين في صنعاء
TT

طائرات التحالف تجبر سفنًا على مغادرة ميناء المكلا

ميناء المكلا تحول إلى منطقة ترانزيت لنقل البضائع والمواد النفطية إلى الحوثيين في صنعاء
ميناء المكلا تحول إلى منطقة ترانزيت لنقل البضائع والمواد النفطية إلى الحوثيين في صنعاء

أكدت مصادر في مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، في جنوب اليمن لـ«الشرق الأوسط»، أن عددًا كبيرًا من السفن التي وصلت إلى ميناء المدينة، الأيام الماضية، غادرت الميناء، بعد تحذير طائرات التحالف لها من دخول الميناء والبقاء فيه، من دون الحصول على تراخيص من قبل التحالف الذي يشرف على حركة السفن والموانئ اليمنية.
وتقول المصادر إن تنظيم القاعدة قدم تسهيلات لعملية الاستيراد من أجل زيادة العائدات التي يستولي عليها ويمول بها أنشطته، وقد حلقت طائرات الأباتشي فوق الميناء، وحذرت قيادة التحالف تلك السفن عبر طرق الاتصال المعمول بها مع السفن في عرض البحر، من البقاء في الميناء.
وتشير المعلومات، التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة، إلى أن ميناء المكلا تحول، الأشهر الماضية، إلى جانب بعض الموانئ القريبة على ساحل بحر العرب، إلى منطقة ترانزيت لنقل البضائع والمواد النفطية وغيرها إلى الحوثيين في صنعاء وغيرها من المحافظات التي تخضع لسيطرتهم، وقالت المصادر إن ميناء المكلا ومينائين آخرين في شبوة والمهرة المجاورة، تمد الميليشيات الحوثية بكافة مستلزماتهم من النفط المهرب والأسلحة وغيرها، وإن عملية تجارية كبيرة وغير مشروعة تجري في تلك المناطق، رغم الحصار المفروض على الموانئ اليمنية. وأشارت تلك المصادر إلى أن تحرك قوات التحالف في مراقبة سواحل حضرموت وشبوة، جاء متأخرًا، ولكنه مهم لإيقاف هذه التجارة، وإلى أن قيادات عسكرية موالية للمخلوع صالح ورجال قبائل في تلك المحافظات والمحافظات المجاورة «هم من يقومون بتسهيل انتقال المهربين والبضائع من الموانئ إلى صنعاء والبيضاء وغيرهما من المحافظات».
ويعد تحرك طائرات الأباتشي التابعة لدول التحالف وتحليقها فوق مينائي المكلا في حضرموت وبئر علي في شبوة، هو أول تحرك فعلي للتحالف في تلك المناطق لتطبق الحصار البحري على الحوثيين وقطع طرق إمدادهم بالأسلحة والذخائر والنفط، بعد تطبيق هذه الاستراتيجية في سواحل البحر الأحمر.
ويسيطر تنظيم (القاعدة في جزيرة العرب) على مدينة المكلا وأغلب مدن ساحل حضرموت، منذ 2 أبريل (نيسان) العام الماضي، بعد أن انسحبت القوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح من معسكراتها في مدن ساحل حضرموت، بعد بدء عملية «عاصفة الحزم» بقيادة السعودية، رغم أن السكان شكلوا مجلسًا أهليًا لإدارة شؤون المدينة، عاصمة المحافظة، غير أن عناصر التنظيم المتشدد يسيطرون على كافة مناحي الحياة.
ويخضع التنظيم المتشدد مدينة المكلا وبقية مدن الساحل لأحكامه وأعرافه، بعد سيطرته على البنوك والمعسكرات بمعدات العسكرية الثقيلة وعرباتها ومدرعاتها، واستولى عناصر التنظيم على القصر الجمهوري (قصر الشعب) ويقيم فيه عدد من قيادات التنظيم البارزين، الذين أطلقتهم قوات المخلوع صالح من السجون، حيث كانوا يحتجزون بتهم تتعلق بالإرهاب. ومن أبرز هؤلاء، قائد التنظيم خالد باطرفي. ويطلق عناصر «القاعدة»، في حضرموت، على أنفسهم تسمية «شباب حضرموت»، ويطبقون أحكام الشريعة الإسلامية بمنظورهم المتشدد، بحسب الكثير من المراقبين، حيث منعوا مضغ القات وحاصروا الحريات الشخصية ويقومون بجلد النساء والرجال في الساحات العامة، في وقت ألغوا مؤسسات الدولة وأبقوا على طرق بدائية في معالجة قضايا الناس، في ظل تدهور كبير للخدمات والعملية الاقتصادية.
وقالت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة المكلا باتت وجهة لمعظم قيادات تنظيم «القاعدة» الموجودين في بقية المحافظات، وإن التنظيم يقيم معسكرًا خارج المدينة لتجنيد المزيد من الأطفال والشباب المنظمين حديثًا، وذكرت المعلومات أن الأطفال يظلون لمدة شهرين في ذلك المعسكر، دون معرفة أهاليهم، حيث يقضون شهرًا لتعلم ما يسمونه «أصول الدين أو الشريعة»، والشهر الآخر هو عبارة عن معسكر تدريبي على استخدام كل أنواع الأسلحة. وقد أبلغت الكثير من الأسر في حضرموت عن اختفاء أبنائها، وتبين لاحقًا أنهم في ذلك المعسكر التدريبي (شرق المكلا).
ومنذ سيطرة «القاعدة» على مدينة المكلا، نفذت طائرات أميركية من دون طيار عددًا من الضربات الجوية التي قتل فيها عدد من القيادات البارزة في التنظيم، ورغم ذلك، بحسب مصادر حضرمية، فإن قيادات «القاعدة» تعتقد أن المكلا مدينة آمنة لهم وتؤسس لقيام دولتهم المزعومة والمرتقبة (دولة الخلافة).
في غضون ذلك، تنشغل الأوساط اليمنية في جنوب البلاد، بجملة من القضايا على الساحة، بشكل عام، أبرزها الحرب ضد الميليشيات الحوثية الانقلابية في عموم المحافظات، وهو الاهتمام السائد في اليمن عمومًا، غير أن هناك اهتمامات خاصة على مستوى الساحة الجنوبية، تتمثل في الوضع الأمني المتداعي وما باتت تسمى «الحرب الجديدة»، ضد «الخلايا النائمة»، التي تقول السلطات في عدن إنها تتبع المخلوع علي عبد الله صالح والحوثيين، وهي الخلايا التي تنفذ حملة الاغتيالات في مدينة عدن، وهي الحملة التي تستهدف ضباط أجهزة الأمن والجيش الوطني والقضاة، منذ تحرير المحافظة من قبضة الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح في يوليو (تموز) الماضي وحتى اللحظة.
وتؤكد الأوساط في عدن أن عناصر «القاعدة» في جنوب اليمن، مدفوعة من المخلوع علي صالح. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» يتساءل العميد مساعد أحمد صالح عن أسباب نشاط «القاعدة» في جنوب اليمن، دون غيرها من المحافظات الشمالية، كما يتساءل عن سبب عدم قتال هذه العناصر المتشددة للحوثيين، رغم أنهم يصفونهم بـ«الروافض»، ويشير إلى أن تحرير عدن من قبضة الحوثيين وقوات المخلوع، جعلتهم يحركون خلاياهم النائمة، ويرسلون إليها المزيد من الأسلحة والذخائر التي ضبط بعضها في بعض النقاط العسكرية، حسب قوله.
وفي هذا السياق، يدعو الشيخ لحمر لسود، أحد أعيان شبوة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، المواطنين في جنوب اليمن إلى الوقوف صفًا واحدًا في وجه الحوثيين، سواء في ما يتعلق باستخدام بعض المناطق والأشخاص لتهريب الأسلحة والنفط، أو في التصفيات الجسدية التي تجري حاليًا، ويدين الشيخ لحمر ارتباط بعض القيادات، في الخارج، بحزب الله والمشروع الإيراني، وعدم اهتمام البعض الآخر بالأوضاع في الجنوب.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.