بعد استقراره نسبيًا قرابة أسبوعين بسبب عطلة أعياد الميلاد وتوقف البورصات والمؤسسات المالية عن العمل في روسيا، واصل الروبل الروسي تراجعه أمام العملات الصعبة في الساعات الأولى من المداولات الافتتاحية في بورصة موسكو هذا العام؛ إذ تجاوز سعر صرف الروبل الروسي في الجلسة الصباحية في بورصة موسكو أمس (الاثنين) مؤشر 76 روبلاً مقابل الدولار، وتجاوز مؤشر 83 روبلاً مقابل اليورو. وفي ما يشير إلى توقعات بهبوط حاد على قيمة الروبل الروسي خلال الأيام المقبلة، رفع بنك روسيا المركزي سعر الصرف الرسمي للروبل بقدر 3 روبلات أعلى من سعر الصرف الفعلي ليوم الاثنين، واعتمد سعر صرف اليوم (الثلاثاء 12 يناير/ كانون الثاني الحالي) بقدر 75.9 روبلاً مقابل كل دولار، وتقول صحيفة «ار بي كا ديلي» إن هذه هي المرة الأولى التي يتجاوز فيها سعر الصرف الرسمي هذا المؤشر منذ ثمانية عشر عامًا، أي منذ تغيير القيمة الاسمية للعملة الروسية عام 1998.
ومع أن الروبل تمكن في الساعات التالية من المداولات في بورصة موسكو من تعزيز موقفه وعاد إلى مؤشر 74 روبلاً للدولار، إلا أن المحللين الاقتصاديين ما زالوا يتوقعون استمرار هبوط العملة الوطنية الروسية، ويعزون ذلك إلى تراجع سعر النفط حتى أدنى مستويات سجلها منذ 11 عامًا، حيث انزلق سعر خام برنت خلال اليومين الماضيين إلى ما دون 33 دولارا للبرميل، في ظل توقعات باستمرار هذه الانخفاض إلى ما دون 30 دولارا للبرميل.
ضمن هذا المشهد المالي، يبدو أن بداية العام الحالي لم تختلف بالنسبة للاقتصاد الروسي عن بداية العام الماضي، باستثناء أن تراجع المؤشرات الاقتصادية والهبوط السريع الحاد للعملة الوطنية جاء حينها على شكل صدمة لم تكن روسيا مستعدة لها، بينما تأتي الأزمة الحالية وسط استعداد وإدراك في الأوساط الرسمية والعامة الروسية لمرحلة عسيرة جدًا سيدخل فيها اقتصاد البلاد، تترافق مع قلق بين المواطنين إزاء ما سيحمله الغد لهم، لا سيما أن آثار مرحلة الأزمة عام 2015 قد بدأت تظهر بوضوح من خلال ارتفاع أسعار المواد الرئيسية بدرجات متفاوتة، مقابل تراجع للدخل الحقيقي للمواطنين، وفق ما تؤكده تقارير في هذا الصدد صادرة عن جهات رسمية روسية.
وعلى الرغم من جملة خطوات اتخذتها الحكومة الروسية عام 2015 للحد من آثار الأزمة التي تعصف بالاقتصاد الروسي، فإن قيمة العملة الوطنية لم تستقر ولم تتجه لتعزيز موقفها. وبعد تحسن طفيف في سعر صرفه عام 2015، عاد الروبل الروسي نهاية العام ليهبط من جديد نحو المؤشرات المتدنية التي وصل إليها حين سجل هبوطًا حادًا في ديسمبر (كانون الأول) عام 2014، أي في أوج الأزمة. في ظل هذه الأوضاع، استمر تراجع الدخل الفعلي (الحقيقي) للمواطنين. وتشير معطيات الوكالة الفيدرالية للإحصاء إلى أن قيمة الدخل الفعلي للمواطنين تراجعت حتى خريف العام الماضي بقدر 5.4 في المائة، مقارنة بالدخل خريف عام 2014، بينما انخفضت القيمة الفعلية للرواتب الشهرية خلال الفترة ذاتها بقدر 9 في المائة. وترافق هذا مع ارتفاع حجم الدين في فقرة المدفوعات الشهرية للعاملين بقدر 34 في المائة مقارنة بعام 2014. وفيما بين نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 ونوفمبر 2015 سجلت البطالة ارتفاعًا بنسبة 10.7، وفق معطيات الوكالة الفيدرالية الروسية للإحصاء.
أما مستوى الفقر في روسيا خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2015، فقد زاد عن 14 في المائة، حيث يحصل قرابة 20.3 مليون مواطن روسي على دخل أقل من الحد الأدنى للمستوى المعيشي. وكان البنك الدولي قد عرض توقعات في وقت سابق جاء فيها أن نمو الفقر في روسيا سيكون عام 2015 الأكبر منذ أزمة عام 1998، مما يعني أن الاقتصاد الروسي سيخسر أحد أهم إنجازاته التي حققها منذ عام 2000 وحتى عام 2014 حين تراجع مستوى الفقر في البلاد من 29 في المائة حتى 11.2 في المائة من المواطنين. وفي حال لم تتغير العوامل الرئيسية التي تؤثر على قوة الاقتصاد الروسي، وفي مقدمتها استمرار تراجع سعر النفط وعدم إلغاء العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية وضم القرم، فإن نسبة الفقر قد تعود إلى ما كانت عليه عام 2000.
نحو ثلث الروس مهددون بالفقر
هبوط جديد لسعر صرف الروبل متأثرًا بأسعار النفط
نحو ثلث الروس مهددون بالفقر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة