تتطلع عيون المستثمرين إلى 2016 خوفا من الآثار المترتبة على ارتفاع مؤشر الدولار العالمي أمام سلة العملات وهروب رؤوس الأموال، خاصة في الوقت الذي تعاني فيه الأسواق الناشئة بما يكفي.
فقد سبب رفع الفيدرالي الأميركي لمعدلات الفائدة بعض الاضطرابات داخل الأسواق الناشئة، فضلا عن آثار التباطؤ في الصين الذي يعد ثاني أكبر اقتصادات العالم.
وانخفض مؤشر الأسواق الناشئة بنحو 15 في المائة في ديسمبر (كانون الأول)، بعد رفع الفائدة الأميركية مباشرة، الأمر الذي زاد مخاوف المستثمرين مطلع العام الحالي، وذلك بعد أن شهدت الأسواق الناشئة تدفقا لروس الأموال بأكثر من 45 تريليون دولار ما بين أعوام 2009 حتى 2013.. ويرى محللون أن انحسار هذا المد من الاستثمارات قد يزيد صعوبة تمويل المشروعات ودفع معدلات النمو في تلك الدول.
ومع بداية العام الجديد، تباين أداء العملات في الأسبوع الأول، وجاءت تلك الأنباء لتحمل بعض المخاوف وخيبة الأمل للمستثمرين من ارتفاع الدولار مقابل العملات المحلية، في حين تبسم الحظ أمام آخرين في جني المكاسب الدولارية.
في الوقت ذاته، انخفضت توقعات الخبراء للأسواق الناشئة وقدرتها على الصمود في ظل ضعف عملاتها المحلية وقوة الدولار.
وارتفع مؤشر الدولار الأميركي (قياس أداء الدولار الأميركي مقابل سلة من ست عملات رئيسية، هي اليورو والجنية الإسترليني والين الياباني والدولار الكندي والفرنك السويسري والكرونا السويدي) خلال تداولات أمس الأربعاء، حتى منتصف النهار بتوقيت غرينتش، بنحو 0.05 في المائة، بما يعادل 0.045 سنتا، ليحقق 99.449 نقطة مقارنة بجلسة تداولات أول من أمس، وبالرجوع إلى الخلف قليلا ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 7.858 في المائة خلال الاثني عشر شهرا الماضية، ووصل الدولار لأعلى مستوى له على الإطلاق في فبراير (شباط) 1985 محققا 164.72 نقطة، بينما وصل إلى أقل مستوى على الإطلاق في أبريل (نيسان) عام 2008 ليغلق عند 71.32 نقطة فقط.
كما ارتفع الدولار أمام اليوان الصيني بنحو 0.63 في المائة، ليحقق 6.5568 يوان، بينما حقق الدولار انخفاضا أمام الين الياباني بنحو 0.40 في المائة ليحقق 118.58 ين، خلال جلسة تداولات الأمس.
كما انخفض اليورو أمام الدولار الأميركي بنحو 0.09 في المائة محققا 1.0738 دولار خلال تداولات أمس، وهبط الجنيه الإسترليني أمام الدولار بنحو 0.22 في المائة ليحقق 1.4643 دولار.
وعلى صعيد الشرق الأوسط، ارتفع الدولار أمام الريال السعودي خلال جلسة تداولات أمس ليصل إلى 102.32 ريال سعودي بنحو 0.02 في المائة.
وبحسب استطلاع «الشرق الأوسط» لتوجهات التحليلات في الأسواق العالمية، فإن المحللين ينقسمون بين نوعين من السيناريوهات المحتملة الناتجة عن ارتفاع أسعار الدولار، أولهما إذا تضخمت المكاسب للدولار، واتجه المستثمرون إلى «شراء الدولار» طمعا في المكاسب، فستصبح هذه المكاسب بمثابة خنق لأكبر اقتصاد في العالم نظرا لسوء توزيع رؤوس الأموال أو الأصول الاستثمارية، إضافة إلى فرق النمو المطرد بين الولايات المتحدة وبقية العالم.
أما السيناريو الثاني، فهو أن يصب هذا التدفق المالي الدولاري في مصلحة تعزيز الاقتصاد الأميركي، إذا شهد «تنوعا» من حيث التوجه بغالبية نحو «الاستثمارات»، وليس الدولار بشكل مباشر، مما سيسفر عن تعزيز التوسع الاقتصادي للولايات المتحدة، ومنها لتحقيق النمو العالمي، ويوفر قوة الدفع لقيادة نمو الاقتصاد العالمي كما كان في السابق.
ويختلف كلا السيناريوهين حول كيفية استثمار الأصول، إما إلى البلدان المتقدمة أو أن تصب في مصلحة الأسواق الناشئة.
وتفاعل الأسواق الناشئة مع ارتفاع أسعار الدولار خلال العام الحالي، سيكون المحدد الأساسي لوتيرة الاستثمار في السوق، فقد تعقبت معظم الأسواق الناشئة تطور سياسة البنك الفيدرالي خلال 2015، وعلى الرغم من أن معظم الأسواق الناشئة تربط عملتها المحلية بالدولار الأميركي، يرى مراقبون أن الفيدرالي سيقدم مزيدا من الدعم خلال 2016 مما يولد احتمالية «مخاطرة» على تلك الدول.
وقال دين بيكر، الخبير الاقتصادي، لـ«الشرق الأوسط» في رده عبر البريد الإلكتروني، إن زيادة الفائدة الأميركية وارتفاع سعر الدولار أجبر البنوك المركزية حول العالم على تخفيض أسعار العملات المحلية، ورفع أسعار الفائدة لزيادة الثقة في عملتها المحلية وزيادة المعروض من النقود للحفاظ على التوازن النسبي بين العملة المحلية والدولار.
* الوحدة الاقتصادية
بـ«الشرق الأوسط»