ألغى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بندا في الدستور يسمح بالبقاء في الحكم مدى الحياة، وعوضه بالترشح للرئاسة مرة واحدة مدتها 5 سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة، وبذلك يكون الرئيس قد عاد إلى ما قبل عام 2008، وذلك عندما ألغى في الدستور البند الذي يحدد الترشح بولايتين كأقصى تقدير.
وتم الكشف عن هذا التغيير أمس بالعاصمة في وثيقة لتعديل الدستور، عرضها وزير الدولة مدير الديوان بالرئاسة أحمد أويحيى. وأهم ما تضمنته هذه المبادرة ترقية الأمازيغية من «لغة وطنية» إلى «لغة رسمية» مثل اللغة العربية. لكن بعض المراقبين يرون أن هذا التعديل سيطرح إشكالا، كون الدولة ستتعامل بلغتين رسميتين، عكس ما هو موجود في غالبية دول العالم، حيث يتم اعتماد لغة واحدة رسمية فقط.
ومما جاء في الوثيقة أن المسؤولين في الأجهزة الحكومية ينبغي أن يكونوا حاصلين على الجنسية الجزائرية دون سواها، علما بأن وزراء في الحكومة الحالية يملكون الجنسية الفرنسية أيضا. وفي ما مضى كان وزير الطاقة السابق شكيب خليل، وهو محل اتهام بالفساد حاليا، أميركيا وجزائريا في الوقت نفسه. لكن التعديلات الجديدة تمنع أن يترشح للرئاسة شخص يملك جنسية أخرى غير الجزائرية، ويشترط أن تكون زوجته من أصل جزائري. ومطلوب من المترشح أن يُثبت إقامة دائمة في الجزائر دون سواها من البلدان لمدة عشر سنوات على الأقل قبل إيداع الترشح. وهذا الشرط يمنع مثلا وزير الخزينة العمومية الأسبق علي بن واري، الذي ترشح للرئاسة في انتخابات عام 2014، في حين أنه مقيم في سويسرا منذ 20 سنة.
يشار إلى أن الرئيس أعلن سابقا عزمه الاكتفاء بعرض التعديل على البرلمان، دونما حاجة للاستفتاء الشعبي، بحجة أنه لا يمس بركائز النظام السياسي.
وفي ما يتعلق بحرية الإعلام، تضمنت التعديلات عدم سجن الصحافيين بسبب كتاباتهم، وهذه الجزئية مطبقة في الواقع، إذ لم يسجن أي صحافي في فترة رئاسة بوتفليقة في قضية تتعلق بمهنته. ومما جاء في التعديلات بهذا الخصوص أن «حرية الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية وعلى الشبكات الإعلامية مضمونة، ولا تُقيّد بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية. ولا يمكن استعمال هذه الحرية للمساس بكرامة الغير وحرياتهم وحقوقهم. ونشر المعلومات والأفكار والصور والآراء بكل حرية مضمون في إطار القانون، واحترام ثوابت الأمة وقيمها الدينية والأخلاقية والثقافية».
وتعهدت التعديلات الدستورية بـ«ترقية التناصف بين الرجال والنساء، في سوق التشغيل، وأن تشجع الدولة ترقية المرأة في مناصب المسؤولية في الهيئات والإدارات العمومية وعلى مستوى المؤسسات». يشار إلى أن الدستور يمنح المرأة 30 في المائة من نسبة مقاعد البرلمان والمجالس المحلية، حتى قبل أن تدخل المعترك الانتخابي.
وأعلنت الوثيقة أيضا أن السلطات «تضمن حرية التظاهر السلمي للمواطن في إطار القانون الذي يحدد كيفيات ممارستها»، علما بأن المعارضة كانت تعيب على الحكومة أنها تحرمها من تنظيم المظاهرات في الشوارع تحت ذريعة «الأوضاع الأمنية المتدهورة».
وعلق المحلل السياسي ناصر الدين سعدي على بعض ما جاء في الوثيقة بقوله: «لقد وقع خطأ عام 1999 حين سمح الدستور المعمول به وقتها بقبول ترشح السيد عبد العزيز بوتفليقة، كونه كان مقيما خارج الوطن. والتعديل الجديد يشترط الإقامة في الجزائر لعشر سنوات قبل الترشح. ووقع خطأ حين عُدّل الدستور في 2008، بما سمح بتمديد فترة حكم الرئيس بوتفليقة. ولهذا عاد المشرع وحددها في فترتين على الأكثر كما كانت في دستور 1996. لا أعلم كيف مر هذا الأمر على الرئيس بوتفليقة لأنه يعنيه مباشرة، ويطعن في كل فترة حكمه.. وقد سعيت لفهم مزاج المشرع، لكنني عجزت».
وفي بيان صدر بعد الكشف عن التعديل الدستوري، لاحظ الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم» استمرار طبيعة «النظام السياسي الهجين، الذي لا يشبه أي نظام دستوري في العالم، والذي يجعل رئيس الجمهورية يحكم ولا يتحمل المسؤولية، ويلغي كلية معنى الديمقراطية ومغزى الانتخابات، حيث لا يسمح للأغلبية البرلمانية بتشكيل الحكومة بمقتضى هذا المشروع»، مضيفا أن «الوثيقة لا تتضمن مقترح الطبقة السياسية، المتعلق باللجنة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات من أولها إلى آخرها، بدلا عن وزارة الداخلية كما هو معمول به في أغلب دول عالم. ونؤكد بالمناسبة أن المشكلة السياسية في الجزائر لم تكن يوما في النصوص الدستورية، ولكن في فساد النظام السياسي، وعدم احترام وتطبيق القوانين، والتعامل بالمعايير المزدوجة بين المواطنين».
الجزائر: تعديل دستوري يلغي الترشح للرئاسة مدى الحياة
تضمن أيضًا ترقية الأمازيغية من لغة وطنية إلى «رسمية»
الجزائر: تعديل دستوري يلغي الترشح للرئاسة مدى الحياة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة