200 هندية يمارسن الملاكمة.. نصفهن مسلمات

فيلم تسجيلي باسم «ملاكمات البرقع» حقق لهن الشهرة

ملاكمتان أثناء التدريب
ملاكمتان أثناء التدريب
TT

200 هندية يمارسن الملاكمة.. نصفهن مسلمات

ملاكمتان أثناء التدريب
ملاكمتان أثناء التدريب

داخل حلقة ملاكمة مقامة في مكان مفتوح بأحد المتنزهات، وقفت مراهقات مسلمات يرتدين غطاء للشعر، يؤدين صلاة المغرب، غير آبهات بنظرات المارة، بينما كانت أصداء أصوات الأذان توشك على التلاشي.
وفور فراغهن من الصلاة، سارعن لارتداء قفازات الأيدي، وشرعن في جولة من الملاكمة في مواجهة بعضهن بعضا، تحت نظر ومتابعة مدربهن مراج الدين أحمد، المشهور باسم «تشينا باي»، الذي أخذ يصيح في وجه كل من تخطئ في إحدى حركات الملاكمة.
وتتطلع الملاكمات الصغيرات اللائي يتحدين جميع الأعراف والقوالب الاجتماعية الجامدة المعدة سلفًا للفتيات أمثالهن، نحو اتخاذ الملاكمة مهنة لهن، خصوصًا مع وجود قدوات بالفعل أمامهن مثل رضاي شابنام، 34 عامًا، أول ملاكمة مسلمة في الهند، وماري كوم التي فازت خمس مرات ببطولة العالم لملاكمة الهواة، بجانب حصولها على ميدالية أولمبية.
اللافت أن هؤلاء الفتيات حظين بالشهرة بالفعل، نظرًا لظهورهن في فيلم وثائقي يتناول كفاحهن من يوم لآخر بعنوان: «ملاكمات البرقع»، الذي يشارك حاليًا في مهرجانات أفلام محلية ودولية، بجانب عرضه عبر شاشات «بي بي سي»، وكثير من المنافذ الإعلامية العالمية الكبرى.
من بين هؤلاء الفتيات خاتون، 11 عامًا، التي تحلم بأن تكون ماري كوم القادمة، وهي بالفعل واحدة من ألمع الملاكمات الشابات بمدرسة «خيدربور للثقافة البدنية». وتعد هذه المدرسة في واقع الأمر مركزًا رياضيًا، ويتولى إدارته المدرب مراج الدين أحمد. وتتجاوز مدرسة «خيدربور للثقافة البدنية»، الواقعة في «نواب علي بارك» في إكسبالبور، كونها مجرد مكان يضم حلبة للملاكمة داخل فناء أسمنتي متداعٍ، وإنما تضم كذلك غرفتين على أحد الجوانب، تحمل إحداهما لافتة تقول «غرفة تبديل الملابس». ويضم النادي حاليًا 13 فتاة يحرصن على التوافد على المكان مساء كل يوم من الاثنين إلى السبت، وهن مرتديات «شلوار قميص» وغطاء للرأس، لكن بعد دخولهن غرفة تغيير الملابس تتبدل هيئتهن مع ارتدائهن بدلات رياضية.
والملاحظ أن التدريب ليس بثمن زهيد، حيث يفرض أحمد رسومًا تبلغ خمسين روبية شهريًا على كل من تلاميذه، بينما تبلغ التكلفة الفعلية لتدريب الملاكمين الهواة قرابة عشرة آلاف روبية شهريا، حسب قوله، الأمر الذي يتضمن نظامًا غذائيًا مناسبًا ومعدات تدريب. وقال: «نعتمد في عملنا على أقل القليل، ونطلب من الملاكمين المخضرمين التبرع بأشياء سبق لهم استخدامها. كما نتلقى تبرعات من منظمات متنوعة». اللافت أن غالبية المتدربين على الملاكمة تحت قيادته ليس بمقدورهم توفير حتى ثمن القفازات. وعن هذا، قال: «تبلغ تكلفة القفاز ألفًا و500 روبية، مما يزيد على ضعف الدخل الشهري لأسر تلاميذي».
وسعيا للتغلب على هذه المشكلات، تتشارك الفتيات في القفازات، بل وأحيانًا القمصان والسراويل. جدير بالذكر أن ضاحية خيدربور التي تضم المدرسة تتسم بكثرة أزقتها وشوارعها الضيقة الفقيرة كثيفة السكان. وتسكن هذه الضاحية الواقعة شرق كولكاتا أغلبية مسلمة. وجدير بالذكر أن كولكاتا كانت في وقت مضى عاصمة في ظل الاستعمار البريطاني باسم كالكوتا، وتعد مركزًا للمسلمات المنخرطات بمجال الملاكمة.
وتعني ممارسة الملاكمة ما هو أبعد من مجرد تبادل اللكمات على النحو الفني الصحيح. وعادة ما تنتمي الملاكمات الشابات إلى أسر فقيرة وآباء وأمهات يعملون في مهن بسيطة مثل قيادة سيارات الأجرة أو العمل بالمنازل وما إلى غير ذلك.
من بين فتيات هذه الضاحية راضية شابنام، التي بدأت التدرب على الملاكمة منذ 17 عامًا. وتعمل شابنام، وهي أم لطفلين، حاليًا مدربة ملاكمة، وهي واحدة من ثلاثة حكام دوليين نساء فقط باللعبة داخل الهند، وهو دور مكنها من السفر عبر كثير من الدول مثل تركيا وروسيا وتايوان وغيرها.
ورغم رحيلها عن خيدربور، تؤكد شابنام أنها لن تنسى قط جذورها. وعن ذكرياتها، قالت: «كان ذلك بين عامي 1997 و1998، عندما رأيت ليلى علي (ابنة الملاكم محمد علي كلاي) على شاشة التلفزيون وسحرتني لعبة الملاكمة وكل ما يحيطها من نجومية. وقد شجعني شقيقي تبريز على التدريب في مجال الملاكمة تحت قيادة المدرب مراج الدين أحمد».
ولا تزال راضية تتذكر، عندما التحقت بدورة تدريب على الملاكمة، التعليقات التي انهالت عليها، رافضة هذه الخطوة، باعتبار أن ممارسة الرياضة لا تليق بفتاة مسلمة، بل واتهم البعض والديها بأنهما ينتهكان المبادئ التي يقوم عليها الإسلام وأسلوب الحياة الإسلامي. ومع أن والد شابنام كان «داعمًا للغاية» لها ورفض الإنصات للتعليقات الغاضبة من الجيران، فإنه طلب من ابنته ارتداء الملابس التقليدية بدلا من البدلات الرياضية أثناء التدريب. الآن تعيش شابنام مع زوجها المسلم الداعم لعملها بمجال التدريب، وتشتهر في حيها بأنها ملكة الملاكمة، وأصبحت مصدر إلهام لكثير من الفتيات المسلمات الفقيرات بالمنطقة، واللائي يأملن في أن تصبح لهن كلمة أعلى في تحديد مصيرهن ومستقبلهن، وفي الوقت ذاته الفوز باحترام المجتمع.
وقالت شابنام: «أعتقد أن تغييرا ملموسا طرأ على توجه الآخرين حيالي. إن سكان الحي الذي أقطنه يفخرون بي عندما يقرأون أخبارا عني بالصحف».
جدير بالذكر أن معظم فتيات الحي يتزوجن في سن مبكرة، بعضهن لا يتجاوز سن المراهقة. ومع ذلك، فإن رياضة الملاكمة تكتسب إمكانات وآفاقًا جديدة يومًا بعد آخر. من ناحيتها، أخطرت صفية نور، 12 عامًا، والديها مؤخرا بأنها لا تنوي الزواج حتى تبني لنفسها حياة مهنية كملاكمة.
أما المراهقة زكيرة فقد بدلت لتوها ملابسها، وارتدت بدلة رياضية، لتكون هذه المرة الأولى بحياتها التي لا ترتدي خلالها ملابس فضفاضة تصل إلى حد الكاحل. وأخذت زكيرة تتمتم بشعار علمها إياه مدربها: «إذا تملكك الخوف، لن تكوني ملاكمة قط»، بينما الملاكمة أصبحت شغفها الوحيد في الحياة.
بعد صعودها إلى الحلبة وتفوقها على غريمتها بتوجيهات من مدربتها شابنام، تعود زكيرة لغرفة تبديل الملابس لارتداء الملابس التقليدية، بينما تمر بجانبها امرأتان ملتحفتان بالبرقع.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.