انفصال بريطانيا عن {الأوروبي}.. رغبة حقيقية أم ورقة تفاوض؟

حسابات المكاسب والخسائر بين «حساسية» لندن من التهميش و«تنازلات» اليورو الصعبة

مستقبل غامض لعلاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي (رويترز)
مستقبل غامض لعلاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي (رويترز)
TT

انفصال بريطانيا عن {الأوروبي}.. رغبة حقيقية أم ورقة تفاوض؟

مستقبل غامض لعلاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي (رويترز)
مستقبل غامض لعلاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي (رويترز)

اتفق قادة الاتحاد الأوروبي، نهاية الأسبوع الماضي، على العمل لإيجاد حلول ترضي جميع الأطراف بشأن مقترحات بريطانيا لتعديل المعاهدات الأوروبية، مؤكدين أن ذلك سيكون في القمة القادمة المقررة في 18 و19 من فبراير (شباط) المقبل.
وتطالب بريطانيا استثناء المملكة المتحدة من أي اتحاد أو اندماج سياسي كبير للاتحاد الأوروبي مستقبلا، ومنع مواطني الاتحاد الأوروبي من الاستفادة من أي ضمانات اجتماعية في بريطانيا لمدة أربع سنوات متتالية، وكذلك حماية المركز المالي لبريطانيا في وقت يتوجه فيه الاتحاد الأوروبي نحو اندماج نقدي ومالي أكبر، وإعطاء دور أكبر للبرلمانات المحلية في عملية اتخاذ القرار الأوروبي، والإقرار بأن اليورو ليست «العملة الوحيدة» للاتحاد، وإلا فإن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون سيدعم التصويت بـ«لا» في استفتاء تجريه بلاده العام المقبل حول البقاء في الاتحاد الأوروبي.
وتعاني بريطانيا من ارتفاع النفقات على خدمة المهاجرين واللاجئين، وتهميش دورها فيما يخص السياسة النقدية، حيث إنها غير مشتركة في اتحاد «عملة» اليورو.
ووافقت بريطانيا على استقبال 20 ألف لاجئ من مخيمات في الدول المجاورة لسوريا، لكنها غير مشاركة في البرنامج الرسمي لاستقبال القادمين بشكل مستقل على أراضيها.. ووفقا لكاميرون فإن «أزمة المهاجرين التي تجتاح أوروبا، يمكن أن تقود بريطانيا إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء المقبل».
كما أن الاتحاد النقدي الذي رفضت بريطانيا الدخول فيه، أصبح هو محور اتخاذ القرار في الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يشكل حساسية كبيرة لدى الدول غير الأعضاء في منطقة اليورو، وعلى رأسها بريطانيا.
على الجهة الأخرى، يعتبر الاتحاد الأوروبي هذه المطالب «تنازلات يصعب الموافقة عليها»، فهي تعني إعادة النظر فيما تم الاتفاق عليه سابقا، ويعطي مزايا خاصة لبريطانيا على حساب أعضائه من الدول الأخرى، ويبقى السؤال ما الخسائر والمكاسب المحتملة لخروج خامس أكبر اقتصاد في العالم، والثاني أوروبيا من منطقة اليورو؟
حتى الآن لا توجد دراسة دقيقة وموحدة حول المكاسب والخسائر، ولكن التقديرات تشير إلى أن أكبر المكاسب التي يمكن جنيها هي «مطالب لندن الحالية من الاتحاد الأوروبي»، بينما تتركز الخسائر في تدهور العلاقات التجارية بين إنجلترا والاتحاد الأوروبي، وخسارة إنجلترا ميزة تنافسية كبيرة في قدرتها على جذب الاستثمارات كونها عضوا في الاتحاد.
وفي منتصف أبريل (نيسان) من العام الماضي، أظهر بحث طلبته مجموعة ضغط تمثل البنوك ومديري الأموال أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يمكن أن يؤدي إلى تدمير موقف لندن بوصفها المركز المالي الوحيد لمنافسة نيويورك وإلى عزل الاقتصاد البريطاني، وفقا للمجموعة التي تضم بنوك «غولدمان ساكس» و«سيتي» و«جيه بي مورغان».
وتهيمن لندن على سوق الصرف الأجنبي التي يبلغ حجمها خمسة تريليونات دولار يوميا، وتتعامل مع كم من الدولارات يزيد مرتين عن الولايات المتحدة، وكم من اليورو يزيد أكثر من مرتين عن منطقة اليورو بأكملها.
وحذرت جماعة الضغط من أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيحرمها من التأثير، وسيجعلها أقل جاذبية للمستثمرين وعرضة للوائح التنظيمية التي ليس للندن تأثير عليها.
وذكرت صحيفة «صنداي تايمز» أن الكثير من مديري أكبر الصناديق التي يوجد مقرها في لندن، يعدون خططا لنقل أرصدة يبلغ حجمها تريليونات الجنيهات وآلاف الوظائف إلى خارج بريطانيا؛ إذا صوتت لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. وقالت الصحيفة إن مديري الصناديق قد يُضطرون للرحيل بسبب قوانين الاتحاد الأوروبي التي تسمح فقط ببيع منتجات الاستثمار في الاتحاد، عندما يكون المقر الأوروبي الرئيسي للصندوق موجودا في دولة عضو.
هذا بينما أظهرت دراسة أخرى، أعدتها مؤسسة «برتلسمان ستيفتونغ» الألمانية أن السيناريو الأفضل، في حالة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2018، هو أن تتمكن بريطانيا من الفوز بوضع مشابه لسويسرا وأن تعقد اتفاقية تجارة مع شركائها السابقين في الاتحاد الأوروبي.. أما السيناريو الأسوأ، فهو أن تفشل بريطانيا في ذلك وتفقد مزايا اتفاقيات التجارة الحرة، وتخسر ميزة النفاذ السهل للأسواق الأوروبية، حينها ستبلغ الخسارة في الناتج المحلي الإجمالي لكل فرد بين 0.6 إلى 3 في المائة، وسيكلف هذا السيناريو الأسوأ اقتصاد المملكة المتحدة 224 مليار جنيه إسترليني حسب ما جاء في الدراسة، في الوقت الذي يقترب فيه حجم الاقتصاد البريطاني من 3 تريليونات دولار.
كما أعلن معهد «أوبن يوروب» البحثي أن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يؤدي إلى خسارة دائمة تبلغ 2.2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد بحلول عام 2030. كما أن هذه التكاليف لا يمكن تعويضها فقط من خلال إبرام اتفاقية للتجارة الحرة مع شركائها السابقين.
وحذرت بعض الشركات الكبرى، ومنها عملاقا السيارات «بي إم دبليو» و«فورد»، رئيس الوزراء من الخروج من الاتحاد، باعتبار أنه سيأتي بعواقب هدامة بالنسبة للاقتصاد البريطاني، وتخشى 60 في المائة من الشركات البريطانية من أضرار محتملة على مشاريعها نتيجة الخروج النهائي من الاتحاد الأوروبي.
هذا بالإضافة إلى أن بريطانيا ستجد نفسها مرغمة على مراجعة الكثير من التشريعات التي أقرتها لتنفيذ قرارات على مستوى الاتحاد الأوروبي، وهو ما سيشكل عبئا اقتصاديا كبيرا يصعب التكهن بتكاليفه، بالإضافة إلى أن حالة عدم اليقين التي فرضها كاميرون بطرح فكرة «إعادة التفاوض» أو «الانسحاب» ستترك آثارا اقتصادية كبيرة في الاقتصاد البريطاني، وفي الاتحاد الأوروبي ككل، حيث ستعاني الدول الأخرى في الاتحاد من خسائر اقتصادية أيضا.
ولوحت مؤسسة «ستاندرد آند بورز» للتصنيفات الائتمانية بأن بريطانيا تواجه احتمالا متزايدا بفقدان التصنيف الممتاز AAA، بسبب إجراء استفتاء على عضويتها في الاتحاد الأوروبي.
وقالت: «ستاندرد آند بورز»، وهي مؤسسة التصنيف الائتماني الكبرى الوحيدة التي ما زالت تمنح بريطانيا التصنيف الممتاز، إنها خفضت توقعاتها لتصنيف ديون الحكومة البريطانية إلى «سلبية» من «مستقرة». وأضافت في بيان لها صدر في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أن «قرار حكومة المملكة المتحدة إجراء استفتاء بشأن عضوية الاتحاد الأوروبي يشير إلى أن عملية صنع السياسة الاقتصادية قد تكون مهددة بالتأثر بالسياسات الحزبية بدرجة أكبر مما توقعناه في السابق».
أما عن الدول الأوروبية، فقد أعلن «دويتشه بنك» الألماني أنه بدأ استعدادات أولية لاحتمالية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ويعد هذا البنك الألماني ثاني أكبر البنوك في منطقة اليورو من حيث الأصول، وله نشاط كبير في بريطانيا.
وتؤكد صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية أن أضرار الخروج من الاتحاد ستمتد لتطال الاتحاد الأوروبي كذلك، لأن المملكة المتحدة هي أكبر شريك تجاري لمنطقة اليورو، وتشكِل 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة بأسرها.
بينما توضح دراسة منظمة «برتلسمان ستيفتونغ» البحثية الألمانية أن «الاقتصاد الألماني سوف يتكبد خسائر تتراوح قيمتها ما بين 6.2 مليار جنيه إسترليني و41 مليار إسترليني (نحو 9.3 إلى 61.5 مليار دولار)، إذا ما خرجت بريطانيا بالفعل من تحت عباءة الاتحاد الأوروبي، لكن آيرلندا ولوكسمبورغ وبلجيكا ومالطة وقبرص سوف تواجه كلها خسائر تزيد على المتوسط.
ورغم المجهود المبذول في صياغة هذه التقديرات؛ فإنها تعتبر جزئية وغير مكتملة الدقة، ولكن بنك إنجلترا يدرس حاليا المخاطر الاقتصادية التي قد تنجم عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وقد تؤثر الدراسة التي يجريها المصرف المركزي البريطاني بشكل كبير على المناقشات الجارية حول مستقبل العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، وكان يفترض أن تبقى سرية؛ لكن بعض العناصر فيها أرسلت عرضا إلى صحيفة «الغارديان».
هذا بينما حذرت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وأثره على الاقتصاد البريطاني، معربة عن أمنيتها في بقاء البلاد عضوا في التكتل الأوروبي. وأكد صندوق النقد الدولي على أن الاقتصاد البريطاني أدى بشكل قوي وحقق تقدما كبيرا في آخر تقييم له، ورغم ذلك تحذر لاغارد من آفاق تصويت البريطانيين في الاستفتاء القادم على عضوية الاتحاد الأوروبي، قائلة: «إن عدم اليقين المرتبط بنتائج الاستفتاء على عضوية الاتحاد الأوروبي قد يغير تلك النظرة».
وقالت لاغارد، خلال مؤتمر صحافي إنها «تأمل جدا جدا» في عدم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مضيفة أن «اليقين دائما أفضل من عدم اليقين».
كما أشار الصندوق إلى الخطر الذي سيتعرض له الناس المثقلون بالديون من خلال كونهم عرضة «لصدمات الدخل وسعر الفائدة»، وتعرب المنظمة عن قلقها أيضا من ارتفاع أسعار المنازل ومن العجز في الميزان الجاري، وهو مقياس لموقف التجارة والاستثمار في المملكة المتحدة مع بقية العالم، والذي لا يزال كبيرا عند 3.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، على الرغم من التحسن الذي حدث مؤخرا.
وصرحت لاغارد أن مسؤولي الصندوق سيدرسون مميزات وعيوب وتكاليف العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي خلال اجتماع الصندوق في مايو (أيار) المقبل مع نشر نتائج التقرير الذي يقيم كامل مخاطر الخروج من الاتحاد.
ومن الواضح أن الشعب الإنجليزي قد تأثر بهذه البيانات الاقتصادية السلبية، فقد ذكر مسح أجراه مركز «بيو» للأبحاث أن نسبة تأييد البريطانيين للبقاء في الاتحاد الأوروبي ارتفعت إلى 55 في المائة، بعد أن كانت 50 في المائة قبل عام، و46 في المائة في 2013. وأضاف أن 36 في المائة من البريطانيين يرغبون في الخروج من الاتحاد الآن. كما يتضح أن نسبة تأييد البقاء في الاتحاد الأوروبي تزداد بين البريطانيين الشبان.
على الجانب الآخر، يقول معارضو البقاء في الاتحاد الأوروبي إن بريطانيا ستكون في وضع أفضل فيما يتعلق بالتجارة مع العالم من خارج الاتحاد الأوروبي، خاصة أن مصادر نمو الاقتصاد العالمي الآن تأتي من الدول الناشئة وليس من الاتحاد، ثم إنهم يرون أن الاقتصاد الخامس في العالم يمكنه العيش خارج الاتحاد الأوروبي، وأنه ينبغي على أوروبا أن تكون سوقًا مشتركة وليس بلدًا مشتركا، فيحتفظون بالمكاسب الاقتصادية دون تحمل مشاكل المهاجرين. وترى بريطانيا أن قوانين الاتحاد الأوروبي هي السبب في تدفق المهاجرين إليها، هؤلاء الذين أثروا على مستوى المعيشة والنسيج الاجتماعي، وتشير الأرقام الصادرة أخيرًا عن «لندن سكوول أوف إيكونوميكس» إلى أن عدد المهاجرين غير الشرعيين يناهز 863 ألف مهاجر في المملكة المتحدة، وهم يشكلون عبئًا ماديا على الخدمات العامة كالتعليم والصحة تبلغ قيمته 3.67 مليارات جنيه إسترليني سنويًّا.
وطالبت بريطانيا بوضع آلية للتحكم في حركة المهاجرين الوافدين إلى المملكة المتحدة من بلدان أوروبا والسيطرة على الحدود البريطانية، إلا أن مطالبها لم تنفذ.
وما بين خسائر أو مكاسب البقاء أو الرحيل، يصعب التكهن بنتيجة الاستفتاء، ولكن من المرجح أن تبقى ورقة الاستفتاء وسيلة ضغط جيدة في يد البريطانيين عندما تعود المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي في فبراير القادم.
* الوحدة الاقتصادية
بـ«الشرق الأوسط»



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.