في أول رد فعل على قرار «الفيدرالي الأميركي» برفع معدل الفائدة لأول مرة منذ أكثر من تسع سنوات، قادت أسهم البنوك السعودية تعاملات السوق المالية المحلية، نحو اختراق حاجز 7 آلاف نقطة من جديد، وسط سيولة نقدية تعد الأولى منذ نحو ثلاثة أشهر متتالية.
وتزامن قرار «الفيدرالي الأميركي» وما تبعه من تجاوب من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي في البلاد)، مع خبر إيجابي آخر شهدته تعاملات الأسهم السعودية؛ إذ أعلنت شركة «سابك»، (إحدى كبرى شركات الصناعات البتروكيماوية في العالم) عقب إغلاق تعاملات أول من أمس، عن توزيع أرباح نقدية بنحو ثلاثة ريالات (0.8 دولار) عن النصف الثاني من العام الحالي، وهو الإعلان الذي قاد سهم الشركة إلى الارتفاع بأكثر من 4 في المائة، مما أثر إيجابا على تعاملات سوق الأسهم المحلية.
ويعكس التوزيع النقدي المرتفع لسهم شركة «سابك» مدى قدرة شركات البتروكيماويات، والاقتصاد السعودي بشكل كامل، على امتصاص أزمة انخفاض أسعار النفط؛ إذ بات اقتصاد البلاد يسير بشكل ملحوظ نحو مستقبل واعد، في وقت تبرز فيه التحركات الإيجابية لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
وفي هذا الإطار، نجح مؤشر سوق الأسهم السعودية خلال تعاملاته أمس الخميس (آخر أيام تعاملات الأسبوع)، في اختراق حاجز سبعة آلاف نقطة، محققًا بذلك ارتفاعًا تبلغ نسبته نحو 2.6 في المائة، بمكاسب بلغ حجمها نحو 179 نقطة، لينهي بذلك تعاملاته عند حاجز 7046 نقطة، وسط تداولات نشطة بلغت قيمتها 7.8 مليار ريال (2.08 مليار دولار)، وهي السيولة النقدية الأعلى منذ نحو ثلاثة أشهر.
وشهدت تعاملات سوق الأسهم السعودية، أمس، ارتفاعًا لمعظم أسهم الشركات المدرجة، تتقدمها أسهم قطاع البنوك والمصارف بقيادة سهم «مصرف الراجحي» المرتفع بـ6 في المائة عند 53.58 ريال (14.2 دولار)، فيما ارتفعت أسهم «الأهلي التجاري»، و«بنك الرياض»، و«مصرف الإنماء»، وبنك «ساب» و«العربي الوطني»، و«بنك البلاد»، بنسب تتراوح بين اثنين وسبعة في المائة.
وكانت أسهم شركات «شاكر»، و«طيبة»، و«بوبا العربية»، ومصرف «الإنماء»، و«بنك البلاد»، الأكثر ارتفاعًا في سوق الأسهم السعودية مع ختام تعاملات الأسبوع أمس، فيما جاءت أسهم شركات «طباعة وتغليف»، و«صناعة الورق»، و«المراعي»، و«اتحاد الاتصالات»، الأكثر انخفاضا.
وتأتي هذه الارتفاعات الملحوظة في أسهم البنوك والمصارف السعودية المدرجة في تعاملات السوق المالية المحلية، عقب قرار «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي»، مساء أول من أمس، رفع معدل الفائدة لأول مرة في أكثر من تسع سنوات، بمقدار ربع نقطة إلى النطاق ما بين 0.25 في المائة و0.50 في المائة، وهو القرار الذي أعقبه مباشرة قرار آخر لمؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) برفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس (الريبو العكسي) من 25 نقطة أساس إلى 50 نقطة أساس، فيما قررت إبقاء معدل اتفاقيات إعادة الشراء (الريبو) عند مائتي نقطة أساس.
وأعقب قرار «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي»، ارتفاع في الأسهم الأميركية في ختام تعاملاتها مساء أول من أمس، بعد أن أعلن «مجلس الاحتياطي» رفع سعر الفائدة الرئيسي للمرة الأولى في أكثر من تسع سنوات، في علامة على الثقة في الاقتصاد الأميركي.
وتعليقًا على هذه التطورات، أكد الدكتور غانم السليم الخبير الاقتصادي والمالي، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن البنوك السعودية من أكثر القطاعات المستفيدة من قرار رفع معدل الفائدة، وقال: «أمام البنوك فرصة جديدة لرفع معدلات ربحيتها، وفي اعتقادي أن القرار مهم بالنسبة لها».
وتوقع السليم خلال حديثه أن يساهم قرار رفع معدل الفائدة في خفض معدلات التضخم، مبينًا أن الاقتصاد السعودي أمام مرحلة جديدة من شأنها رفيع وتيرة الإنتاج، وتنويع قنوات الاقتصاد، وتعزيز دور القطاع الخاص.
وتأتي هذه التطورات، في الوقت الذي بات فيه الأمن والاستقرار الذي تنعم به السعودية، من أهم الأسباب المحفزة للنمو الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، كما أنه من أهم الأدوات التي قادت الاقتصاد المحلي إلى تجاوز جميع الأزمات المالية التي لحقت بكثير من الدول خلال السنوات القليلة الماضية، كالأزمة العالمية التي انهارت على أثرها بنوك أميركية خلال عام 2008، والأزمة الأوروبية التي عصفت باليونان ودول المنطقة خلال الأشهر الماضية، وصولاً إلى شبح تأرجح الاقتصاد الصيني خلال المرحلة الحالية.
وفي الوقت الذي تتراجع فيه أسعار النفط (فقدت نحو 60 في المائة من قيمتها خلال 12 شهرًا)، تبدي السعودية ثقة كبرى في المضي قدمًا نحو تنفيذ مشروعاتها التنموية، واستكمال ملفات تطوير البنى التحتية، بالإضافة إلى استمرار الإنفاق على ملفات أخرى مهمة كالإسكان، والصحة، والتعليم.
وفي اعتراف دولي جديد، حدد تقرير التنافسية الدولي لعام 2015 - 2016 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عددًا من نقاط القوة التي يمتلكها الاقتصاد السعودي لتحقيق مزيد من النمو وتعزز من فرص رفع درجة تنافسيته عالميًا، والمحافظة بالتالي على مراكز الصدارة التي يحتلها - حاليًا - على مستوى دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ومن أهم العوامل التي أشار إليها التقرير بوصفها نقاط قوة تتمتع بها السعودية اقتصاديا: التوقعات الإيجابية من حيث الاستمرار في تحقيق معدلات نمو جيدة، وتوافر الأمن والاستقرار في السعودية، وتدني الدين العام والتضخم نسبيا، كذلك ارتفاع نسبة الادخار إلى الناتج المحلي الإجمالي، وتحسن البنية التحتية بشكل عام، خاصة في الكهرباء والنقل الجوي وغيرهما من مشروعات البنى التحتية التي تشهدها مناطق السعودية كافة، إضافة إلى سلامة أوضاع البنوك، وتوافر أحدث التقنيات، وحجم السوق المحلية. كما أشار إلى انتشار التعليم الأساسي، وتدني نسبة تفشي الأمراض المعدية.
من جانبها، تفاعلت أسواق الأسهم العالمية إيجابيا، بما فيها غالبية الأسواق الخليجية، التي تعاملت بهدوء أمس، مع أول رفع لسعر الفائدة الأميركية في تسع سنوات، بما يشير إلى أن معظم المستثمرين يثقون في قدرة المنطقة على حماية ربط عملاتها بالدولار في المستقبل المنظور.
وسعت ثلاثة بنوك مركزية خليجية (السعودي والكويتي والبحريني) إلى الدفاع عن عملات دولها عن طريق رفع أسعار الفائدة بالقدر نفسه في غضون نصف ساعة من قرار مجلس الاحتياطي. وحذا مصرف الإمارات المركزي حذوهم أمس.
وارتفعت أسعار الفائدة بسوق النقد قصير الأجل في الخليج ارتفاعا متوسطا أمس، لكن العملات لم تكد تتحرك في سوق الصرف الآجلة، في حين استقرت أسعار السندات.
وصعدت أسهم البنوك مع مراهنة المستثمرين على أن رفع أسعار الفائدة في الداخل والخارج سيوسع هوامش إقراض البنوك.
وقال مديرو صناديق إن تجاوب الأسواق أظهر أن المستثمرين يثقون في قدرة الخليج على اجتياز حقبة رفع أسعار الفائدة حتى إذا أدى تشديد الائتمان وتراجع أسعار النفط إلى كبح النمو الاقتصادي.
أسهم البنوك السعودية تتجاوب مع قرار «الفيدرالي الأميركي» وتقفز بمؤشر السوق
في أول رد فعل على رفع معدلات الفائدة
أسهم البنوك السعودية تتجاوب مع قرار «الفيدرالي الأميركي» وتقفز بمؤشر السوق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة