هجوم عنيف على ثكنتين عسكريتين في بوروندي يخلف عشرات القتلى

تسبب في توقف الحركة بالعاصمة وإغلاق المدارس.. واستنفار السفارات الغربية

خبير مفرقعات يعاين آثار الانفجار الذي تعرض له سابقا أحد أسواق العاصمة نيروبي، وخلف عدة قتلى و 70 جريحا (غيتي)
خبير مفرقعات يعاين آثار الانفجار الذي تعرض له سابقا أحد أسواق العاصمة نيروبي، وخلف عدة قتلى و 70 جريحا (غيتي)
TT

هجوم عنيف على ثكنتين عسكريتين في بوروندي يخلف عشرات القتلى

خبير مفرقعات يعاين آثار الانفجار الذي تعرض له سابقا أحد أسواق العاصمة نيروبي، وخلف عدة قتلى و 70 جريحا (غيتي)
خبير مفرقعات يعاين آثار الانفجار الذي تعرض له سابقا أحد أسواق العاصمة نيروبي، وخلف عدة قتلى و 70 جريحا (غيتي)

أعلنت مصادر متطابقة لوكالة الصحافة الفرنسية أن مسلحين شنوا فجر أمس هجومين متزامنين على ثكنتين عسكريتين في شمال بوجمبورا وجنوبها، وتم صدهما بعد ساعات من مواجهات عنيفة أسفرت عن سقوط «عشرات القتلى»، ومباشرة بعد ذلك صرح جان كلود كاريروا، مساعد الناطق باسم الرئيس بيار نكورونزيزا، أن الرئيس دعا إلى جلسة طارئة لمجلس الوزراء، سيخصص لمواجهة الوضع الحالي.
وبينما قال ضابط كبير في الجيش، طالبا عدم كشف اسمه، إن «رجالا مدججين بالسلاح هاجموا ثكنة نغاغارا، والمعهد العالي للكوادر العسكرية.. لكن بعد مواجهات استمرت أكثر من ساعتين (...) تم صد مهاجمي المعهد العالي للكوادر العسكرية»، و«قتل كل مهاجمي ثكنة نغاغارا تقريبا»، قال متحدث باسم الجيش إن 12 متمردا هاجموا قواعد عسكرية في العاصمة أمس قتلوا، واعتقل 20 آخرون. كما أصيب خمسة جنود أيضا عندما اقتحم المهاجمون قواعد العاصمة العسكرية بهدف الحصول على أسلحة لإطلاق سراح سجناء.
من جانبه، قال مستشار لرئيس بوروندي، إن مطار العاصمة بوجمبورا ما زال يعمل، لكن بعض شركات الطيران ألغت رحلات بعد الهجوم، الذي أدى أيضا إلى توقف تام بوسط المدينة، كما أغلقت المدارس، وتعذر على الناس الذهاب لأعمالهم، بعد أن أكد شهود أن اشتباكات وقعت في عدة أحياء، من بينها نجاجارا وموساجا، ونياكابيجا وكانيوشا، فيما تحدث شهود يقيمون حول الثكنتين عن مواجهات عنيفة جدا، وانفجارات وإطلاق نار استمر لساعات.
وعلى إثر ذلك، دعت سفارات الولايات المتحدة وبلجيكا، وفرنسا وهولندا والأمم المتحدة رعاياها أو موظفيها إلى البقاء في منازلهم، إذ قال دبلوماسي غربي إن «الخروج من المدينة أصبح غير وارد حاليا، ومواطنينا تلقوا أوامر بملازمة أماكنهم»، معتبرا أن ما حدث «تصعيد مقلق جدا لأن الأمر يتعلق بعمليات عسكرية، أو لقوات شبه عسكرية حقيقية تجري في العاصمة».
وقال مسؤول كبير في أجهزة الأمن، طالبا عدم كشف هويته، إن المتمردين في موساغا «دخلوا معسكر باز، حيث كان لديهم شركاء على الأرجح ثم تبعتهم تعزيزات، واستولوا على أسلحة قبل أن يتوجهوا إلى المعهد العالي للكوادر العسكرية»، مضيفا أن جنود ثكنة موها قاموا بعد ذلك بمهاجمة المتمردين في المعهد وطردوهم.
وتشهد بوروندي منذ نهاية أبريل (نيسان) الماضي أزمة سياسية خطيرة تخشى الأسرة الدولية أن تؤدي إلى مجازر على نطاق واسع.
وقد تدهورت الأوضاع بشكل أكثر حدة وعنفا منذ إعادة انتخاب الرئيس بيار نكورونزيزا لولاية ثالثة الصيف الماضي، حيث تدور اشتباكات بين جماعات مسلحة وقوات الأمن الحكومية.
وبسبب هذا الوضع المتردي قال بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، لمجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي إن بوروندي على شفا حرب قد تكون لها «آثار كارثية في منطقة هشة بالفعل»، لكنه استبعد وجود حاجة عاجلة لنشر قوات حفظ سلام تابعة للمنظمة الدولية.
وقتل مئات الأشخاص، وفر عشرات الآلاف من الدولة الأفريقية خلال أشهر من العنف، الذي بدأ عندما قرر الرئيس الترشح لولاية ثالثة، وفاز في انتخابات متنازع عليها في يوليو (تموز) الماضي.
وفي الشهر الماضي طلب مجلس الأمن، المؤلف من 15 عضوا، من بان تقديم خيارات لتعزيز وجود الأمم المتحدة في بوروندي، وسط قلق دولي متزايد من أن العنف قد يتصاعد إلى صراع عرقي.
وحدد كي مون ثلاثة خيارات لإزالة التوترات في البلد، وهي إرسال بعثة للأمم المتحدة لحفظ السلام، أو بعثة سياسية خاصة، أو فريق دعم لمستشاره الخاص بشأن بوروندي جمال بن عمر، وأوصى المجلس أيضا «بمراجعة تفويض وجود الأمم المتحدة لأن الوضع على الأرض يتطور»، مؤكدا أن «بوروندي تقف على شفير نزاع مسلح آخر قد يكشف عن سنوات من العمل المضني لتعزيز السلام، والحفاظ عليه، وقد يكون له آثار كارثية حقا».
وبدأت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بالفعل التخطيط الطارئ لاحتمال نشر قوات حفظ سلام دولية في حال تفاقم أعمال العنف. ومن شأن هذه الخطوة أن تتطلب الحصول أولا على إذن مجلس الأمن.



إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا حول اتفاق الأخيرة مع إقليم أرض الصومال على استخدام ساحلها على البحر الأحمر.

وقال إردوغان، في اتصال هاتفي، الجمعة، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن «بإمكان تركيا التوسط لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة». وبحسب بيان للرئاسة التركية، تناول إردوغان مع البرهان، خلال الاتصال الهاتفي، العلاقات بين تركيا والسودان، وقضايا إقليمية وعالمية، وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار في السودان والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته ومنع تحوله إلى ساحة للتدخلات الخارجية، من المبادئ الأساسية لتركيا.

ولفت إردوغان، بحسب البيان، إلى أن تركيا توسطت لحل الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق بين البلدين سيساهم في السلام بالمنطقة.

اتهامات متبادلة

ودأب قادة الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم قوات «الدعم السريع» وتزويدها بالأسلحة والمعدات. وتقدم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، بشكوى رسمية ضدها، واتهمها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم «قوات الدعم السريع» بمساعدة من تشاد، طالباً إدانتها، بيد أن أبوظبي فندت تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر للأدلة الموثوقة.

وفي المقابل وجهت دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل (نيسان)، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان بعد عام من الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأكدت أنها «ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية».

الشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح البرهان في أبو ظبي 14 فبراير (أ.ف.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، بحث رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها»، وأكد حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان.

تعهدات تركية للبرهان

ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن مجلس السيادة السوداني، فإن الرئيس إردوغان تعهد للبرهان باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية التركية للسودان، وباستئناف عمل الخطوط الجوية التركية قريباً، وباستعداد بلاده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في الزراعة والتعدين.

وذكر السيادي أن البرهان أشاد بمواقف تركيا «الداعمة للسودان»، وجهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم، ودورها في معالجة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، ودورها في الملف السوري، مبدياً ترحيبه بأي دور تركي لوقف الحرب «التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة». ودعا البرهان لتعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين إردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

حضور تركي في القرن الأفريقي

وقطعت تركيا، الأربعاء الماضي، خطوة كبيرة على طريق حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا، بعد جولات من المباحثات بين الطرفين في إطار ما عرف بـ«عملية أنقرة»، يراها مراقبون ترسيخاً للحضور التركي القوي في منطقة القرن الأفريقي.

إردوغان يتوسط الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الصومالي، آبي أحمد، في مؤتمر صحافي مع إردوغان مساء الأربعاء، أعقب 8 ساعات من المفاوضات الماراثونية سبقتها جولتان من المفاوضات في أنقرة في الأشهر الماضية، أنهما قررا بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر، بحسب ما ورد في «إعلان أنقرة». وقبل الطرفان العمل معاً على حل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي تسببت في زيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وقال إردوغان إن البلدين الجارين توصلا، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة، إلى اتفاق «تاريخي» ينهي التوترات بينهما.

وبحسب نص إعلان أنقرة، الذي نشرته تركيا، اتفق البلدان على «التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك، والعمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولاً إلى البحر «موثوقاً به وآمناً ومستداماً تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية».

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر، قائلاً: «أعتقد أنه من خلال الاجتماع الذي عقدناه سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر لإثيوبيا».

إردوغان مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي عقب توقيع إعلان أنقرة (الرئاسة التركية)

وتدخلت تركيا في النزاع بطلب من إثيوبيا، التي وقعت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال»، التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، وتشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستغلال 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لمدة 50 عاماً مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

ترحيب دولي

ورحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه إردوغان في أنقرة، ليل الخميس – الجمعة، بنجاح تركيا في التوصل إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا. كما رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، وأشاد بدور الوساطة الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص.

وترتبط تركيا بعلاقات قوية بإثيوبيا، كما أصبحت حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القليلة الماضية. وافتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، وتقدم تدريباً للجيش والشرطة الصوماليين.

وبدأت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة في الصومال تمثل كل منها مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وجاء توقيع المذكرة بعد شهر واحد من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تقدم تركيا بمقتضاها دعماً أمنياً بحرياً للصومال، لمساعدته في الدفاع عن مياهه الإقليمية لمدة 10 سنوات.