على مدار نحو مائتي عام، قدمت مدرسة كاتدرائية سان باتريك القديمة الواقعة على شارعي برينس وموت خدماتها التعليمية إلى الأطفال المحليين، لتستوعب تحت مظلتها أجيال المهاجرين المتعاقبة، من ألمان وآيرلنديين وإيطاليين ولاحقا لاتينيين وصينيين.. لكنها الآن، شأنها شأن الكثير من المباني التاريخية في مدينة نيويورك، التي كانت جزءًا من مجالها العام، تحول المبنى إلى وحدات سكنية وتاونهاوس تبدأ أسعارها من 7.74 مليون دولار.
المبنى المشيد على الطراز الفيدرالي، والمؤلف من 4 طوابق أقيم عام 1826. أي قبل وقت طويل من إطلاق اسم «نولتا» أو إيطاليا الصغرى الذي باتت تعرف به اليوم. كانت جمعية «سيسترز أوف شاريتي» شيدت المدرسة أمام كاتدرائية سان باتريك لتحل محل ملجأ أيتام ومدرسة أبراشية كانت قد أسستها في 1822. حسبما يفيد موقع الكاتدرائية على شبكة الإنترنت. وفي سنواتها الأولى، كانت المدرسة ديرًا أيضًا.
وبعد هذا التاريخ بأجيال، التحق المخرج مارتن سكورسيزي بالمدرسة، و«عانى تحت رعاية سيترز أوف شاريتي»، بحسب مقابلة نشرتها «نيويورك تايمز» عام 1998. وعلى مر السنين، جرى إضافة أجنحة إلى المبنى الأصلي لزيادة المساحة من أجل استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلاب.
ويقول أندرو سكوت دولكارت، مدير برنامج المحافظة على الموقع التاريخية في كلية الهندسة المعمارية والتخطيط وحفظ التراث في جامعة كولومبيا: «إنه تذكرة بأحد أوائل الأحياء السكنية في نيويورك.. كما أنه انعكاس للوجود الكاثوليكي المبكر في نيويورك».
لكن الحي تطور، وفي عام 2010 أغلقت المدرسة أبوابها بسبب تراجع أعداد الملتحقين بها، وقامت أبرشية نيويورك العام الماضي ببيعها مقابل 30.7 مليون دولار لشركتي «تايم إكويتيز» و«هاملين فينشرز». وبدأت الشهر الماضي مبيعات مجمع «ريزيدنسيس آت برنس» المؤلف من 7 وحدات سكنية في 34 شارع برنس على أن تكتمل بحلول الخريف المقبل. أما مبيعات وحدتي التاونهاوس، وهما جزء من عملية التطوير العقاري أيضًا، فلم تبدأ بعد. وتحتفظ الكنيسة بمساحة تبلغ 6100 قدم في المبنى للمكاتب الإدارية، فضلاً عن مساحة عامة في 32 شارع برنس.
وتقول ناتالي غرولون، 39 عامًا، التي تخرجت في المدرسة عام 1990 وتعمل الآن سكرتيرة في الكاتدرائية: «إنها جزء من التاريخ - أحيانًا أجدني لا أصدق أنها أغلقت». وتخرجت والدتها في ذات المدرسة كما عملت جدتها فيها. وتضيف «كانت بالتأكيد جزءًا مهمًا من حياتي».
ولأن المبنى المؤلف من 4 طوابق صنف كمعلم تاريخي، يتعين ترميم الواجهة القرميدية، بما في ذلك سطحه المنحدر الجميل ونوافذه الناتئة ومداخله المقوسة. لكن العملية شاقة، إذ أن العثور على نظير لقرميد عمره 200 عام يمثل تحديًا حقيقيًا. كما أنها أسفرت عن حدوث مفاجآت، مثل العثور على مخبأ للحصص الغذائية، اشتمل على لحم، ومقرمشات، و5 براميل تسع 5 جالونات من الماء، تعود إلى الحرب العالمية الثانية والتي كانت مخزنة في القبو.
أما الجزء الداخلي من المبنى، ولأنه ليس معلمًا تاريخيًا، فيجري تدميره. ويقام ملحق من 4 و6 طوابق في الحديقة الخلفية، على أن تحتل نحو نصف الوحدات المبنى القديم والجديد. وهكذا، بينما تعود الواجهة التاريخية إلى القرن التاسع عشر، فإن الأجزاء الداخلية حديثة بامتياز: الحمامات الرئيسية ستزين بأرضيات من رخام كرارة، وستحتوي على أدشاش بخارية وأحواض منحوتة قائمة بذاتها. أما التاونهاوس المؤلف من 7 طوابق الواقع على شارع موت، وهو مبنى جديد، فستكون واجهته زجاجية. ويقول جوناثان جيه مارفيل، رئيس مارفيل أركيتكتس التي تصمم المشروع إن «السحر الناتج عن الجمع بين كل هذه الطبقات التاريخية المختلفة يكمن في شعورك بأنك جزء من المكان».
ولن تكون أي من الوحدات متشابهة، كما أن جميعها ستكون فسيحة. وتمتد الوحدة المكونة من 3 غرف نوم، والمدرجة في قوائم الأسعار بـ7.74 مليون دولار، على دوبلكس بمساحة 3673 قدم مربع، كما ستحتوي على 3 شرفات. وتبلغ مساحة إحدى الوحدات بالمشروع 4778 قدمًا مربعة، وتتكون من 5 غرف نوم، وهي مدرجة بسعر 11.625 مليون دولار. وسوف يستمتع سكان الشقق السكنية بحديقة مشتركة واستوديو لممارسة اليوغا ومركز للياقة البدنية. أما التاونهاوس في شارع برنس فسيكون مؤلفًا من 6 غرف على مساحة تبلغ 9830 قدمًا مربعة، ويقدر سعره بـ25 مليون دولار.
وتشتمل بعض الشقق السكنية على مدافئ أصلية وحوائط من القرميد المكشوف وعوارض خشبية وأسقف جملون مرتفعة. وترتفع أسقف دوبلكس مؤلف من 5 غرف نوم، ومدرج بسعر 11.9 مليون دولار، إلى 23 قدما مربعة في بعض الغرف.
* خدمة «نيويورك تايمز»
خاص بـ«الشرق الأوسط»