انتقادات لأدوات «إف بي آي» في رصد المتطرفين

التهديد الأكبر الذي يواجه الطلبة الأميركيين اليوم هو عنف الأسلحة النارية.. وليس التشدد

مقر {إف بي آي} في العاصمة واشنطن (نيويورك تايمز)
مقر {إف بي آي} في العاصمة واشنطن (نيويورك تايمز)
TT

انتقادات لأدوات «إف بي آي» في رصد المتطرفين

مقر {إف بي آي} في العاصمة واشنطن (نيويورك تايمز)
مقر {إف بي آي} في العاصمة واشنطن (نيويورك تايمز)

يستعد مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) لتطبيق برنامج تفاعلي طوره من أجل المعلمين والطلبة بهدف تدريبهم على منع الشباب من الانجذاب إلى التطرف العنيف، لكن قادة المؤسسات الإسلامية والعربية والدينية الأخرى والحقوقيين الذين جرت دعوتهم لمراجعة البرنامج أبدوا اعتراضات شديدة بشأنه، مشيرين إلى أنه يولي تركيزًا شبه كامل للتطرف، الذي يقولون إنه لم يكن عاملاً في تفشي حوادث إطلاق النار في المدارس والهجمات في الولايات المتحدة الأميركية.
ويقود البرنامج، بحسب الذين شاهدوه في مقر «إف بي آي»، والذي يحمل اسم «لا تكن دمية»، المشاهد عبر سلسلة من الألعاب والنصائح التي تهدف إلى تعريفه بسبل رصد الأشخاص الذين قد يقعون فريسة للمتطرفين. ومع كل إجابة صحيحة، يقطع مقص واحدًا من خيوط الدمية حتى تتحرر منها جميعًا في النهاية.
وفي إطار الحملة ضد الإرهابيين من أمثال «داعش»، تصعد أجهزة إنفاذ القانون جهودها لرصد الأشخاص القابلين للتجنيد. ولجأت تلك الوكالات إلى التعاون وطلب المشورة من قادة المؤسسات الدينية والأهلية، لكن الجدل الذي ثار حول أداة مكتب التحقيقات الفيدرالي الجديدة على الإنترنت هو مؤشر آخر على غياب التوافق حول من ينبغي أن يشترك في رصد المشتبه بهم والإبلاغ عنهم، وأين يقع الحد الفاصل بين الوقاية والتمييز العرقي أو الديني.
من جهتها، قالت الناطقة باسم المكتب مساء يوم الأحد الماضي إن «إف بي آي» يطور موقعًا على الإنترنت مصممًا لتوفير الوعي بمخاطر مجندي التطرف العنيف على الإنترنت... مع إسهامات من طلبة ومعلمين وقادة أهليين».
وكان «إف بي آي» قد أبلغ المؤسسات الأهلية بأن البرنامج سيكون متاحًا على شبكة الإنترنت يوم الاثنين. وتحدث قادة هذه المؤسسات إلى أحد المراسلين بعدما علموا أن المكتب سيمضي قدمًا على الأرجح في خطته رغم مخاوفهم من أن البرنامج يشوه سمعة الطلبة العرب والمسلمين الذين هم بالفعل أكثر عرضة للتنمر.
وقال أرجون إس سيثي أستاذ القانون المساعد بمركز القانون بجامعة جورجتاون إن «المدرسين في الصفوف لا ينبغي أن يكونوا امتدادًا لإنفاذ القانون». وطلب «إف بي آي» من السيد سيثي المتخصص في مكافحة الإرهاب وإنفاذ القانون أن يقدم رأيه في البرنامج.
ويقول سيثي إن «البرنامج قائم على نظريات معيبة حول نشر الفكر المتطرف، وبالأخص إن الأفراد يتحولون إليه بنفس الطريقة وإن العملية برمتها يمكن رصدها... لكنها ليست كذلك، ويطلب مكتب التحقيقات الفيدرالي بالأساس من المدرسين والطلبة تمييز هذه الأمور».
وأضاف أن برنامج «إف بي آي» يضع «الأولويات في غير محلها». وقال: «التهديد الأكبر الذي يواجه الطلبة الأميركيين اليوم هو عنف الأسلحة النارية... وليس التطرف».
ويقول عدد من القادة الدينيين إن المدرسين لا يمتلكون دائمًا التدريب أو الحنكة اللازمة لتمييز المتطرفين، مستشهدين بحادثة الطالب المسلم في تكساس الذي اعتقل وقيد بالأصفاد بعدما اصطحب ساعة من صنعه إلى المدرسة.
وعقد «إف بي آي» عدة اجتماعات الصيف الماضي لتقديم برنامج الإنترنت، إلى جانب طرح استراتيجية أوسع لإشراك قادة المجتمع الأهلي في الوقاية من نشر الفكر المتطرف. وتلقت الجماعات العربية والإسلامية رسالة عبر البريد الإلكتروني تدعوها لحضور اجتماع لإبداء الرأي في البرنامج يوم 16 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ويتذكر عابد أيوب، مدير الشؤون السياسية والقانونية في اللجنة العربية الأميركية لمكافحة التمييز، قائلاً: «كانوا يتلقون ردود فعل سلبية من الجميع. كان اجتماعًا عصيبًا للغاية».
وتقول هدى هوى، مديرة الشؤون السياسية والتوعوية في مجلس الشؤون الإسلامية العامة: «كانوا يريدون من معلمي صفوف الدراسات الاجتماعية والتربية المدنية والحكومة عرض ذلك على طلبتهم... لكن أي شخص يمكنه الاطلاع على موقع الإنترنت».
لقد أبدت هوى وشخصيات أخرى ممن أجريت معهم المقابلات انزعاجهم على وجه الخصوص من سؤال تقول إنه يطلب من المستخدم تحديد أي رسالة من بين 4 أو 5 رسائل على مواقع التواصل الاجتماعي ينبغي أن تثير انزعاجه. ومن بين الخيارات التي يطرحها البرنامج على المستخدم شخص يعلن في رسالة نيته حضور مناسبة سياسية، أو شخص يحمل اسمًا عربيًا يتحدث عن الذهاب في «مهمة» خارج البلاد. وكانت الإجابة الصحيحة هي الرسالة التي يحمل صاحبها اسمًا عربيًا. وتقول السيدة هوى: «أي نوع من المهام؟ ربما كانت مهمة إنسانية، وقد تكون دينية».
أما السيد أيوب فقال: «لو عرض ذلك على طلبة المدارس المتوسطة والثانوية، فسيؤدي ذلك إلى التنمر بهؤلاء التلاميذ».
كان تقرير أصدرته لجنة مراجعة أحداث 11 سبتمبر (أيلول) في شهر مايو (أيار) الماضي قد خلص إلى أن «إف بي آي»، كوكالة لإنفاذ القانون والاستخبارات، ليست «أداة مناسبة» لإنتاج برامج الوقاية لمكافحة التطرف العنيف.

* خدمة «نيويورك تايمز»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.