ما زال من الشائع أن يواجه متهمون يحاكمون في مدن أميركية يشكل فيها السود 25 أو30 أو حتى 40 في المائة من السكان، هيئات محلفين جميع أعضائها من البيض.
في 1987 حكم على الشاب الأميركي الأسود تيموثي فوستر المتخلف عقليا، بالإعدام في جريمة قتل امرأة بيضاء. لكن قدم محاميه أمس الاثنين إلى المحكمة العليا للولايات المتحدة أدلة تثبت الانتقاء العنصري لهيئة المحلفين حينذاك. وأدين تيموثي فوستر بإجماع هيئة للمحلفين تتألف من 12 أبيض.
وتبين أنه استبعدت كل الأسماء التي وضع هذا الحرف أمامها خلال إجراءات تسمح للمدعي وللمحامين برفض عدد من المحلفين. وبعض قرارات الاستبعاد هذه مبررة، أي أنها عرضت على القاضي للموافقة عليها، أو قاطعة لا تحتاج إلى تبرير.
وهذه القضية ليست عادية على الإطلاق إذ إن الوثائق التي حصلت عليها هيئة الدفاع عن المدان الذي ما زال مهددا بالإعدام، تبدو مروعة. فعلى لائحة المدعوين للمشاركة في هيئة المحلفين في هذه القضية حينذاك كتب حرف «بي» أمام أسماء السود، أي «بلاك» (أسود بالإنجليزية).
والأسوأ كما يقول ستيفن برايت المدافع عن فوستر هو أن «هذه الوثائق تدل على أن المدعي أعد لائحة بالرفض المطلق، أي أشخاص يجب رفضهم بأي ثمن، وأن الأشخاص الخمسة الأوائل على هذه اللائحة التي تتألف من ستة أشخاص كانوا من السود والسادس محلف أعلن بوضوح معارضته لعقوبة الإعدام».
وأضاف هذا الخبير في القانون الجزائي الذي سلم عددا من الصحافيين نسخا من الوثائق قبل بداية الجلسة أن «أولوية المدعي كانت على ما يبدو رفض السود».
وهذا الموعد الجديد أمام أعلى هيئة قضائية في البلاد يضع الولايات المتحدة مجددا في مواجهة مشكلة العنصرية في اختيار المحلفين في المحاكمات، وإن كانت المحكمة العليا منعت رسميا في عدد كبير من قراراتها، استبعاد المحلفين لدوافع عنصرية.
وقالت كريستينا سوارنز الخبيرة في المسائل القضائية في الجمعية الوطنية لتقدم الملونين، أكبر منظمة للدفاع عن الأميركيين السود إن «المشكلة لم تختف وما زالت قائمة في الجنوب» حيث ما زالت الأحكام المسبقة العنصرية راسخة. وأضافت: «في غالبية الحالات، المدعي الذي يقوم بالانتقاء على أسس تمييزية ليس معرضا لأي عقوبة». وكشف تحقيق أجري في كادو باريش في ولاية وليزيانا أن السود معرضون أكثر من البيض بثلاث مرات لاستبعادهم من هيئة محلفين شعبية.
ومع ذلك تقول كريستينا سوارنز إن «دراسات أثبتت أن هيئات المحلفين المختلطة جديرة بالثقة أكثر بكثير من تلك التي تتألف من بيض فقط»، مشيرة إلى أن «هيئات المحلفين المختلطة تتناقش لفترات أطول وتدرج مزيدًا من الأدلة وترتكب أخطاء أقل مرتبطة بالوقائع وعلى استعداد أكبر لتصحيح النقاط غير الدقيقة». وفي مفارقة، يوضح روبرت دانهام مدير المعلومات حول عقوبة الإعدام لوكالة الصحافة الفرنسية، أن إمكان استبعاد محلفين الذي استقي من القانون الإنجليزي يهدف أساسا إلى حماية المتهم في مواجهة حكومة التاج.
ولكن تم توسيع هذا الحق إلى المدعين الذين يعرفون جيدا أن المحلفين البيض أقسى بكثير من هيئات المحلفين المتعددة الإثنية وإن الأقليات أقل ميلا إلى فرض عقوبة الإعدام.
وقبل جلسة استبعاد المحلفين، يجري اختيار هؤلاء على أساس استمارة طويلة من الأسئلة المكتوبة التي تسمح بتأكيد عدم أهلية الأفراد المتشددين أو الملتزمين بشكل كبير في القضايا.
وقال روبرت دانهام إن «مؤسسات قضائية عدة تعتمد مزيدا من الرفض التلقائي في الحالات التي قد تفرض فيها عقوبة الإعدام»، مشيرا إلى أن «تضافر الاستبعاد لعدم الأهلية والرفض التلقائي يؤثر على التوازن بما يضر المحلفين السود». وفي الأشهر الأخيرة شهدت الولايات المتحدة قضايا عدة تعكس تجذر العنصرية لدى بعض أفراد الشرطة.
وقالت كريستينا سوارنز: «بما أن هذه القضايا التي ترتدي طابعا عنصريا كبيرا تصل إلى المحاكم وتوضع أمام هيئات محلفين، فمن الضروري وجود عملية تشمل كل المواطنين المؤهلين لإصدار الأحكام».
هل اختيار هيئة محلفين من 12 فردًا أفضل طريقة لمحاكمات عادلة؟
الولايات المتحدة تواجه العنصرية في عملية انتقاء الطاقم
هل اختيار هيئة محلفين من 12 فردًا أفضل طريقة لمحاكمات عادلة؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة