علي سالم
كاتب ومسرحي مصري. تشمل أعماله 15 كتابا و27 مسرحية أغلبيتها روايات ومسرحيات كوميدية وهجائية، كما نشر تعليقات وآراء سياسية خاصةً بشأن السياسة المصرية والعلاقات بين العالم العربي وإسرائيل
TT

غرفة القراءة المسرحية

.. والمسرح ليس أدبًا، بل هو فن. فالأدب أداته اللغة، بينما الفن أداته الفعل. بالطبع هناك بينهما مساحات من الأرض المشتركة، غير أن المسرح يظل فنًا قائمًا على الفعل وأساسه فن التمثيل كما شرحت لك من قبل. ولأن النص المسرحي ليس أدبًا، فكاتبه ليس أديبًا بل هو فنان مارس التمثيل في مرحلة من حياته، من المستحيل أن تجد مؤلفًا مسرحيا ليس عاشقًا للتمثيل.
هناك بالفعل مائة ممثل داخل كل مؤلف مسرحي، وهناك أديب واحد داخل المؤلف الروائي. هكذا ترى أننا عدنا مرة أخرى إلى المكان الذي انطلقنا منه وهو التمثيل في المسرح بوصفه العامل الأساسي الذي حضر من أجله المتفرج. تعال نبتعد عن التعريفات التي لا يمكن الجزم بصحتها، ولنبحث عن طريقة منعدمة التكاليف تقريبًا نعرف منها جودة نص مسرحي كتبته أنت أو أحد أصدقائك. هل ننتظر إلى أن يظهر النص على خشبة المسرح بما يتطلبه ذلك من تكلفة (ديكور، وملابس، وأجور ممثلين، وأجر مخرج وطاقم الإخراج و.. و.. و..) ثم نكتشف بعد ذلك أن النص الذي كتبته سيادتك رديء لم يعجب أحدًا من المتفرجين في الصالة، وإن كان بعض النقاد أثنوا عليه.
الواقع أنه توجد طريقة عملية للكشف على المستوى الفني لأي نص مسرحي هي ما نسميه (غرفة القراءة المسرحية.. Dramatic reading room) وهي باختصار عملية تقديم العرض المسرحي محذوفًا منه كل العناصر ما عدا التمثيل. سيكون عدد الحاضرين قليلاً ولكنهم جميعًا من المهتمين الذوّاقة، وأنت ستقرأ عليهم مسرحيتك، من الأفضل بالطبع أن يشترك معك بعض الأصدقاء من الممثلين الهواة أو المحترفين، في هذه القراءة، سيجعل منها شيئًا أقرب من العرض على المسرح.
غير أن القراءة المسرحية ليست قاصرة على المؤلفين الجدد، والهدف منها ليس فقط التعرف على مستوى إبداعهم، من الممكن عمل هذه القراءة لمسرحية شهيرة أو لفصول منها وذلك بممثلين محترفين. وهذه الغرفة الخاصة بالقراءة الدرامية من الممكن أن تكون قاعة صغيرة في مبنى لهيئة مهتمة بالفن، أو حتى صالة المعيشة في بيت، أو حتى ركن في حديقة. المهم أن يتم ذلك بغير ميكروفونات، وبالمناسبة أنا أكره الميكروفونات في المسرح، وأرى أنها تفسد فن التمثيل المسرحي وتحوله إلى تمثيل إذاعي.
إن تقديم قراءات درامية بواسطة الهواة أو المحترفين، تثري الحركة الفنية وتجذب إليها المزيد من الشبان، وتفتح أجنحة المجتمع على عوالم جديدة.