خلف العرض الأول لشريط «شيخ الجامع الأعظم» الوثائقي الذي أخرجته التونسية إيمان ين حسين لصالح قناة «الجزيرة الوثائقية» حول مسيرة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور ضجة كبيرة في تونس باعتبار أنه تحامل على أحد رموز تونس في مجالات أصول الدين والعلم والفقه وأحد أهم رواد الإصلاح في تونس وأول شيخ لجامعة الزيتونة (مؤسسة علمية تعتمد على التعليم الديني) التابعة لجامع الزيتونة المعمور.
ولم يرضِ الشريط متابعيه من النقاد نظرًا لعدم عرضه لشهادات متنوعة لشخصيات عربية أو من بلدان المغرب العربي ممن أجرت عدة بحوث علمية حول مسيرة محمد الطاهر بن عاشور، كما لم يرضِ بعض أفراد عائلته التي لم تحضر العرض الأول على الرغم من أهمية الحدث والدعاية التي سبقته، غير أنه أرضى المخرجة التي التزمت الحياد، على حد قولها، وعرضت تفاصيل حياة الرجل دون مساحيق. ودافعت مخرجة الفيلم التونسية إيمان بن حسين عن عملها السينمائي بقولها إنها لا تخرج أفلامًا للتمجيد وإن شريطها لا يخدم الجهة المنتجة ولم تخرجه على مقاسها، على حد تعبيرها.
وأعاد شريط «شيخ الجامع الأعظم» عرض وكتابة جانب من تاريخ تونس خلال العقود الأولى من القرن الماضي. ورأى مطلعون ومقربون من عائلة بن عاشور، أن «جزءًا كبيرًا من الشريط فيه تحامل ومواقف صادمة ومسيئة في حق العلامة التونسي شيخ جامع الزيتونة المعمور». وتعرض لوسطه الاجتماعي ومكانته العلمية وإلى البصمات التي خلفها على مستوى بلدان المغرب العربي أو في المشرق من خلال شهادات لعدد من المؤرخين وأحفاده.
ومن خلال العرض الأول الذي احتضنته قاعة السينما «أفريكا» وسط العاصمة التونسية يوم الأربعاء الماضي، خصصت المخرجة التونسية إيمان بن حسين العشرين دقيقة الأولى لسرد إنجازات محمد الطاهر بن عاشور ومسيرته العلمية والنضالية مساهماته في إصلاح وتطوير التعليم الزيتوني، غير أن الشريط لم يسلم من تقديم انتقادات كثيرة لحياة أحد أعلام الدين في تونس وذلك على غرار موقفه من المؤتمر الأفخارستي (مؤتمر مسيحي في تونس) الذي عقد بداية عقد الثلاثينات من القرن الماضي، وكذلك مسألة تجنيس التونسيين من قبل سلطات الاحتلال الفرنسي (تمكين التونسيين من الجنسية الفرنسية) وحضوره عدة مؤتمرات عقدت في هذا الشأن. كما تضمن الشريط اتهامات مبطنة بسيطرة المستعمر الفرنسي على شيوخ جامع الزيتونة.
وفي ردها على تلك الاتهامات قالت بن حسين في تصريح للصحافيين إثر العرض الأول، إن «كل شخصية مهما كانت قيمتها التاريخية أو الدينية ليست معصومة من الخطأ، وإنها قدمت الإيجابيات تمامًا كما تعرضت للسلبيات». وأشارت إلى أنها اعتمدت في إعداد شريطها على وثائق رسمية وتاريخية.
والشيخ محمد الطاهر بن عاشور ولد سنة 1879 وتوفي سنة 1973، وقد اعتمدت المخرجة على صور وأشرطة مصورة توثق لحياته كلها باللونين الأبيض والأسود مما جعل المشاهد يعايش الأحداث ويغوص في مرحلة مهمة من تاريخ تونس المعاصر.
وبشان هذا الفيلم قالت نزيهة الغضباني الناقدة الفنية التونسية، إنه «سطحي وكلاسيكي في بعض جوانبه ولم ينزل الشخصيات في سياقها التاريخي والثقافي إلى درجة انه في بعض الفترات وعلى من قصره 50 دقيقة كان مملاً ورتيبًا».
و«شيخ الجامع الأعظم» هو ثالث شريط وثائقي تخرجه التونسية إيمان بن حسين بعد شريط «صالح بن يوسف: جريمة دولة؟» الذي أخرجته سنة 2011 وتعرضت من خلاله لجريمة اغتيال صالح بن يوسف الزعيم الوطني التونسي الذي عارض الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة ووقعت تصفيته في ألمانيا بداية عقد الستينات من القرن الماضي ووجهت أصابع الاتهام إلى نظام بورقيبة، وأخرجت كذلك شريط «المختفون» سنة 2012.
«شيخ الجامع الأعظم» شريط وثائقي تونسي يثير ضجة في عرضه الأول
مخرجة الفيلم: أنا لا أخرج أفلامًا للتمجيد
«شيخ الجامع الأعظم» شريط وثائقي تونسي يثير ضجة في عرضه الأول
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة