سمح اتفاق وقف إطلاق النار الذي تمّ التوصل إليه بين فصائل «جيش الفتح» والجانب الإيراني، في تركيا أول من أمس، للمحاصرين في مدينة الزبداني في الجنوب، وبلدتي الفوعة وكفريا في الشمال، بالتقاط أنفاسهم رغم الهدوء الحذر، وفتح الطريق أمام المفاوضين للبحث في قائمة اقتراحات طويلة ومسودة اتفاق تشمل وقف إطلاق النار في كل مناطق ريف دمشق.
وسرعان ما ترجم الاتفاق على الأرض في هذه المناطق التي لم تشهد طيلة أمس أي خرق عسكري؛ إذ لمس سكان هذه المناطق نتائج الاتفاق عبر البدء بإحصاء عدد الجرحى وعائلات المقاتلين الذين قد يتم إجلاؤهم.
ويبدو أن العامل الذي أعطى دفعًا قويًا لعملية التفاوض، ارتكز على مشاركة ممثل عن كل فصيل من فصائل «جيش الفتح» في هذه المفاوضات، وفق ما أكد مصدر بارز في المعارضة السورية في الشمال لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «بعدما كانت عملية التفاوض مع الإيراني مقتصرة على (أحرار الشام) دون سواها، انتدبت الفصائل المنضوية في (جيش الفتح) ممثلين عنها، ومنها (جبهة النصرة) و(الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام)»، مشيرًا إلى أنه «لا دور للنظام السوري وحزب الله في عملية التفاوض، فمن يتولى عملية التفاوض هو شخص إيراني ويقرر من دون الرجوع إليهما».
وعلى خلفية هدنة الزبداني والفوعة وكفريا التي اقتصرت حتى الآن على وقف الأعمال الحربية مؤقتًا، انتقل المفاوضون إلى بحث لائحة مقترحات تضم 25 بندًا وضعها الطرفان، وتنقسم إلى مرحلتين؛ الأولى يبدأ تطبيقها فور توقيع الاتفاق، والثانية تبدأ فور انتهاء المرحلة الأولى، من ضمنها هدنة تمتد لستة أشهر، تشمل وقفًا لإطلاق النار في الزبداني، ومضايا، وبقين، وسرغايا، والقطع العسكرية المحيطة بها (ريف دمشق)، إضافة إلى الفوعة، وكفريا، وبنش، وتفتناز، وطعوم، ومعرة مصرين، ومدينة إدلب، ورام حمدان، وزردنا، وشلخ (الشمال).
كما تشمل بنود اللائحة أيضًا، خروج كل المقاتلين من بلدة الزبداني مع الراغبين في مغادرتها من عائلاتهم. وتكون الوجهة الوحيدة لخروج المسلحين والجرحى والعائلات منطقة إدلب حصرًا، في موازاة خروج الراغبين من النساء والأطفال دون الثامنة عشرة والرجال فوق الخمسين من بلدتي الفوعة وكفريا، على ألا يزيد العدد على عشرة آلاف مواطن سوري. بالإضافة إلى إجلاء كل الجرحى قيد العلاج في الفوعة وكفريا.
وتشترط لائحة مطالب المعارضة «التعهد والالتزام بإطلاق سراح 500 معتقل من سجون النظام السوري، بعد إنجاز المرحلة الأولى والبدء بمباحثات المرحلة الثانية، ويشمل هذا العدد 325 امرأة، و25 حدثا، و150 رجلاً، من دون الالتزام بأسماء محددة أو مناطق معينة، على أن تكون تواريخ اعتقالهم سابقة للأول من شهر يوليو (تموز) 2015».
وعلى الرغم من البوادر الانفراجية، فإن مصدرا بارزا في الجيش السوري الحرّ توقّع أن يكون الاتفاق معقدًا جدًا، «لأن الثوار يفرضون شروطًا قاسية على الطرف الإيراني». وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعارضة ذاهبة إلى التفاوض بشروطها، بعد الإنجاز الذي حققته في كفريا والفوعة، وهذا ما دفع الإيراني إلى التفاوض تحت الضغط وتحت النار».
و«ما دام الطرف الآخر (الإيراني) هو من اختار الميدان معيارًا لأي عملية سياسية»، يشدد المصدر على أن «مفاوضي المعارضة يقدمون الآن اقتراحات موسعة تشمل وقف النار في مناطق واسعة من ريف دمشق، بالإضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين». ويرى أن «لا ضمانات لتنفيذ ما قد يتم الاتفاق عليه». ويجزم بأن «فشل التوصل إلى اتفاق سيدفع بالمعارضة إلى اقتحام الفوعة، وهذه نقطة ضعف المفاوض الإيراني».
وإذ لفت إلى أن ما نفذ حتى الآن هو «وقف إطلاق النار في الزبداني والفوعة وكفريا فقط»، أوضح أنه «في حال إقرار الاتفاق فسيشمل مضايا التي أدرجت ضمن بنود التفاوض»، مشيرًا إلى أن «الخرق الذي حصل في مضايا لا يهدد وقف إطلاق النار، لأنها ليست ضمن اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ ظهر الأحد».
في المقابل، لا يبدي المحاصرون في الزبداني تفاؤلاً كبيرًا ما دامت مضايا لا تزال عرضة للقصف وعمليات القنص. ويشير الناشط الإعلامي في الزبداني معن القلموني في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «مسلحي الزبداني حذرون جدًا من أي اتفاق يخرجهم من منطقتهم، وهم يخشون أن يتكرر سيناريو حي الوعر في حمص، في مضايا، لأنهم قد يخرجون المسلحين ويرتكبون المجازر بحق المدنيين وتنفذ عمليات انتقامية». وقال القلموني: «كل الحوارات تدور حول إخراج المسلحين من الزبداني وكذلك الجرحى وعائلات المسلحين، لكن لا أحد يعطينا ضمانات بعدم غدر النظام وحزب الله بنا، فهؤلاء قد ينصبون لنا الكمائن ويغدرون بنا».
وقال: «نحن لا نقبل بأقل من ضمانة أممية، وأن يكون إجلاء المسلحين برعاية ومواكبة من هيئات الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي، وأي طرح خلاف ذلك لن نقبل به ولن يجبرنا على الخروج من مناطقنا».
الهدنة تصمد في الفوعة والزبداني.. والمعارضة تضغط لوقف إطلاق النار في ريف دمشق
مقترحات تضم 25 بندًا وضعها الطرفان وتنقسم إلى مرحلتين
الهدنة تصمد في الفوعة والزبداني.. والمعارضة تضغط لوقف إطلاق النار في ريف دمشق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة