الهدنة تصمد في الفوعة والزبداني.. والمعارضة تضغط لوقف إطلاق النار في ريف دمشق

مقترحات تضم 25 بندًا وضعها الطرفان وتنقسم إلى مرحلتين

مقاتلون تابعون لحزب الله في بعلبك شرق لبنان يحملون جثامين رفاق لهم قتلوا في معارك بسوريا (أ.ف.ب)
مقاتلون تابعون لحزب الله في بعلبك شرق لبنان يحملون جثامين رفاق لهم قتلوا في معارك بسوريا (أ.ف.ب)
TT

الهدنة تصمد في الفوعة والزبداني.. والمعارضة تضغط لوقف إطلاق النار في ريف دمشق

مقاتلون تابعون لحزب الله في بعلبك شرق لبنان يحملون جثامين رفاق لهم قتلوا في معارك بسوريا (أ.ف.ب)
مقاتلون تابعون لحزب الله في بعلبك شرق لبنان يحملون جثامين رفاق لهم قتلوا في معارك بسوريا (أ.ف.ب)

سمح اتفاق وقف إطلاق النار الذي تمّ التوصل إليه بين فصائل «جيش الفتح» والجانب الإيراني، في تركيا أول من أمس، للمحاصرين في مدينة الزبداني في الجنوب، وبلدتي الفوعة وكفريا في الشمال، بالتقاط أنفاسهم رغم الهدوء الحذر، وفتح الطريق أمام المفاوضين للبحث في قائمة اقتراحات طويلة ومسودة اتفاق تشمل وقف إطلاق النار في كل مناطق ريف دمشق.
وسرعان ما ترجم الاتفاق على الأرض في هذه المناطق التي لم تشهد طيلة أمس أي خرق عسكري؛ إذ لمس سكان هذه المناطق نتائج الاتفاق عبر البدء بإحصاء عدد الجرحى وعائلات المقاتلين الذين قد يتم إجلاؤهم.
ويبدو أن العامل الذي أعطى دفعًا قويًا لعملية التفاوض، ارتكز على مشاركة ممثل عن كل فصيل من فصائل «جيش الفتح» في هذه المفاوضات، وفق ما أكد مصدر بارز في المعارضة السورية في الشمال لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «بعدما كانت عملية التفاوض مع الإيراني مقتصرة على (أحرار الشام) دون سواها، انتدبت الفصائل المنضوية في (جيش الفتح) ممثلين عنها، ومنها (جبهة النصرة) و(الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام)»، مشيرًا إلى أنه «لا دور للنظام السوري وحزب الله في عملية التفاوض، فمن يتولى عملية التفاوض هو شخص إيراني ويقرر من دون الرجوع إليهما».
وعلى خلفية هدنة الزبداني والفوعة وكفريا التي اقتصرت حتى الآن على وقف الأعمال الحربية مؤقتًا، انتقل المفاوضون إلى بحث لائحة مقترحات تضم 25 بندًا وضعها الطرفان، وتنقسم إلى مرحلتين؛ الأولى يبدأ تطبيقها فور توقيع الاتفاق، والثانية تبدأ فور انتهاء المرحلة الأولى، من ضمنها هدنة تمتد لستة أشهر، تشمل وقفًا لإطلاق النار في الزبداني، ومضايا، وبقين، وسرغايا، والقطع العسكرية المحيطة بها (ريف دمشق)، إضافة إلى الفوعة، وكفريا، وبنش، وتفتناز، وطعوم، ومعرة مصرين، ومدينة إدلب، ورام حمدان، وزردنا، وشلخ (الشمال).
كما تشمل بنود اللائحة أيضًا، خروج كل المقاتلين من بلدة الزبداني مع الراغبين في مغادرتها من عائلاتهم. وتكون الوجهة الوحيدة لخروج المسلحين والجرحى والعائلات منطقة إدلب حصرًا، في موازاة خروج الراغبين من النساء والأطفال دون الثامنة عشرة والرجال فوق الخمسين من بلدتي الفوعة وكفريا، على ألا يزيد العدد على عشرة آلاف مواطن سوري. بالإضافة إلى إجلاء كل الجرحى قيد العلاج في الفوعة وكفريا.
وتشترط لائحة مطالب المعارضة «التعهد والالتزام بإطلاق سراح 500 معتقل من سجون النظام السوري، بعد إنجاز المرحلة الأولى والبدء بمباحثات المرحلة الثانية، ويشمل هذا العدد 325 امرأة، و25 حدثا، و150 رجلاً، من دون الالتزام بأسماء محددة أو مناطق معينة، على أن تكون تواريخ اعتقالهم سابقة للأول من شهر يوليو (تموز) 2015».
وعلى الرغم من البوادر الانفراجية، فإن مصدرا بارزا في الجيش السوري الحرّ توقّع أن يكون الاتفاق معقدًا جدًا، «لأن الثوار يفرضون شروطًا قاسية على الطرف الإيراني». وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعارضة ذاهبة إلى التفاوض بشروطها، بعد الإنجاز الذي حققته في كفريا والفوعة، وهذا ما دفع الإيراني إلى التفاوض تحت الضغط وتحت النار».
و«ما دام الطرف الآخر (الإيراني) هو من اختار الميدان معيارًا لأي عملية سياسية»، يشدد المصدر على أن «مفاوضي المعارضة يقدمون الآن اقتراحات موسعة تشمل وقف النار في مناطق واسعة من ريف دمشق، بالإضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين». ويرى أن «لا ضمانات لتنفيذ ما قد يتم الاتفاق عليه». ويجزم بأن «فشل التوصل إلى اتفاق سيدفع بالمعارضة إلى اقتحام الفوعة، وهذه نقطة ضعف المفاوض الإيراني».
وإذ لفت إلى أن ما نفذ حتى الآن هو «وقف إطلاق النار في الزبداني والفوعة وكفريا فقط»، أوضح أنه «في حال إقرار الاتفاق فسيشمل مضايا التي أدرجت ضمن بنود التفاوض»، مشيرًا إلى أن «الخرق الذي حصل في مضايا لا يهدد وقف إطلاق النار، لأنها ليست ضمن اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ ظهر الأحد».
في المقابل، لا يبدي المحاصرون في الزبداني تفاؤلاً كبيرًا ما دامت مضايا لا تزال عرضة للقصف وعمليات القنص. ويشير الناشط الإعلامي في الزبداني معن القلموني في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «مسلحي الزبداني حذرون جدًا من أي اتفاق يخرجهم من منطقتهم، وهم يخشون أن يتكرر سيناريو حي الوعر في حمص، في مضايا، لأنهم قد يخرجون المسلحين ويرتكبون المجازر بحق المدنيين وتنفذ عمليات انتقامية». وقال القلموني: «كل الحوارات تدور حول إخراج المسلحين من الزبداني وكذلك الجرحى وعائلات المسلحين، لكن لا أحد يعطينا ضمانات بعدم غدر النظام وحزب الله بنا، فهؤلاء قد ينصبون لنا الكمائن ويغدرون بنا».
وقال: «نحن لا نقبل بأقل من ضمانة أممية، وأن يكون إجلاء المسلحين برعاية ومواكبة من هيئات الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي، وأي طرح خلاف ذلك لن نقبل به ولن يجبرنا على الخروج من مناطقنا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».