اتخذت طائرات استطلاع روسية مجالاً جويًا خاصًا بها في سوريا، يمتد من الساحل غربًا حتى ريف حمص الشرقي شرقًا، من غير أن تصل إلى المجال الجوي الذي تنشط فيه طائرات أميركية تشارك ضمن التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب في سوريا، في ريف حلب الشرقي والرقة ودير الزور والحسكة في شمال البلاد، منعًا للتصادم بينهما، كما قال معارضون سوريون.
ورصد ناشطون سوريون طائرات استطلاع روسية تحلق فوق ريفي اللاذقية وإدلب في شمال غربي سوريا، وتصل إلى سهل الغاب بريف حماه الغربي والشمالي، كما رصدت تلك الطائرات في تدمر بريف حمص الشرقي. وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، إن «تلك الطائرات تمسح المنطقة ميدانيًا وتجمع بنك أهداف لها في مناطق وجود المقاتلين الشيشانيين والتركستان والأوزبك والطاجيك والمتحدرين من آسيا الوسطى في شمال غربي سوريا، إضافة إلى مناطق نفوذ تنظيم داعش في ريف حمص الشرقي».
والتقت تلك المعلومات مع إعلان مسؤولين أميركيين أن روسيا بدأت مهام استطلاع بطائرات بلا طيار في سوريا في أولى العمليات الجوية العسكرية التي تجريها في سوريا، منذ تسارع وتيرة تعزيزاتها في قواعد جوية على الساحل، بحسب ما نقلت عنهما وكالة «رويترز».
وقالت إن «المسؤولين لم يتمكنوا من تحديد عدد الطائرات بلا طيار المشاركة في مهام الاستطلاع، في حين أحجمت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) عن التعليق».
وأوضح عبد الرحمن، أن المجال الجوي الذي تحلق فيه طائرات الاستطلاع الروسية حتى اللحظة لا يوجد فيه سلاح الجو الأميركي، شارحًا أن الطائرات الأميركية نادرًا ما تنفذ غارات في مناطق ريف إدلب، وقد نفذتها ثلاث مرات خلال عام مستهدفة مناطق محددة، مشددًا على ألا تضارب في مناطق التحليق. وأشار إلى أن مناطق انتشار الطائرات الروسية تقع فوق إدلب وسهل الغاب وريف حماه الغربي والشمالي والشرقي، إضافة إلى تدمر، وهي مناطق يقاتل فيها الإيرانيون على الأرض، مما يؤكد التنسيق بين موسكو وطهران.
ولفت عبد الرحمن إلى أن المناطق الخاضعة لعمليات المسح الجوي للميدان، يشير إلى أن الروس ينوون إبعاد قوات المعارضة عن مناطق نفوذ النظام ومعاقله، مشيرًا إلى أن عمليات الرصد كانت موجودة منذ فترة سبقت إنزال مقاتلين روس في اللاذقية، لكن عمليات المسح في هذه الفترة تضاعفت بوتيرة أكبر مما كانت عليه في السابق.
كما شدد على أن سلاح الجو الروسي لم يبدأ بعد بتنفيذ أي ضربة جوية في سوريا، إذ يقتصر التحليق على طائرات استطلاع، إضافة إلى رصد طائرات شحن عملاقة تعبر فوق سوريا باتجاه الغرب.
وكان ناشطون، رصدوا الأسبوع الماضي في منطقة الحولة بريف حمص، طائرة شحن عسكرية روسية من طراز «إليوشين»، ترافقها أربع طائرات مقاتلة أثناء مرورها في أجواء المنطقة، قبل أن تتوجه غربًا. ونشرت صفحات إلكترونية معارضة عن مقطع فيديو يظهر الطائرة ومرافقاتها.
وينفي المعارضون أي قدرة لهم على تحديد نوع الطائرات التي تحلق، وما إذا كانت مقاتلات روسية تحلق في الأجواء، نظرًا لأن سلاح الجو السوري، هو أسطول روسي في الأساس، مما يعذر معرفة ما إذا كانت طائرات «الميغ» التي تحلق روسية أم سوريا، بحسب ما يقول المستشار القانوني للجيش السوري الحر أسامة أبو زيد لـ«الشرق الأوسط»، مؤكدًا أن ما نستطيع توثيقه، هو طائرات الشحن من نوع «إليوشين»، وهي طائرات رصدت في مطاري اللاذقية ومطار دمشق الدولي.
وأشار أبو زيد إلى توثيق طائرات استطلاع جديدة يسمع صوتها ليلاً في المناطق المحررة، مما يؤكد أنها طائرات روسية، لافتًا إلى أن طائرات الاستطلاع التي تحلق، غالبًا ما تحلق ليلاً على ارتفاع شاهق، ويسمع صوتها، وهي مختلفة عن طائرات الاستطلاع التي يمتلكها النظام وأسقطنا عددًا منها في السابق، وتشبه ما نمتلكه من طائرات استطلاع، مما يؤكد أنها طائرات غير نظامية.
وأوضح أبو زيد أن أنظمة الرصد الجوي التي نمتلكها بدائية تمنع معرفة نوع الطائرات التي تحلق، ولا نملك تقنيات لتفريقها، كما أكد أبو زيد وصول دبابات «تي 90» الحديثة التي لم تكن ضمن الترسانة العسكرية النظامية، و250 جنديا روسيا وصلوا إلى صافيتا شمال غربي البلاد، وهي معلومات تلتقي مع معلومات كشفت عنها غرف عمليات البريطانيين والأميركيين.
إلى ذلك، نفى نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أنه تم نشر قوات روسية في سوريا حتى الآن، إلا أنه أكد أن النظام لن يتردد في طلب نشر هذه القوات إذا حدثت تطورات مستقبلية في النزاع. وقال في تصريح لوكالة الأنباء اليابانية (كيودو)، يوم أمس، إن «سوريا تستخدم أسلحة جديدة مقدمة من روسيا التي تعد المصدر الرئيسي لتسليح جيشنا».
وأشار إلى أن الضربات الجوية التي يشنها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد مواقع لتنظيم داعش في سوريا، لم تسفر عن أي نتائج، بل بات التنظيم أكثر قوة في العراق وسوريا في ظل الحرب الأميركية على التنظيم. ورأى المقداد أن تعزيز التعاون مع الحكومة السورية، أمر أساسي ولا غنى عنه في الحملة الرامية إلى القضاء على «داعش».
وبحسب وكالة الأنباء اليابانية (كيودو)، جاءت تصريحات المقداد كتحذير واضح لواشنطن التي طالما دعت الرئيس السوري بشار الأسد إلى التنحي عن منصبه كخطوة نحو إنهاء الحرب الأهلية في سوريا.
وفي سياق متصل قال ناشطون إن «موالين للنظام السوري في الساحل خرجوا للترحيب بوصول قوات روسية إلى الساحل السوري». وفي مسيرة تؤيد التدخل الروسي العسكري في سوريا، أطلق موالون لنظام الأسد ممن يطلق عليهم اسم (الشبيحة) النار في الهواء ابتهاجا بمرور عربات تقل قوات روسية على الأتوستراد الدولي بانياس - اللاذقية، وخرجت مسيرات دراجات نارية وسيارات سوداء ترفع أعلام إيران وحزب الله تجوب شوارع مدينة بانياس على الساحل السوري، مستبشرة بالتدخل الروسي الذي سينهي الحرب على «الإرهابيين» حسب تعبيرهم لصالح نظام الأسد.
يشار إلى أن مدينة بانياس وريفها شهدت عدة مجازر عام 2011 - 2012 وحملات اعتقال شرسة استهدفت مناهضي النظام وعائلاتهم، كما تعيش المدينة حالة احتقان طائفي نتيجة القمع الشديد الذي تعرض له المناهضون للنظام من المسلمين السنة والتي تعود جذورها إلى أحداث الثمانينات الدامية.
طائرات روسية تباشر الرصد فوق سوريا وتتفادى تحليق الطائرات الأميركية
تجمع بنك أهداف فوق مناطق المقاتلين الشيشان والمتحدرين من آسيا الوسطى
طائرات روسية تباشر الرصد فوق سوريا وتتفادى تحليق الطائرات الأميركية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة