مختصون: تجميد الأراضي غير مجد اقتصاديًا والسوق السعودية تترقب بحذر لائحة الرسوم

في حين أكدت «كي بي إم جي» عبر دراسة جديدة أهمية تحديد الأسعار العادلة

جانب من العاصمة الرياض.. وفي الإطار راني مجذوب ({الشرق الأوسط})
جانب من العاصمة الرياض.. وفي الإطار راني مجذوب ({الشرق الأوسط})
TT

مختصون: تجميد الأراضي غير مجد اقتصاديًا والسوق السعودية تترقب بحذر لائحة الرسوم

جانب من العاصمة الرياض.. وفي الإطار راني مجذوب ({الشرق الأوسط})
جانب من العاصمة الرياض.. وفي الإطار راني مجذوب ({الشرق الأوسط})

في وقت تترقب فيه السوق العقارية السعودية بحذر الإعلان عن لائحة رسوم الأراضي البيضاء في البلاد، أكد مختصون لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن عدم تطوير الأراضي، وتجميدها، بات أمرًا غير مجدٍ اقتصاديًا، مؤكدين في الوقت ذاته، على ضرورة معرفة مستثمري القطاع لحجم الأسعار العادلة للأراضي قبل الدخول في المشاريع العقارية.
وأكد هؤلاء خلال حديثهم، أمس، أن القطاع العقاري في العالم أجمع، يعد وعاءً استثماريًا جيدًا، يضمن للمستثمرين الأرباح المستقرة، إلا أنه يتطلب في السوق السعودية الدراية الكاملة بأسعار السوق، ومدى جدوى الاستثمار فيها، خصوصًا أن السوق المحلية تترقب صدور لائحة رسوم الأراضي البيضاء وآلية تطبيقها.
وتأتي هذه التأكيدات في وقت أكدت فيه دراسة اقتصادية حديثة صادرة عن شركة «كي بي إم جي السعودية»، أنَّه في ظل هذه التغيرات والمؤثرات التي تشهدها السوق العقارية السعودية خلال المرحلة الحالية، تظهر الحاجة الملحّة لدى الكثير من المستثمرين إلى البحث عن بدائل استثمارية أقل خطورة.
وبحسب بيانات حديثة صادرة عن وزارة العدل السعودية، فإن إجمالي قيمة صفقات السوق العقارية في البلاد، خلال الأشهر الماضية من العام الهجري الحالي بلغت 346.3 مليار ريال (92.3 مليار دولار)، بانخفاض تبلغ نسبته نحو 17 في المائة عن الفترة ذاتها من العام الماضي.
وتعتبر أرقام وزارة العدل في السعودية هي المرجع الرسمي، للسوق العقارية المحلية، حيث تعتمد كبرى شركات الاستثمار، والبنوك المحلية، على هذه الأرقام، في وقت تصدر فيه بيوت الخبرة المالية من حين لآخر تقارير دورية حول جدوى الاستثمار في السوق العقارية السعودية.
وفي الشأن ذاته، أوضحت دراسة حديثة أعدتها شركة «كي بي إم جي السعودية»، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، أن توجّه المستثمرين في السعودية خلال السنوات القليلة الماضية كان ينصب بشكل كبير على التوجه للاستثمار في المشاريع العقارية، وقالت: «لكن المستثمرين يواجهون مشكلة تضخم الأسعار الحالية للأراضي، التي قد تشكل قناعات لدى المستثمرين بعدم جدوى الاستثمار في المشاريع العقارية، مع العلم بوجود فرص استثمارية سانحة مشروطة النجاح بدراسة جدوى المشروع بالطرق المناسبة، التي تأتي في مقدمتها تحديد قيمة الأرض العادلة». وقالت الدراسة ذاتها: «يحتاج المستثمر العقاري في البداية إلى تحديد أفضل استخدام للمشروع المراد تطويره، يتبع ذلك دراسة فنية لحساب التكاليف، ومن ثم دراسة جدوى لتقدير العوائد المتوقعة وغالبًا ما تشكل تكلفة الأرض النسبة الكبرى من الاستثمار، التي تؤثر بشكل مباشر على نجاح المشروع من عدمه».
وأضافت الدراسة التي أعدتها شركة «كي بي إم جي السعودية»: «من غير المقنع أن تكون الطريقة الحالية المتبعة في السوق السعودية لتقييم العقار مبنية على طريقة المقارنات حيث تقَّيم الأرض على أساس مقارنة أسعار البيع في المنطقة والأراضي المجاورة، بينما قد لا تعكس هذه الأسعار القيم الحقيقية والعادلة للأرض، وذلك على عدة أسباب، أهمها المضاربات في بيع الأراضي وتدويرها رغبة في ارتفاع أسعارها فقط، وبيع الأراضي المجاورة بسعر أعلى من السعر الحقيقي وذلك لرغبة المستثمرين الجدد بالربح السريع من خلال إعادة البيع، وبيع الأراضي المجاورة بسعر أعلى من المتوقع في حال وجود مستثمر يتملك مشروعًا، ويحتاج إلى ضم مجموعة من الأراضي إليه طريقة القيمة المتبقية لاحتساب قيمة الأرض، واستمرار صعود أسعار الأراضي المجاورة من دون حساب جدوى المشاريع المراد إقامتها».
وأكدت الدراسة في الشأن ذاته، أن معرفة السعر الحقيقي والعادل للأرض يشترط استخدام طريقة القيمة المتبقية حيث تعتبر الطريقة الأمثل لتحديد ما إذا كانت قيمة الأرض الحالية مناسبة وعادلة لإقامة المشروع من عدمه.
وتعتمد هذه الطريقة على تحديد فكرة المشروع وحساب العوائد المتوقعة من بيع المشروع بخصم تكاليف التطوير من دون سعر الأرض، بالإضافة إلى أرباح المطور المستثمر، والناتج لما سبق يمثل السعر حقيقي والعادل للأرض المراد شراؤها، وعلى أثره يظهر للمستثمر ما إذا كان سعر الأرض الحالي مناسبًا لإقامة المشروع أم يتوجب عليه البحث عن موقع آخر.
وتعليقًا على هذه الدراسة، أكد المهندس راني مجذوب رئيس قطاع العقار في «كي بي إم جي السعودية» لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن عدم تطوير الأراضي، وتجميدها، بات أمرًا غير مجدٍ اقتصاديًا، خصوصًا أن السعودية تقترب تطبيق قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء.
وأكد مجذوب خلال حديثه على ضرورة معرفة مستثمري القطاع لحجم الأسعار العادلة للأراضي قبل الدخول في المشاريع العقارية، وقال في سياق ذي صلة: «قيمة الأرض الحقيقية ناتجة عن العوائد المتوقعة التي تعكس واقع السوق بالإضافة إلى تكاليف التطوير الحالية وأرباح المطور المستثمر المنطقية، بحيث تكمن القدرة بمراقبة عوائد المشروع المتوقعة، بدلاً من البدء بالتفكير بتكلفة الأرض وأسعار البيع التي قد تكون غير مناسبة مما قد يحمّل المطور والمستثمر خسائر كبيرة».
إلى ذلك، أكد فهد الناصر وهو مستثمر في القطاع العقاري لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن انخفاض قيمة الصفقات العقارية، أصبح مؤشرًا مهمًا على ترقب المستثمرين للائحة رسوم الأراضي البيضاء، وقال: «هنالك ترقب وحذر، فاللائحة من المتوقع أن تكون دقيقة جدًا، وتأثيرها على الأسعار قد يكون أكثر قوة».
يشار إلى أنه لدى شركة «كي بي إم جي الفوزان والسدحان» قسمًا متخصصًا في المجال العقاري يقوم بتقديم خدمات دراسة الجدوى، لدراسة أفضل استخدام للأرض، وتقييم الشركات العقارية بالإضافة إلى التواصل مع البنوك ونخبة من المستثمرين للتمويل والمشاركة في المشاريع العقارية.
فيما أكدت الشركة في تقرير سابق لها، أن مشكلة انتشار الأراضي البيضاء في السعودية، وعدم استغلالها على الرغم من وجود فرص استثمارية كثيرة للمشاريع العقارية أصبحت مشكلة ظاهرة على السطح خلال الآونة الأخيرة، وذلك في وقت أقرت فيه البلاد تطبيق الرسوم على الأراضي البيضاء الواقعة داخل النطاق العمراني.
ولفت التقرير حينها إلى أن أغلب ملاك الأراضي البيضاء يرون استفادتهم منها عن طريق الارتفاع في القيمة مع مرور الزمن، في حين أن استفادتهم ستكون أكبر بكثير، من خلال تطوير وتشغيل المشاريع العقارية التي تحقق أفضل عائد إلى الاستثمار، وقالت: «أغلب ملاك الأراضي البيضاء من كبار السن أو الذين لا يملكون المعلومات الكافية للبدء بالمشروعات العقارية الملائمة، وهي: السيولة النقدية والوقت، أو عدم الإلمام بمراحل عمل المشروع العقاري».



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».