وجدت السلطة الفلسطينية نفسها مرة أخرى أمام امتحان فرض الهيبة في المخيمات الفلسطينية بعد سلسلة من الأحداث، كان آخرها اشتباكات أدت إلى إصابات في صفوف قوات الأمن الفلسطينية في مخيم جنين ليلة الثلاثاء الأربعاء، إحداها خطيرة جدا.
فقد اقتحمت القوات الفلسطينية أمس، مخيم جنين، الذي كان طيلة سنوات الانتفاضة مسرحا لنشاط المقاومين، واعتقلت 15 ناشطا «لمشاركتهم في إثارة العنف وإطلاق الرصاص»، بحسب بيان مقتضب لمصدر أمني، قال: «إن الشبان المشتبه بهم كانت بحوزتهم أسلحة نارية تم ضبطها وسلمت إلى جهاز الشرطة للتحقيق».
وأضاف: «وقد استمرت أنشطة الدوريات المشتركة لتوفير الأمن والأمان للمواطنين، حيث سارت الحياة بشكل طبيعي في مخيم جنين، ولم تسجل أي حوادث مخلة بالأمن العام حتى ظهر اليوم».
وكان 3 فلسطينيين أصيبوا بجروح وصفت إحداها بالخطيرة، نتيجة إطلاق النار داخل المخيم سبق فعالية متعلقة بالأحداث في المسجد الأقصى.
وتضاربت رواية الأمن الفلسطيني وفصائل فلسطينية حول الحادثة. وقال اللواء عدنان ضميري الناطق الرسمي باسم المؤسسة الأمنية: «إن المهرجان الذي تم الإعلان عن إقامته في مخيم جنين نصرة للأقصى، تحول إلى حالة فوضى بعد قيام مسلحين بإطلاق النار في الهواء بعشوائية وكثافة، الأمر الذي أدى إلى انسحاب عدد من أنصار الفصائل من ساحة المهرجان، وقيام مجموعة من المواطنين باستدعاء قوى الأمن لإنهاء حالة الفوضى وإطلاق النار». وأضاف الضميري: «إنه وأثناء توجه قوات الأمن الفلسطينية إلى المكان لوقف الفوضى، تعرض أفرادها إلى إطلاق نار من قبل مسلحين اتخذوا مواقعهم خلف من بقوا في ساحة المهرجان، ما أدى إلى إصابة عدد من أفراد قوى الأمن التي تصرفت بمسؤولية عالية، للحفاظ على أرواح المواطنين، وبدأت بملاحقة المسلحين إلى أن حاصرتهم، وتمكنت من السيطرة على الموقف بمساعدة المواطنين الذين أعربوا عن إدانتهم الشديدة لحالة الفلتان والترهيب التي شهدتها ساحة المهرجان».
وأكد بيان الضميري أن قوى الأمن الفلسطينية ستبقى حريصة على حماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم، وتطبيق النظام والقانون، ولن تتهاون مع ألعابثين بأمنهم وسلامتهم.
واتهم علي زكارنه أحد قادة فتح في جنين، أشخاصا ينتمون لحركتي حماس والجهاد الإسلامي بإطلاق النار على قوى الأمن. وقد نفت حماس رواية السلطة، وقالت إن قوى الأمن فضوا مهرجانا لنصرة الأقصى. وقال القيادي في حركة حماس وصفي قبها: «مع بدء فعاليات المهرجان، دهمت مجموعات من عناصر الأمن الفلسطيني المخيم، وتقدمت باتجاه موقع الفعالية التي دعت إليها القوى الوطنية والإسلامية في المخيم بهدف منع إقامته، فتصدّت لها مجموعات من الشباب وسط إطلاق نار كثيف من قبل قوات السلطة، بالإضافة إلى عنصر مسلّح تبيّن أنه مفرغ على جهاز الأمن الوطني، غير أنه لم يكن يلبس زيه العسكري ولم يكن في مهمة رسمية»، مشيرا إلى أن تلك المواجهات أسفرت عن وقوع إصابات في صفوف المشاركين في المهرجان، تم نقلها إلى المستشفى لتلقي العلاج، وبعضها في حالة حرجة. ووصف قبها رواية السلطة بأنها «لا تمت للحقيقة بصلة».
لكن محافظ جنين، اللواء إبراهيم رمضان، عاد ليؤكد أن قوات الأمن الفلسطينية تعرضت لنيران من داخل المخيم أدت إلى إصابة المقدم الحاج عماد حسني قاسم بإصابة خطيرة، وقاسم هو أحد جرحى اجتياح المخيم من قبل إسرائيل في 2002.
والاشتباكات في مخيم جنين ليست الأولى التي تقع خلال الأعوام القليلة الماضية، وتؤكد وجود حالة من التمرد إلى حد ما داخل المخيمات الفلسطينية. فقد شهد مخيم جنين الشهر الماضي، إلى جانب مخيم بلاطة في نابلس، اشتباكات متكررة بين قوات الأمن الفلسطيني ومسلحين أثارت المخاوف من عودة مظاهر الفلتان الأمني إلى مناطق السلطة الفلسطينية.
وكثير من هذه الإشكاليات بين مسلحي المخيمين والسلطة لم تزل عالقة حتى الآن، حتى بعد أن تلقت الأجهزة الأمنية الفلسطينية أوامر من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بفرض الأمن في جميع المدن الفلسطينية وداخل المخيمات.
يذكر أنه يوجد في المخيمات الفلسطينية خليط كبير من المسلحين المحسوبين على فصائل مختلفة بينها فتح وحماس والجهاد الإسلامي. وتقول السلطة إنها ستواصل استهداف كل سلاح «غير شرعي»، بينما تقول حماس إنها حرب على «المقاومة».
السلطة الفلسطينية أمام امتحان جديد لفرض هيبتها في المخيمات
رمزية المخيمات والاكتظاظ ونوعية العناصر المستهدفة جعلت مهمتها أكثر صعوبة
السلطة الفلسطينية أمام امتحان جديد لفرض هيبتها في المخيمات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة