عام 2006، أطلقت شركة إنتاج أجهزة إعلامية تدعى «فاينداواي» أول منتجاتها والذي استوحته من انتشار أجهزة «آي بود». حمل الجهاز الجديد اسم «بلاي أواي» Playaway، وكان عبارة عن مشغل لمواد سمعية والذي طرح في الأسواق محملاً بالفعل بكتاب سمعي واحد. وشكل هذا المنتج خطوة على طريق تطور الكتاب المسجل صوتيًا. وحقق المنتج الجديد نجاحًا طيبًا، وأبرمت الشركة اتفاقا مع «بوردرز» و«بارنيز ونوبل» لتوزيعه، بل ونال المنتج الجديد تغطية في برنامج «أوبرا» التلفزيوني، بفضل نادي الكتاب التابع للبرنامج.
ومع ذلك، فإنه عندما جاء موسم العطلات، أخفق الجهاز في تحقيق مبيعات جيدة. وفجأة، تلقت الشركة اتصالات من مصدر غير متوقع: المكتبات.
وعند إمعان النظر في الأمر، نجد اتصالات المكتبات هذه منطقية، ذلك أنه بالنسبة للأفراد فإنهم سيرغبون حتمًا في توافر خيارات لتعديل المنتج ليتواءم مع احتياجاتهم ورغباتهم، وبالتأكيد سيودون الحصول على أكثر من مجرد كتاب واحد فقط مسجل. أما المكتبات، فإنها تضطلع بالفعل نظرًا لطبيعة عملها بنقل الأشياء من شخص لآخر.
ومنذ ذلك الحين، حرصت «فاينداواي» على إعادة تركيز جهودها على خدمة المدارس والعملاء العسكريين والمكتبات، والذين أبدوا جميعًا اهتمامهم بالحصول على أجهزة تشغيل مواد سمعية يمكن تحميلها مسبقًا وأجهزة قراءة إلكترونية وأجهزة تشغيل فيديو والتي تسمح للمستخدمين بتجريب مواد جديدة، ثم إرسالها للشخص التالي.
شهر يوليو (تموز) الماضي، طرحت الشركة منتجا جديدا باسم «بلاي أواي لانش باد» Playaway Launchpad، والذي يعنى بالأقسام الخاصة بالأطفال تحديدًا داخل المكتبات. وفي الوقت الذي بدأت مكتبات في برامج لإقراض الحاسب اللوحي خاصة بأجهزة «آي باد» و«أندرويد»، فإن «فاينداواي» تفخر بأن هذا الجهاز هو الأول من نوعه المصمم خصيصًا بحيث يسهل إقراضه في إطار منظومة مكتبية.
في هذا الصدد، قال ميتش كرول، الرئيس التنفيذي لـ«فاينداواي»: «من شأن ذلك السماح لكل طفل بفرصة التعامل مع الكومبيوتر اللوحي مجانًا من المكتبات المحلية. ونحن من جانبنا نشعر بالسعادة الغامرة حيال هذا الأمر».
بطبيعة الحال، كانت المكتبات هي الأخرى تتطور، فمع اختيار المزيد من الأفراد الكتب الإلكترونية وتفضيلها عن سابقاتها الورقية، بدأت المكتبات تتحول إلى ما يشبه مراكز تعليمية تكنولوجية. وبدأت مهمة المكتبات الأصلية كرعاة للقراءة والكتابة تتسع بحيث تشمل المعرفة الرقمية أيضًا، حسبما أوضح لي ريني، المدير التنفيذي لمركز بيو لشؤون الإنترنت والحياة الأميركية. وقد أجرى المركز أبحاثا مكثفة حول التغييرات التي تطرأ على المكتبات، ونظرة المجتمعات إلى المكتبات في العالم الحديث.
وأضاف أن: «ما يحتفي به الناس بخصوص المكتبات - وما يعتقدونه مهمًا بشأنها - أنها تمثل موارد يمكن للجميع الوصول إليها. إنها حكر على الأثرياء أو أصحاب المعرفة التقنية المتقدمة».
يذكر أن مكتبة بالتيمور العامة، والتي اشترت ما يصل إلى 90 حاسبًا لوحيًا طراز «بلاي أواي» لتقسيمه على ثلاثة أفرع، تملك أيضًا جهاز طبع ثلاثي الأبعاد، وتقرض ألعاب فيديو وأجهزة تشغيل فيديو من إنتاج «فاينداواي». أما التساؤل الخاص بما إذا كان يتعين على المكتبات الإقدام على الخطوة التالية وهي شراء أجهزة حاسب لوحية بأعداد كبيرة لإقراضها، فهو أحد الأسئلة التي تعكف كثير من المكتبات على محاولة إيجاد إجابة لها، حسبما ذكرت جايمي واتسون، منسقة نظام مكتبة بالتيمور.
وأضافت: «مع تغير المكتبات وتفكيرها في كيفية طرح التقنيات الجديدة، هناك دومًا صراع، لكننا شاهدنا نجاحًا كبيرًا للغاية من جانب منتجات قبل أن نبدي استعدادًا لتجريبها مجددًا. وأبدت رضاءها حيال فكرة أن الأجهزة اللوحية محملة مسبقًا بالمحتوى ومحمية بصورة جيدة من حيث الخصوصية».
وقد طرحت الكومبيوترات اللوحية محملة بمجموعة جاهزة من تطبيقات قراءة الموضوعات المرتبطة بالعلوم والرياضيات موجهة لفئات عمرية مختلفة. من ناحيتها، عملت «فاينداواي» مع «فنغر برنت»، وهي شركة معنية بالتطبيقات الخاصة بالأطفال، من أجل اختيار التطبيقات المناسبة. ويجري طرح الحواسب اللوحية محملة بعدة موضوعات، مثل الفضاء الخارجي.
الملاحظ أن غالبية التطبيقات يجري تحديثها باستمرار، لكن تلك التطبيقات جرى تصميمها كي تدوم لفترة تتراوح بين 3 و5 سنوات، حسبما شرحت نانسي ماكانتر، الرئيسة التنفيذية لـ«فنغر برنت» ومؤسستها. وأضافت: «لا يختلف الأمر عن استئجار أو اقتراض فيديو أو كتاب أو أسطوانة موسيقية من مكتبة. إن هذا محتوى رائع بإمكانه التصدي لتحدي الزمن».
كما جرى تصميم الكومبيوترات اللوحية ذاتها كي تدوم، مع تميزها بأطر بلاستيكية قوية ومخفف صدمات مطاطي. وقامت مجموعة من صحيفة «واشنطن بوست» تم تكليفها بمراجعة «فاينداواي» بإلقائه بقوة عدة مرات على الأرض في سقطات كانت كفيلة بإصابة أي صاحب حاسب لوحي آخر بأزمة قلبية، والمثير أن «فاينداواي» نجا منها بسلام. ولا شك أن الاستمرارية من العناصر بالغة الأهمية، بالنظر إلى أن أحد الانتقادات الرئيسية الموجهة لإقرار الحواسب اللوحية بالمدارس أنه يتعين تعديلها كثيرًا.
وقال كرول: «بمجرد أن تشتري أحد هذه الأشياء، يمكن أن تبقى في حالة تداول لسنوات بعدها. إلا أنه في الوقت ذاته لدينا برامج استبدال وتراخيص باهظة للغاية. ونحن نعترف بأننا لا نبيع منتجاتنا في بيئة استهلاكية».
الملاحظ أيضًا أن تصميم النظام المعتمد على نظام أندرويد محدود. ومن السهل إعادة ضبط الأجهزة، بحيث يمكن لمسؤولي المكتبات مسح الحاسب اللوحي بالكامل في مرة ينتهي فيها فترة اقتراض شخص ما لها. ويمكن لمرتادي المكتبة استخدام الكومبيوترات اللوحية لمدة سبعة أيام، قابلة للتجديد مرة واحدة. كما يفرض مسؤولو المكتبات بيانات أمنية على الحواسب اللوحية أيضًا، مع رسالة واضحة تحذر من أنه حال فقدانه أو كسره سيدفع من اقترضه غرامة قدرها 100 دولار تقريبًا.
من جهته، قال ريني من مركز بيو إن طبيعة تأثيرات هذه البرامج لم تتضح بعد، لكنه أعرب عن اعتقاده بأن المستقبل سيشهد ظهور الكثير منها. وأضاف: «هذه مجرد الموجة الأولى. ولدى المكتبات في مدينة نيويورك برنامج تجريبي لإقراض أجهزة (ماي فاي) للأفراد - مما يعني حرفيًا إقراضهم الإنترنت. وقد أصبحت هذه التقنيات السبيل الذي يتعلم من خلاله الأفراد ويبحرون عبر مساحات معلوماتية مختلفة في الوقت الراهن».
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ «الشرق الأوسط»
كومبيوترات لوحية.. خصيصًا لمكتبتك المحلية
تزود بتطبيقات للصغار والكبار ويمكن إقراضها للمشتركين
كومبيوترات لوحية.. خصيصًا لمكتبتك المحلية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة