مخيم «ترايسكيرشن» للاجئين قرب فيينا.. تردي الأوضاع.. وصعوبة الإصلاح

«الشرق الأوسط» تزور المخيم.. ولاجئون: الحدود الأوروبية المفتوحة أكبر دافع للمغامرة

مهاجرون سوريون غير شرعيين فوق عبارة بحرية بجزيرة كوس اليونانية بعد أن تم وضعهم فيها من قبل السلطات المحلية (إ.ف.ب)
مهاجرون سوريون غير شرعيين فوق عبارة بحرية بجزيرة كوس اليونانية بعد أن تم وضعهم فيها من قبل السلطات المحلية (إ.ف.ب)
TT

مخيم «ترايسكيرشن» للاجئين قرب فيينا.. تردي الأوضاع.. وصعوبة الإصلاح

مهاجرون سوريون غير شرعيين فوق عبارة بحرية بجزيرة كوس اليونانية بعد أن تم وضعهم فيها من قبل السلطات المحلية (إ.ف.ب)
مهاجرون سوريون غير شرعيين فوق عبارة بحرية بجزيرة كوس اليونانية بعد أن تم وضعهم فيها من قبل السلطات المحلية (إ.ف.ب)

على بعد 20 كيلومترا جنوب العاصمة النمساوية فيينا، يقع معسكر «ترايسكيرشن» أكبر وأقدم المعسكرات النمساوية المخصصة لاستقبال طالبي اللجوء.
ويقصد بطالب اللجوء كل من يدخل النمسا كلاجئ أو عابر، وقد يقبل طلبه أو يتم ترحيله. ولهذا يزخر المعسكر، الذي تلاحقه بشاعة السمعة لسوء أوضاعه وتردي أحواله، بجنسيات مختلفة وطموحات متفاوتة رغم تشابه القصص. فالكل يتطلع لحياة أفضل ومستقبل أكثر أمانا بعد أن دفعتهم سياسات بلدانهم الفاشلة إلى المغادرة، وقاد الاضطهاد السياسي أو الاقتصادي، أو الاثنان معا، بشباب وكهول ونساء وأطفال إلى المخاطرة بالهجرة على أمل حياة أفضل في دول أوروبية قد لا تحسن استقبالهم وقد ترفض وجودهم.
ورغم إجماع رسمي وشعبي حول تردي الأوضاع داخل المعسكر بسبب زيادة في حمولته قد تبلغ مائة في المائة، لا يزال التعتيم الإعلامي غير المسبوق مستمرا بمعسكر ترايسكيرشن، ما يجعل من الصعب التأكد من معلومات أساسية كسعته مثلا وعدد نزلائه اليوم.
وفي إحصاء رسمي، قالت وزارة الداخلية النمساوية الأسبوع الماضي إن عدد اللاجئين ممن وصولوا النمسا في الأشهر الستة الأولى من هذا العام فاق مجمل ما وصلها العام الماضي. وما تزال الأفواج تصل عبر كل الوسائل والطرق، سواء جوا أو بحرا أو برا، فضلا عمن يصلون بصورة قانونية تحت رعاية الأمم المتحدة. وأعلن رئيس بلدية ترايسكيرشن حديثا عن حالة «الطوارئ القصوى»، مشددا في تصريح إعلامي: «أصبحنا رمزا للحزن في أوروبا بسبب هذا المركز (مركز اللاجئين)».
من جانبها، وفي أحدث تقرير لها بعد زيارة ميدانية مطلع هذا الشهر، وصفت منظمة العفو الدولية الأوضاع داخل المعسكر بـ«الكارثية والمخجلة والمشينة ولا إنسانية». ولم تنكر الحكومة النمساوية ذلك واعترفت بالتقصير في هذا الجانب، مؤكدة أن الوضع خارج عن السيطرة، فيما طرح المستشار النمساوي فيرنر فايمان مشروع قرار يمنح السلطة المركزية قوة إجبار حكومات الأقاليم الرافضة أخذ حصتها من اللاجئين بنسبة تتوازى وعدد سكان كل إقليم.
وإلى أن يتم تطبيق هكذا قانون تعارضه أحزاب يمينية قوية، يزداد الوضع سوءا في المخيم الذي اكتظت غرفه بنزلاء افترشوا خياما بلاستيكية في درجات حرارة مرتفعة، وصلت الأربعين.
وزارت «الشرق الأوسط» معسكر ترايسكيرشن يوم أمس لتحري أوضاع المهاجرين، ورغم جهود المسؤولين لنقل اللاجئين لمعسكرات أخرى، فإن الخيام كانت منتشرة بشكل واسع في حوش المعسكر. وكانت هذه الخيام تؤوي الكثيرين ممن حكوا أهوالا عن كيفية وصولهم عبر بلدانهم الأم وعبورهم للحدود، وتسديدهم لآلاف اليوروات للمهربين. ووصف هؤلاء الأوضاع داخل المعسكر بالصعبة، خصوصا من حيث تردي الوجبات والمرافق الصحية.
وحسب النظام المعمول به في النمسا، فإن المعسكر يقدم للمسجلين ثلاث وجبات يوميا وبعض المواد الصحية عند الوصول، فضلا عن إعانة مادية قدرها 40 يورو شهريا. لكن ما يتسبب في قلق طالبي اللجوء أكثر من أوضاعهم في المخيم هو عدم اتضاح إذا ما كانت السلطات النمساوية ستسمح لهم بالبقاء، وإن وافقت متى يصدر القرار.
ولعل أكثر ما يثير الانتباه في المخيم هو ارتفاع عدد الأطفال القاصرين دون سن الثامنة عشرة، ممن غامر ذووهم بإرسالهم إلى الخارج بطرق غير مشروعة، معتقدين أن النمساويين لن يطردوهم كما قد يسمحون لهم لاحقا بلم الشمل مع أهاليهم. وبهذا الخصوص، تتبرع جهات رسمية بتقديم معلومات إلكترونيا يتم تداولها بسهولة لرفع الوعي بهذه الظاهرة.
ومما بدا ظاهرا للعيان كذلك، هو أن الغالبية ممن تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، رغم اختلاف جنسياتهم، حكوا عن المسار الذين سلكوه، وكأنهم متفقون عليه: «عبر تركيا أو اليونان ثم مقدونيا ثم صربيا فالمجر». كما أجمعوا على أن الحدود الأوروبية المفتوحة كانت هي الدافع الأكبر للمغامرة، وأن شرطة كل دولة تتخلص من اللاجئين بدفعهم لشرطة بلد آخر، مشيرين إلى أن الشرطة الصربية هي الأعنف والأقسى.
وفيما يفر سوريون وعراقيون بسبب الحرب، يفر شباب آخرون لإحساسهم بالاضطهاد الاقتصادي وغياب آفاق «العيش الكريم»، بسبب سياسات حكومية بيروقراطية تعتمد معظمها نظام الواسطة والمحسوبية والفساد ولا تمد يد المساعدة للشباب، رغم خيرات البلاد وزخم ثرواتها.
وفي هذا السياق أكّد لـ«الشرق الأوسط» شاب جزائري وآخر نيجيري أن سبب مغادرتهما يرجع إلى «جور وتسلط الحكومات التي تنعم بالثروات، فيما يعاني الشعب من تداعيات الفقر».
وبيد أن جهات نمساوية انتقدت استقبال اللاجئين بدعوى أنهم يعيشون عالة على المواطنين الذين يدفعون ضرائبهم ويتكفلون بذلك بإعادة توطينهم وتأمين مستقبلهم، إلا أن هناك جماعات نمساوية تنظر للأمر ككارثة إنسانية وتدعو إلى التضافر ومد يد العون والمساعدة. وبهذا الصدد، اصطف أفراد خارج المعسكر للتبرع لطالبي اللجوء المحتاجين بالمستلزمات الصحية والغذائية والألعاب ولتنظيم برامج ترفيهية.
لكن تبقى كل هذه الإعانات مجرد مسكنات لوضع متفاقم يتحول فيه طالبو اللجوء لشبه متسولين بسبب إجراءات أمنية وبيروقراطية تمنعهم من العمل، فيما قد يطول النظر في حالات بعضهم لشهور أو سنوات. فمنهم من يقبل طلبه فتبدأ مراحل استيعابه ودمجه في المجتمع، ومنهم من ينتظر لفترات طويلة قبل أن يرفض طلبه ويتم ترحيله ليعود من حيث جاء.



«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)
من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)
TT

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)
من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

وقال الأمين العام للحلف، مارك روته، في بروكسل، اليوم (الخميس): «كل أسبوع، يسقط ما يربو على 10 آلاف شخص في جميع أنحاء أوكرانيا بين قتيل وجريح».

وأضاف: «إن هذه الحرب تسبب مزيداً من الدمار والموت كل يوم»، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.

وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في وقت سابق أن 43 ألف جندي أوكراني لقوا حتفهم في الحرب. وبالإضافة إلى ذلك، تلقى 370 ألف جندي العلاج من إصابات، وعاد نصفهم إلى الخدمة العسكرية.

وأشار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى أعداد مشابهة. وكتب عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن نحو 600 ألف جندي روسي سقطوا بين قتيل وجريح، وأن نحو 400 ألف جندي أوكراني سقطوا بين قتيل وجريح حتى الآن.