مقتل 390 كرديًا من حزب العمال خلال أسبوعين جراء الغارات التركية

واشنطن تنشر مقاتلات «إف- 16» في قاعدة إنجرليك التركية لدحر «داعش»

مظاهرة كردية في إسطنبول احتجاجا على مقتل نشطاء أكراد (غيتي)
مظاهرة كردية في إسطنبول احتجاجا على مقتل نشطاء أكراد (غيتي)
TT

مقتل 390 كرديًا من حزب العمال خلال أسبوعين جراء الغارات التركية

مظاهرة كردية في إسطنبول احتجاجا على مقتل نشطاء أكراد (غيتي)
مظاهرة كردية في إسطنبول احتجاجا على مقتل نشطاء أكراد (غيتي)

ذكرت وكالة أنباء الأناضول الحكومية التركية الأحد أن نحو 390 مقاتلا كرديا من حزب العمال الكردستاني قتلوا وجرح 400 آخرون خلال أسبوعين من الغارات الجوية التركية على قواعد للمتمردين في شمال العراق. وقالت الوكالة إن أربعة من قادة الحزب ونحو ثلاثين متمردة كردية قتلوا في الغارات التركية.
بالمقابل يواصل حزب العمال الكردستاني هجماته على قوات الأمن التركية، ما أدى خلال الفترة نفسها إلى مقتل نحو عشرين عنصرا منها، حسب مصادر رسمية تركية.
ونقلت وكالة «دوغان» التركية للأنباء أن شرطيا قتل وأصيب آخر بجروح ليلة السبت نتيجة هجوم وقع في مدينة مديات في محافظة ماردين جنوب شرقي تركيا، التي تسكنها غالبية من الأكراد. ونسب الهجوم إلى حزب العمال الكردستاني.
ووجه زعيم حزب الشعوب الديمقراطي المقرب من الأكراد نداء جديدا السبت إلى حزب العمال الكردستاني وإلى الحكومة التركية دعاهما فيه إلى وقف أعمال العنف والدخول في مفاوضات.
وجاء كلام صلاح الدين دمرطاش غداة مقتل ستة أشخاص في مواجهات بين قوات الأمن التركية ومقاتلين في مدينة سيلوبي الكردية في جنوب شرقي تركيا.
وقال دمرطاش في تصريح صحافي أدلى به في مدينة فان شرق تركيا: «أوجه نداء إلى الفريقين، على حزب العمال الكردستاني إعلان التزامه بوقف إطلاق النار» الذي تم التوصل إليه قبل ثلاث سنوات مع الحكومة التركية، إلا أنه انهار تماما إثر أعمال العنف الأخيرة. وأضاف أن على الحكومة التركية من جهتها وقف عملياتها العسكرية والإعراب عن استعدادها للحوار.
ويعتبر حزب دمرطاش حزب الشعوب الديمقراطي الواجهة السياسية لحزب العمال الكردستاني، وهو حصل على 13 في المائة من الأصوات خلال الانتخابات التشريعية التركية الأخيرة في السابع من يونيو (حزيران) الماضي، ما أتاح له الحصول على ثمانين نائبا في البرلمان التركي من أصل 550.
ولقي نداء دمرطاش تجاوبا من قبل رئيس الحكومة التركية أحمد داود أوغلو الذي قال: «جاء النداء متأخرا إلا أنه مناسب».
وشنت تركيا «حربا على الإرهاب» ضد حزب العمال الكردستاني وتنظيم داعش، لكن عشرات الغارات التي تلت ذلك استهدفت المتمردين الأكراد ولم تقصف تركيا التنظيم الإرهابي سوى ثلاث مرات.
لكن الاعتداء الذي تم في سوروتش (جنوب تركيا) وأوقع 32 قتيلا ونسب إلى تنظيم داعش، غيّر المعطيات وأجبر تركيا على إجراء انعطافة استراتيجية في موقفها. وفي غضون ذلك نشرت الولايات المتحدة الأحد مقاتلات من طراز «إف- 16» في قاعدة إنغرليك بجنوب تركيا للمشاركة في الحرب ضد تنظيم داعش، في حين أوقعت الغارات الجوية التركية على مواقع للمتمردين الأكراد في شمال العراق حتى الآن أكثر من 400 قتيل. وكتبت البعثة الأميركية لدى الحلف الأطلسي في حسابها على «تويتر»: «تم نشر ست طائرات من نوع (إف- 16 - فايتينغ فالكون) في قاعدة إنغرليك (جنوب تركيا) دعما للحرب ضد (داعش)».
من جهتها أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن كتيبة من 300 عسكري أميركي ستنشر في القاعدة نفسها. وللمرة الأولى منذ بدأت عمليات التحالف الدولي الذي يقصف التنظيم المتطرف في العراق وسوريا قبل عام، ستتمكن الولايات المتحدة من إرسال مقاتلات انطلاقا من هذه القاعدة الاستراتيجية بموجب اتفاق مع تركيا تم التوصل إليه في نهاية يوليو (تموز). وقبل السماح لها بنشر مقاتلات فيها استخدمت الولايات المتحدة قاعدة إنغرليك لإرسال طائرات دون طيار منها نفذت هجمات على مواقع للتنظيم الإرهابي.
وعلى صعيد آخر ذكر تقرير إخباري أن مواطنين تركيين اثنين أصيبا بجروح طفيفة، أمس الأحد، في تفجير استهدف قطارا خلال رحلة داخلية شرق البلاد.
ووقع التفجير على بعد 10 كلم من بلدة كماه بولاية أرزينجان شرق البلاد، واستهدف قطارا مكونا من 11 عربة، اثنتان مخصصتان لنقل الركاب، والمتبقية لنقل البضائع، ما أدى إلى حدوث بعض الأضرار في عربات القطار، الذي كان متجها من أرزينجان إلى بلدة ديفريجي بولاية سيواس وسط البلاد، بحسب ما ذكرته وكالة الأناضول للأنباء. وقال والي أرزينجان، سليمان قهرمان، للأناضول: «نعتقد أن التفجير الذي استهدف القطار إرهابي»، معربا عن سعادته بعدم وقوع خسائر في الأرواح. ولم تعلن أية جهة المسؤولية عن التفجير.
غير أن حزب العمال الكردستاني (بي كيه كيه) المحظور نشاطه يشن هجمات تستهدف منذ أسابيع قوات الأمن والجيش التركي وأهدافا أخرى بعد تفجير استهدف تجمعا للشباب المؤيد للأكراد في بلدة سروج جنوب شرقي تركيا مما أسفر عن مقتل 32 شخصا الشهر الماضي.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».