انفجار ثالث يهز كابل قرب المطار وسماع دوي إطلاق نار

مقتل 20 شخصًا على الأقل إثر تفجير انتحاري خارج أكاديمية الشرطة الأفغانية

آثار تفجير سيارة مفخخة ضربت حيًا سكنيًا في العاصمة الأفغانية كابل صباح أمس تبدو على وجوه السكان حيث قتل 15 شخصًا على الأقل وأصيب نحو 400 آخرين (إ.ب.أ)
آثار تفجير سيارة مفخخة ضربت حيًا سكنيًا في العاصمة الأفغانية كابل صباح أمس تبدو على وجوه السكان حيث قتل 15 شخصًا على الأقل وأصيب نحو 400 آخرين (إ.ب.أ)
TT

انفجار ثالث يهز كابل قرب المطار وسماع دوي إطلاق نار

آثار تفجير سيارة مفخخة ضربت حيًا سكنيًا في العاصمة الأفغانية كابل صباح أمس تبدو على وجوه السكان حيث قتل 15 شخصًا على الأقل وأصيب نحو 400 آخرين (إ.ب.أ)
آثار تفجير سيارة مفخخة ضربت حيًا سكنيًا في العاصمة الأفغانية كابل صباح أمس تبدو على وجوه السكان حيث قتل 15 شخصًا على الأقل وأصيب نحو 400 آخرين (إ.ب.أ)

قال شهود إن انفجارا ثالثا هز وسط كابل أمس وإنه وقع قرب المطار وأعقبه دوي إطلاق نار.
وقال مصدر أمني غربي في منطقة الهجوم: «وقع هجوم آخر بالأسلحة النارية الصغيرة».
ولقي 20 من طلاب أكاديمية الشرطة في العاصمة الأفغانية كابل أمس حتفهم وأصيب كثيرون آخرون في تفجير انتحاري تم تنفيذه خارج أكاديمية شرطة كابل، وذلك حسبما ذكر مسؤول بوزارة الداخلية الأفغانية.
وأظهرت لقطات مصورة عرضها التلفزيون المحلي عشرات الأشخاص وهم يحملون إلى عربات الإسعاف، وقال مسؤول وزارة الداخلية الأفغانية الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن الشخص الانتحاري وقف في الصف وسط طلبة الأكاديمية وقام بتفجير نفسه.
وقتل 15 شخصًا على الأقل وأصيب نحو 400 آخرين في انفجار سيارة مفخخة في العاصمة الأفغانية كابل، صباح أمس، بحسب مسؤولين بوزارة الصحة الأفغانية. وقالت الشرطة إن «القنبلة انفجرت بمنطقة شاه شاهيد بالمدينة». ورجح مصدر أمني لوكالة «رويترز»، أن «يكون الهدف قاعدة عسكرية». ونقل المصابون، ومن بينهم أطفال، إلى المستشفى لتلقي العلاج. وتوجد مخاوف من أن تكون بعض الجثث قد دفنت تحت أنقاض المحال التجارية. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها حتى الآن عن الحادث. غير أن حركة طالبان تعد المشتبه به الرئيسي. ويعد انفجار الشاحنات الكبيرة أمرًا غير معتاد في العاصمة كابل؛ إذ إن الشرطة لا تسمح بمرور الشاحنات في العاصمة، غير أن انفجار السيارات والشاحنات الصغيرة أصبح أمرًا شبه أسبوعي. وكان ستة أشخاص على الأقل قد قتلوا يوم الخميس، من بينهم شرطي، في تفجير انتحاري شمال أفغانستان.
وقال سيد ظافر هاشمي لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «عدد الذين قتلوا في الاعتداء صباح الجمعة في كابل ارتفع إلى 15 قتيلاً وأكثر من 240 جريحًا بينهم 47 امرأة و33 طفلاً». وكانت حصيلة سابقة تفيد عن ثمانية قتلى وأكثر من مائة جريح جراء هذا الاعتداء الذي لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه. وتفقد الرئيس أشرف غني عند الظهر الجرحى الذين يعالجون في مستشفى تديره منظمة إيميرجنسي الإيطالية غير الحكومية في كابل، وفق بيان صادر عن الرئاسة.
ويعود عدد الجرحى الكبير إلى وقوع التفجير في حي سكني في شرق العاصمة الأفغانية، وقد أدى إلى تحطم زجاج المنازل، مما أدى إلى إصابة السكان في وقت كانوا معظمهم نائمين في الساعة الواحدة صباحا. وأدى الاعتداء إلى تحطم زجاج الكثير من المباني المجاورة وأحدث حفرة عمقها عشرة أمتار في وسط الطريق، بحسب ما أفاد مصور في وكالة الصحافة الفرنسية. ولم تتبنَ أي جهة الهجوم الذي يحمل بصمات طالبان التي قتلت تسعة أشخاص نهار الخميس في سلسلة هجمات في قندهار مهد حركة التمرد، وفي ولاية لوغار جنوب كابل. ولا يعلن المتمردون عادة مسؤوليتهم عن الهجمات التي تودي بحياة مدنيين وإن كانوا مسؤولين عن معظم حوادث العنف التي استهدفت هؤلاء، كما قالت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان في تقرير نشر هذا الأسبوع.
وكان 6 أشخاص قتلوا الخميس في عملية انتحارية نفذتها حركة طالبان ضد الشرطة الأفغانية جنوب العاصمة كابل. وأعلن مسؤول محلي أن انتحاريًا فجر شاحنته المفخخة أمام مركز للشرطة في بولي علم عاصمة الولاية الواقعة على مسافة 100 كلم جنوب كابل. وذكرت وزارة الداخلية أنها أول عملية انتحارية منذ تعيين الملا منصور زعيمًا جديدًا لطالبان الجمعة بعد إعلان وفاة الملا عمر الذي قاد الحركة على مدار 20 عامًا تقريبًا. وأثار انتقال القيادة إلى الملا منصور انقسامات داخلية وشكوكًا في إمكانية مشاركة طالبان في مفاوضات السلام التي بدأت مطلع يوليو (تموز) مع الحكومة الأفغانية، خصوصًا بعد هذه العملية التي سارعت طالبان لتبنيها.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».