قبل نحو خمسة أعوام، عاد السعودي هادي قطيم الشيباني، زعيم خلايا «داعش» الإرهابية التي توجد في سوريا، والتي أعلنت وزارة الداخلية السعودية القبض عليها أول من أمس، من العراق وهو يحمل فكر تنظيم القاعدة تحت زعامة قائدها (آنذاك) أبو مصعب الزرقاوي، حيث اختلفت التسميات عليه، وأصبح الفكر التكفيري واحدا، وهو الشخص الوحيد الذي ينقل مخططات تنظيم داعش في سوريا والعراق إلى عناصر سعودية كانوا ضمن 430 شخصا جرى إيقافهم خلال الشهرين الماضيين.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة أن الأعمال الإرهابية التي يقوم بها قائد الخلية، الشيباني، هي أشبه ما تكون بـ«حرب الوكالة» ضد السعودية، لأغراض سياسية، حيث طرأ بعض التغير لدى استراتيجيات «القاعدة» التي كانت تعمل في السعودية، على شكل جماعات عنقودية، وجرى تحويلها إلى أشخاص فرادى لضمان عدم سقوط عناصر التنظيم، وكشف جميع المخططات الإرهابية الذين كانوا ينوون العمل عليها.
وقالت المصادر إن التنظيمات الإرهابية طرأ خلاف عليها بالعلن، إلا أنها متفقة فيما بينها، حيث كان هادي الشيباني ضمن عناصر تنظيم القاعدة، ثم عاد به الفكر الإرهابي لينضم إلى خلايا «داعش» الإرهابي، عبر التواصل مع قيادات التنظيم في مناطق الصراعات في سوريا، وبعضهم يوجد في العراق.
وأشارت المصادر إلى أن اليقظة الأمنية التي ساعدت في القضاء على فكر تنظيم «القاعدة» في السعودية الذي كان يتزعمه اليمني خالد حاج (قتل في الرياض في فبراير/ شباط 2004)، وتجفيف منابع التمويل، وإحباط أكثر من 200 عملية إرهابية كان معظمها على وشك التنفيذ، ساعد تنظيم داعش في البحث عن صغار السن الذين لا تتجاوز أعمارهم 22 عامًا، لضمان عدم وجود سوابق أمنية، أو محاولة السفر إلى الخارج في أماكن الصراعات، مقابل أن يكونوا أدوات جاهزة لتنفيذ الأعمال الانتحارية.
وقال الدكتور محمد السلمي، الباحث والكاتب السياسي: «نعلم أن الكل يدرك أن قوى الأمن الداخلي في السعودية على أعلى المستويات من الجاهزية، ويمتد ذلك إلى الأمن على الحدود، ومن الصعب بمكان لقوات أجنبية تشكل تهديدا للمملكة أن تخترق هذه الحواجز الأمنية، وبالتالي اتجهت بعض الدول إلى بعض البدائل التي تتمثل في وجود المجموعات المسلحة الإرهابية التي تقوم بحروب الوكالة».
وقال السلمي إن تنظيم داعش الإرهابي يمثل أحد الأطراف التي تقوم بالحروب بالوكالة على السعودية ويشكل مثالا حيا لمثل هذا النوع من الحروب، ويشكل تنظيم داعش المتطرف عبر خلايا عنقودية تهديدا للأمن الداخلي السعودي، وليس من خلال ما تقوم به من رفع للشعارات الدينية، وإنما تقوم بخدمة مشاريع سياسية تستهدف أمن وسلامة ووحدها السعودية.
وأضاف: «من ينضمون إلى تلك الجماعات المتطرفة ويمثلون تلك الحروب بالوكالة لا يدركون خطر هذا النوع من الحرب، خصوصا المجندين من قبل المجندين صغار السن، وتسعى تلك التنظيمات إلى استعطاف صغار السن الذين يتعرضون لغسل أدمغة عبر إدخال مفاهيم جديدة مغلوطة، حتى يقتنعوا بالفكر المتطرف».
وأشار الباحث السياسي إلى أن كثيرا من العناصر التي قبضت عليهم الأجهزة الأمنية تواصلت معهم التنظيمات في مناطق الصراع، ويتلقون الأوامر منهم والدعم المادي والمعنوي لهم، وتوفير السلاح حتى يقوموا بتنفيذ تلك العمليات. كما وصف هذا النوع من الحروب بـ«الخطير» كون أن تجنيدها يتم بسرعة نظرًا لصغر حجمها، ولا يعرف عناصر التنظيم بعضهم بعضا، مستذكرًا قيام أحد أفراد التنظيم بإطلاق النار على أحد رجال الأمن شرق العاصمة الرياض، وأن من ساعده رجل يسمى برجس ويتحدث اللهجة المغاربية ويفاجأ بأنه شخص يدعى نواف العنزي.
وأضاف: «مثل هذه العملية يصعب إلى حد كبير تتبعها»، مستدركًا: «إلا أن الأجهزة الأمنية بالسعودية قامت بدورها المطلوب عبر إحباط كثير من تلك العمليات التي لو حدثت لكانت تشكل حوادث مرعبة للغاية»، مشيرًا إلى أن بعض الدول التي تدعم الجماعات المتطرفة تتجه إلى هذا النوع من الحروب عندما تيأس من تنفيذ المخططات الرئيسية وتذهب بهذا النوع لبدائل تنتهجها، وهي بالتالي تلعب ألعابا قذرة للغاية عبر استهداف أمن البلاد وسلامتها.
وأشار السلمي إلى أن الأجهزة الأمنية تقوم بالكشف بشكل دقيق على من يقف خلف تلك الجماعات المتطرفة، متطرقًا إلى أن هناك شكوكا للدول التي تقف خلف تلك الجماعات المتطرفة.
وذكر الباحث أنه لدى فشل وتلاشي «داعش» سيظهر تنظيم إرهابي يحمل اسما آخر يقوم بعملياته الإرهابية انطلاقا من ذات الأجندات، وأن تلك التنظيمات المتطرفة تنتهج في خلاياها الإرهابية إلى الأسلوب العنقودي القائم على وجود مبلغ مالي زهيد للغاية، وتحديد أهداف قد لا تكون دقيقة للغاية، والتغرير والتواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وأضاف: «المشكلة ليست في تنظيم داعش أو في اسمه، بل في العمليات التي يقوم بها، أو من يقف خلفها»، وقال: «من الأدوات التي نجد تنظيم داعش ينتهجها القيام بأدوار التحريض والتشكيك في بعض الثوابت الدينية والرموز ولو بطرق غير مباشرة، ويقوم أيضا باستهداف والتشكيك في القيادات الوطنية ومستوى القيادة والتشكيك في قدراتها، ويسعى إلى تشويه صورة السعودية من أجل خلق صورة سلبية في أذهان المجتمع».
وأفاد بأن عددًا من المعرفات في موقع التواصل الاجتماعي تدعي أنها تشكل في السعودية، وتقوم بتضخيم أي خطأ قد يحدث من أجل خلق صورة ذهنية سيئة عن البلاد، وفي حالة وجود أي إنجاز معين يتم التشكيك في صحته، ناهيك بتضخيم المشكلات مصورينها بالأمر جلل، والوصول إلى هدف وهو إرباك المجتمع، كما أن تلك العناصر تقوم على التركيز في تلك المعرفات على الاختراقات الطائفية، وإثارة الصراعات الآيديولوجية والفكرية في المجتمع.
من جهة أخرى، اعتبر الدكتور خليل الخليل، الأكاديمي والكاتب السعودي، أن الميليشيات والتنظيمات الإرهابية أمثال «داعش» و«القاعدة» والمتمردين الحوثيين «أداة من أدوات السياسة الإقليمية والدولية»، موضحًا أن السعودية «مستهدفة بوضوح من تلك الميليشيات والتنظيمات لعدم قدرة أعدائها على المواجهة العلنية من ناحية، ومن ناحية أخرى تلك القوى والدول رأت أن استخدام الميليشيات والتنظيمات التي تعمل تحت الأرض أقل كلفة مادية وسياسية، فسخرتها بدهاء ومكر لخدمة أهدافها العدوانية».
وشدد الدكتور خليل الخليل أن تلك الاستراتيجية العدائية لها بدت واضحة للمختصين وقوى الأمن، معتبرًا أنها لم تزل محاطة بالغموض والتشويش لدى عموم الناس، خصوصا الشباب اليافع، وذلك لقدرة تلك التنظيمات على خلط الأوراق واستخدام الدين في معركتها مع القدرة على توظيف وسائل التواصل الاجتماعي في الوصول للشباب بشكل عام والشباب السعودي بشكل خاص.
الشيباني.. من «قاعدة العراق» إلى «داعش سوريا»
سياسيون: دول تلجأ إلى حرب الوكالات بعد فشلها في اختراق الأمن الوطني السعودي
الشيباني.. من «قاعدة العراق» إلى «داعش سوريا»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة