مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

«الخاتون» نيكول كيدمان

تقول الأخبار إن هناك فيلمًا قيد الإعداد من بطولة النجمة الهوليوودية الشهيرة نيكول كيدمان ومجموعة أخرى من نجوم الصف الأول. الفيلم يهمنا نحن في هذه المنطقة، لأنه يتناول حياة أهم امرأة أوروبية أثرت على ماضينا وحاضرنا، بل وحتى مستقبلنا.. السيدة البريطانية غيرتود بل، أو «المس بل»، أو «الخاتون بل»، كما كان العراقيون ينادونها.
هذه السيدة السياسية الخطيرة، إلى جانب دورها السياسي الخطير، ممثلة لمصالح بريطانيا، المملكة العظمى، في منطقة الشرق الأوسط، وفي العراق بوجه خاص، كانت عالمة آثار ومؤرخة وتتحدث عددًا من لغات المنطقة وفي مقدمها العربية والفارسية، أي إنها تجسد المواصفات التقليدية لرواد المشرق الأوروبيين في ديارنا.. مزيج من العلم والسياسة والتجسس والمغامرات الفردية.
رسمت المس بل الكثير والمثير حول مصير العراق، وكانت توصف بسكرتيرة المشرق، في ظل صراع القوى الكبرى قبيل الحرب العظمى الأولى، وكانت تقارن بمواطنها الآخر ومعاصرها أيضًا، تي إس لورانس، أو «لورانس العرب». وهذه الشخصية حاضرة في فيلم نيكول كيدمان الذي يحمل اسم: «ملكة الصحراء». وهوليوود، كما نعلم، صنعت تحفة فنية قديمة هي فيلم «لورانس العرب».
خبر الفيلم يقول إن مسار الأحداث سيركز أكثر على الحياة الشخصية لمس بل، وقصص حبها، ولكن طبعًا في إطار دورها الأساسي وهو السياسة والحرب والسلام، والآثار والتاريخ طبعًا.. سنراها وهي تمتطي ظهور الإبل وتجوب القفار وتحاور ساسة العراق وشيوخ العشائر.
أظن أن ثمة الكثير مما يروى لأبناء اليوم عمّا جرى بالأمس العربي، بكل ألوانه وفصوله؛ المبهجة والمحزنة، وأهل الخليج وأهل العراق لم يقدموا الكفاية في هذا الصدد.
تغذية الجيل الحالي بمادة سينمائية أو تلفزيونية عن ذاكرة الأوطان ودفاتر التاريخ وحكايات التأسيس، بمقاربة محترفة، غير تبجيلية ولا هجائية أيضًا، ترياق ناجع لبناء وعي تاريخي تربوي يقي المتلقي من دعايات الأعداء وجهل الأبناء.
لدينا قصص غزيرة تصلح للمتعة الفنية وأيضًا التوجيه الخفي، وليس بالضرورة أن تكون عن ساسة، فهناك شعراء وتجار وزعامات شعبية وبحارة ورواد قوافل برية، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، ومن ضفاف الخليج إلى موانئ البحر الأحمر.
أيضًا لدينا أسماء وفيرة لعدد من رحالة المشرق، وبعضها ذو تاريخ مبكر مثل السويسري بوركهارت والألماني نولده.. وغيرهم كثير، أثروا فينا وأثرنا فيهم، تصلح حياتهم مادة للمتعة الفنية والتغذية العقلية.
بكلمة موجزة؛ لا بد من كتابة تاريخ المنطقة بصيغة سينمائية أو تلفزيونية، عن طريق أهل الشأن، خاصة أن هذا المحتوى مربح ومسل بشهادة هوليوود نفسها ونجمتها الخاتون نيكول كيدمان.
[email protected]