مهندسو السياسة النفطية السعودية

السعي وراء تحقيق معادلة استقرار السوق.. والمحافظة على الأسعار في مستويات مقبولة

مهندسو السياسة النفطية السعودية
TT

مهندسو السياسة النفطية السعودية

مهندسو السياسة النفطية السعودية

هل تركت السعودية دورها التقليدي كأكبر منتج مرجح في العالم؟ هل السعودية تسعى للقضاء على ثورة النفط الصخري؟ هل هناك دوافع سياسية خلف رغبة السعودية في ترك الأسعار تهبط بدلاً من دعمها؟ هل تسعى المملكة لبيع كل ما تستطيعه من نفط خوفًا من تحول العالم إلى الطاقة البديلة أو خوفًا من تراجع الطلب مستقبلاً؟
كل هذه الأسئلة تقود إلى سؤال واحد بمليار دولار، إذ يسعى مئات المحللين النفطيين والآلاف من المتعاملين والتجار في السوق دائمًا لبذل النفس والنفيس من أجل معرفة الإجابة عنه، وهذا السؤال ببساطة هو «ما هي السياسة النفطية السعودية؟»، والسؤال الآخر الحائر هو: من يقوم بتخطيط وتنفيذ السياسة النفطية السعودية، والتي تعتبر أهم سياسة بترولية في العالم؟
وهناك شغف كبير بمعرفة السياسة السعودية، خصوصًا في الظروف الراهنة، حيث غيرت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) سياستها القديمة بالدفاع عن الأسعار واتجهت لسياسة مغايرة تماما تقوم على الدفاع عن حصتها السوقية بدلاً من الدفاع عن الأسعار وترك أمرها للسوق للمرة الأولى في تاريخ المنظمة التي أنشئت في عام 1960، إذ يعد هذا تخليًا عن الهدف الأساسي الذي أنشئت من أجله المنظمة وهو الدفاع عن أسعار عادلة لمنتجي البترول.

قبل الإجابة عن السؤال ومعرفة ما هي السياسة السعودية الحالية يجب معرفة من هم الذين يضعون هذه السياسة. إن هندسة السياسة النفطية السعودية أمر معقد وبالغ الصعوبة وليس كما يتصوره البعض في أنه محصور في أشخاص بعينهم كالوزير مثلاً. وسبق أن أوضحت وزارة البترول هذا الأمر قائلة إن السياسة البترولية السعودية يتم اقتراحها من قبل «فريق متكامل من الخبراء والمختصين في اقتصادات السوق البترولية في مقر الوزارة الرئيسي بالرياض، وإطلاع القيادة العليا للبلاد عليها، والتنسيق مع الدول المنتجة للبترول، وبالذات دول (أوبك)، وبما يحقق مصالح المملكة على المديين القصير والمتوسط، وهذا الفريق يعتبر منظومة عمل متكاملة من الخبراء والمستشارين يدعم أصحاب القرار».
فمستوى التخطيط لـ«أرامكو السعودية» يختلف تمامًا عن مستوى التخطيط على مستوى «أوبك»، إذ إن «أرامكو» لديها جهاز مستقل وأصبح الآن لديها مجلس أعلى لشؤونها يرأسه ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ولديها مجلس إدارة خاص فيها يتكون من مجموعة من الوزراء والتنفيذيين في الشركة إضافة إلى ثلاثة خبراء أجانب.
وعلى مستوى «أوبك» تختلف الأمور كثيرًا، إذ على الرغم من كل هذا التعقيد على مستوى التخطيط للسياسة النفطية السعودية فإن هناك ثلاثة مهندسين رئيسيين على مستوى التخطيط في الوزارة يتربعون على هرم الجهاز الذي يدير شؤون المملكة في المنظمة.

المهندسون الثلاثة

أما المهندس الأول فهو وزير البترول علي النعيمي، والذي أمضى نحو عقدين من الزمن في منصبه الحالي والذي بدأ مسيرته مع «أوبك» منذ عام 1995. والنعيمي غني عن التعريف فهو قد أمضى نحو 60 عامًا في قطاع النفط منذ أن كان في الثانية عشرة من عمره. وقاد المنظمة في ظروف كثيرة صعبة وعاصر كل الصدمات التي تعرضت لها أسعار النفط منذ السبعينات حتى يومنا هذا.
والمهندس الثاني في الوزارة هو نائب الوزير الأمير عبد العزيز بن سلمان، والذي كان أحد أهم الشخصيات السعودية في «أوبك» منذ عام 1987 حتى الوقت الحالي. لقد أمضى الوزير سنوات طويلة في أروقة أوبك وعمل مع وزيرين حتى الآن وهما هشام ناظر وعلي النعيمي. ويعتبر الأمير عبد العزيز مرجعية في شؤون المنظمة وتاريخها ويمتلك شبكة واسعة من العلاقات الدولية وظل هو الوجه الدولي للوزارة لسنوات طويلة في الكثير من المنظمات وكان عضوًا لفترة طويلة في لجنة الاستراتيجيات بعيدة المدى في «أوبك» مما أكسبه المزيد من القدرة على التخطيط الاستراتيجي.
أما المهندس الثالث فهو دائمًا ما يكون محافظ المملكة في «أوبك» وشغل هذا المنصب الكثير من الأسماء من أبرزهم كان الدكتور ماجد المنيف والذي ترك المنصب في عام 2012. وبالنسبة للسياسة الحالية فإن المحافظ الحالي وهو الدكتور محمد الماضي كان له دور كبير فيها إذ إنه عمل لفترة طويلة في تسويق النفط السعودي في الصين وكوريا وفي تسعير النفط في الظهران قبل أن ينضم لفريق الوزارة. والماضي كما يصفه الكثير ممن علموا معه في آسيا يمتلك قدرة كبيرة على التخطيط الاستراتيجي والتسويق بفضل قربه من العملاء. فهو لم يكون مسوقا للنفط فحسب في الصين، بل وسيطًا بين الزبائن وبين شركة «أرامكو» في ما يتعلق بالاستثمار المتبادل.
وبطبيعة الحال يشارك هؤلاء الثلاثة الكثير من الشخصيات الأخرى في الوزارة أو حتى في «أرامكو السعودية» عملية التخطيط والاستشارات إذ يوجد لدى الوزير الكثير من المستشارين أمثال الدكتور إبراهيم المهنا والذي يتولى مهمة السياسات الإعلامية في الأغلب إلا أن الثلاثة في الأعلى لا يزالون الأبرز نظرًا لدورهم في «أوبك»، وخصوصا وأن السياسة الحالية تعتمد على الدفاع عن حصة المملكة السوقية، وهذا الأمر يتطلب أشخاصا على دراية كبيرة وعميقة بالسوق النفطية وطريقة تسويق النفط وعمل المصافي العالمية.
بعد معرفة من هم الأشخاص المهمون في هندسة السياسة النفطية السعودية يأتي الحديث عن ماهية السياسة المتبعة حاليًا. لقد أوضحت الوزارة الخطوط العامة لهذه الوزارة مطلع شهر يونيو (حزيران) الماضي عندما قالت: «إن السياسة البترولية السعودية، فيما يخص الإنتاج والسوق البترولية الدولية، تنطلق من معطيات واضحة، بناءً على مصلحة المملكة، ولا تتأثر بالآراء الفردية».
والسياسة السعودية متغيرة وليست ثابتة حسب متغيرات السوق ولكن هناك ثوابت كثيرة في هذه السياسة. ولا تكمن المشكلة كما يتوقع الكثير من الغربيين في عدم وضوح السياسة بل تكمن في التشكيك في أي سياسة تعلنها المملكة على يد الإعلام الأجنبي أو على يد المحللين أو التجار إذ إن للجميع أجندات ومصالح مختلفة تدفعهم للتشكيك في السياسة النفطية السعودية.
وتواجه السياسة النفطية السعودية حاليًا أشد التشكيك والعداء لسببين الأول هو أن هناك يقينا وإيمانا تامين بأن هناك حربًا خفية تقودها المملكة وتستخدم فيها النفط كسلاح لضرب روسيا وإيران بسبب خلافتها السياسة مع هاتين الدولتين. أما السبب الثاني فهو أن السياسة السعودية بالدفاع عن حصتها السوقية بدلاً من الدفاع عن الأسعار أدت إلى تبني «أوبك» نفس السياسة مما أدى إلى هبوط أسعار النفط بنحو النصف عما كانت عليه قبل عام مضى مما أضر بمداخيل الكثير من المنتجين داخل وخارج أوبك.

السياسة السعودية قبل اجتماع «أوبك»

وظهرت أولى معالم السياسة البترولية السعودية الحالية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في كلمة ألقاها وزير البترول النعيمي في مؤتمر في المكسيك قبل أسبوعين من موعد اجتماع وزراء «أوبك».
وجاءت تصريحات النعيمي في وقت كانت السوق فيه تعج بالفوضى وسيطر فيه المضاربون على الأسعار. فمن جهة بدأ الفائض في السوق يتراكم مع عودة الإنتاج الليبي وضعف الطلب، ومن جهة أخرى أعطت السعودية تخفيضات على نفطها وتبعتها بعض دول «أوبك» في ذلك مما جعل بعض وسائل الإعلام والمحللين يستنتجون أن السعودية تقود حربًا للأسعار لضرب منتجي المنظمة. وزادت نظريات المؤامرة حول تخفيضات المملكة بعد أن ربط بعض المحللين وبخاصة الأميركان من أمثال توماس فريدمان ما يحدث بأنه محاولة لاستخدام النفط السعودي لضرب روسيا وإيران أو تقويض دور الولايات المتحدة في أسواق الطاقة من خلال ضرب منتجي النفط الصخري.
«إننا لا نسعى إلى تسييس النفط.. في نظرنا إنها مسألة عرض وطلب.. إنها تجارية محضة»، هذه الكلمات البسيطة التي ألقاها وزير البترول السعودي علي النعيمي في المكسيك، كانت تلخيصا للسياسة النفطية السعودية والرد على كل ما تم إثارته على مدى شهرين متتاليين.
ولكن هذا الإعلان لم يرق كثيرًا لأصحاب نظرية المؤامرة الذين استمروا في التشكيك فيها ووضع هؤلاء المملكة على مسار تصادمي مع الولايات المتحدة ومع روسيا وهما دولتان مهمتان في مجموعة العشرين. فبقاء أسعار النفط في مستوى منخفض من المفترض أن يقوض إنتاج الدولتين من النفط ويضعف ميزانية روسيا بشكل كبير.
ولكن خطاب النعيمي جاء ليبعد السعودية عن كل هذه السيناريوهات عندما قال: «نحن لا نسعى للتصادم مع أحد»، ولم يتوقف النعيمي عند هذا الحد بل أوضح أن السوق هي من يحدد السعر لا السعودية.
وأضاف النعيمي في خطابه الذي ألقاه في مؤتمر عن الغاز الطبيعي في منتجع أكابلكو المكسيكي: «الحديث عن حرب أسعار علامة على سوء فهم مقصود أو غير ذلك ولا أساس له من الواقع».
وفي العادة لا يصدق الناس ما يسمعونه في الخطابات. وإذا لم يكن هناك دليل مادي فإن الكلمات التي يقولها النعيمي ستصبح جوفاء.
وكان الدليل على ما قاله النعيمي هذه المرة هو ورقة واحدة صدرت في أول أسبوع في شهر نوفمبر الماضي عنوانها هو «قائمة الفروق السعرية لـ(أرامكو السعودية) لشهر نوفمبر». وأظهرت القائمة الصادرة أن السعودية رفعت أسعار النفط على زبائنها في آسيا وأوروبا فيما قدمت تخفيضات على زبائنها في الولايات المتحدة. وبهذا أنهت المملكة التكهنات حول وجود أي حرب أو دوافع سياسية خلف طريقة تسعيرها للنفط بشهادة أغلب المحللين في السوق وأكبر المصارف الاستثمارية التي تتاجر في النفط الخام.
وأوضح النعيمي أن «أرامكو» تضع أسعارها الشهرية لنفطها على «خطوات تسويقية راسخة لا أقل ولا أكثر». وشرح النعيمي للحضور في المكسيك عن كيفية ذلك فهي تراعي أمورا كثيرة منها وضعية الهوامش الربحية للمصافي والعلاقة مع الزبائن والحالة التي تكون عليها السوق وبعض العوامل العلمية والعملية الأخرى. وعند سماع كلمات النعيمي يتبادر إلى الذهن سؤال وهو ماذا تريد المملكة إذا وما هو الدور الذي تريد أن تلعبه في الأسواق إذا لم تكن تهدف إلى تستخدم النفط كوسيلة سياسية لدعم نفوذها؟!
ويجيب النعيمي في نفس الخطاب على هذا السؤال عندما يقول: «نريد أسواق نفط مستقرة وأسعارا مستقرة لأن في ذلك مصلحة للمنتجين والمستهلكين والمستثمرين».
لقد تعلمت السعودية بعد أكثر من 50 عامًا على قيادتها منظمة «أوبك» أن استقرار الأسواق وأسعار النفط أهم بكثير من الحصول على أسعار عالية متذبذبة. وهذا ما جعل النعيمي يقول في خطابه أن السياسة النفطية السعودية ثابتة منذ وقت طويل ولم تتغير.
والسبب في هذا أن السعودية لديها نظام سياسي ثابت وآمن وليس نظام سياسي معرض للتقلبات، كما أن الدولة تدرك تمامًا بعد تجاربها في السبعينات والثمانينات أن السياسة عود كبريت لا يجب أن يقرب كثيرًا من النفط القابل للاشتعال ولهذا عملت على عزل السياسة عن النفط بشتى الطرق الممكنة.
وبالتأكيد لا يمكن أن يعيش النفط في عزلة تامة عن السياسة الدولية، ولكن أن يكون مكشوفًا على السياسة وأن تكون السياسة هي المحرك الأول له لا عوامل وقوى السوق فهنا ستكون السياسات النفطية غير واضحة وهذا سينعكس على الأسعار وعلى نمو الطلب على النفط، وهو أمر لا يريده منتج كبير مثل السعودية.
وتلعب الطاقة دورًا كبيرًا في علاقة السعودية بدول مجموعة العشرين، فهم إما منتجون للطاقة ومنافسون لها مثل روسيا أو زبائن كبار لها مثل الهند والصين والولايات المتحدة. وبالنسبة لزبائن السعودية الكبار فإن استقرار السوق والأسعار أمر مهم جدًا، والأهم من هذا أن تكون الأسعار في مستويات مقبولة وعادلة للجميع تساعد على الاستهلاك والنمو الاقتصادي ولا تضر في الاستثمار لإضافة طاقات إنتاجية جديدة. وحافظت السعودية على استقرار الأسواق مرات كثيرة آخرها هو زيادة إنتاجها منذ عام 2011 لتغطية كل الانقطاعات الحاصلة في دول «أوبك» وهو ما أبقى أسعار النفط مستقرة عند مستوى 100 دولار لأطول فترة في تاريخ الأسعار دامت نحو ثلاث سنوات أو يزيد قليلاً.
ولكن استقرار السوق والوصول إلى أسعار مرضية للجميع لن يتم إلا بالحوار، ولهذا أدركت المملكة أهمية الحوار مع المستهلكين وباقي المنتجين من خلال أكثر من قناة من بينها «أوبك» أو منتدى الطاقة العالمي الذي توجد أمانته العامة في الرياض ويعمل على تقريب وجهات النظر بين المنتجين والمستهلكين.
ويقول النعيمي إنه بعد السنوات الطويلة جدًا التي قضاها في تجارة النفط فإنه تعلم درسا مهما جدًا وهو أهمية مناقشة أي أمر في إطار تعاوني «ولذلك فإنه من الضروري أن يستمر الحوار بين (أوبك) والبلدان المنتجة من خارج (أوبك) والمستهلكين».

السياسة النفطية بعد اجتماع «أوبك»

في الفترة بعد اجتماع «أوبك» التاريخي الذي عقد في نوفمبر الماضي، واتفقت فيه الدول على الإبقاء على سقف الإنتاج كما هو للدفاع عن حصتها السوقية، أصبحت السياسة السعودية معلنة بشكل أوضح من قبل مجلس الوزراء وليس على لسان الوزير فقط.
فعقب الاجتماع أرسلت الحكومة السعودية رسالة إلى جميع منتجي البترول في العالم مفادها أن استقرار السوق يتطلب تعاون المنتجين خارج «أوبك»، ولا يقف على السعودية وباقي الدول الأعضاء في «أوبك» وحسب. وأبدى مجلس الوزراء السعودي حينها في بيان عقب اجتماعه الأسبوعي ارتياحه من القرار الذي اتخذته منظمة «أوبك» خلال اجتماعها الأخير الذي عقد في العاصمة النمساوية فيينا عندما وافقت المنظمة في الاجتماع على إبقاء سقف إنتاجها كما هو عند 30 مليون برميل يوميًا وهو السقف الذي تم الاتفاق عليه في ديسمبر (كانون الأول) عام 2011.
وقال المجلس في البيان أن القرار «يعكس تماسك المنظمة ووحدتها، وبعد نظرها، وهو ما توليه المملكة أهمية خاصة». وأشار المجلس في بيانه إلى اهتمام المملكة باستقرار السوق البترولية الدولية.. «وأن تعاون المنتجين من داخل المنظمة وخارجها يعتبر مسؤولية مشتركة لتحقيق هذا الاستقرار».
وعادت المملكة لتختم حديثها في البيان بالتذكير والتنبيه إلى أهمية مقاومة أمر أخر يهدد استقرار السوق البترولية ألا وهو مسألة المضاربة، حيث قال مجلس الوزراء: «وتنبه المملكة إلى مضار المضاربين في السوق وتدعو إلى التعاون لمواجهة هذه الظاهرة».
ومنذ ذلك الوقت والسياسة السعودية تتعرض لهجمات إعلامية شرسة من قبل الدول في «أوبك» أو خارجها. وعادت الحكومة السعودية في أبريل (نيسان) الماضي للتذكير بالسياسة البترولية مجددًا.
وجددت السعودية في أبريل موقفها الرسمي من دعم أسعار النفط والتي فقدت نصف قيمتها منذ يونيو الماضي إلا أنها وضعت شروطًا لهذا الدعم أهمها هو مشاركة المنتجين الكبار في هذه الخطوة. وجاء هذا الخطاب بالتزامن مع بيان دعت فيه «أوبك» المنتجين خارجها إلى تحمل العبء لإعادة الاستقرار إلى السوق.
وقال مجلس الوزراء السعودي في تصريح عقب جلسته الأسبوعية حينها، إن المملكة «ما زالت مستعدة للإسهام في إعادة الاستقرار للسوق وتحسين أسعار البترول بشكل معقول ومقبول، ولكن بمشاركة الدول الرئيسة المنتجة والمصدرة للبترول، وحسب أسس واضحة وشفافية عالية». وشدد المجلس في بيانه على أن المملكة «وبشكل قاطع لا تستخدم البترول لأغراض سياسية، ضد أي دولة، وأنها ليست في صراع تنافسي مع الزيت الصخري، أو غيره بل ترحب بالمصادر الجديدة التي تضيف عمقًا واستقرارًا للسوق».
وكان وزير البترول السعودي علي النعيمي قد أوضح الأسبوع الذي سبق إصدار بيان مجلس الوزراء في الرياض في كلمة ألقاها في اللقاء السنوي الثامن عشر لجمعية الاقتصاد السعودية، أن المملكة مستعدة للإسهام في تخفيض الإنتاج.. «حسب آلية عادلة ذات مصداقية، إلا أن ظروف السوق تتطلب عملاً مشتركًا، للدول الرئيسة المنتجة والمصدرة للبترول».
وأضاف النعيمي أنه قد تم إجراء اتصالات وزيارات مكثفة، كما عُقدت اجتماعات مشتركة، وكان جواب بعض الدول المنتجة الرئيسة من خارج «أوبك»، هو عدم المقدرة أو الرغبة في التخفيض، ولهذا السبب قررت «أوبك»، بالإجماع، في اجتماع 27 نوفمبر الماضي، الإبقاء على مستوى الإنتاج، وعدم التفريط في حصتها في السوق لصالح الآخرين.
ومن الأمور المهمة في السياسة الحالية والتي يقول النعيمي إنه تعلمها جيدًا مسألة التخلي عن دور المنتج المرجح والذي لعبته المملكة في الثمانينات عندما كانت تخفض إنتاجها بمفردها حتى تحافظ على الأسعار عالية، ولكن الأمر انتهى بها بخسران حصتها في السوق وخسران الأسعار عندما هبط إنتاجها من 10 ملايين برميل يوميًا إلى ما يزيد قليلاً على 3 ملايين برميل في 1985.

ركائز السياسة البترولية السعودية
قد تتغير السياسة البترولية السعودية مع تغير الظروف، ولكنها تقوم على ركائز أساسية ثابتة ومن أهمها.
1 - تلبية طلب الزبائن
2 - المحافظة على استقرار السوق بالتنسيق مع المنتجين الكبار داخل وخارج المنظمة
3 - بيع النفط على أساس تجاري لا على أساس سياسي.
4 - الحفاظ على مستوى أسعار مناسب للمستهلكين ومناسب للمنتجين بالاستثمار في زيادة الطاقات الإنتاجية مستقبلاً.
5 - الحفاظ على طاقة إنتاج احتياطية تتراوح بين 1.5 و2 مليون برميل يوميًا في كل الأوقات لمواجهة أي انقطاعات في الإمدادات على مستوى العالم
ولا تزال السياسة السعودية الحالية لم تتغير منذ نوفمبر الماضي ولم يزل التشكيك فيها قائمًا حتى الآن ولا يزال المضاربون على أمل أن تغير المملكة موقفها وتتخلى عن حصتها السوقية وتتجه لدعم الأسعار وهو نفس الأمل الذي تتمناه الكثير من الدول التي تريد من المملكة أن تضحي بحصتها من أجل أن تنعم هي بمداخيل أعلى من دون أن تساهم في أي عبء. ويبقى السؤال الذي لا يمكن الإجابة عنه هو متى ستتخلى السعودية عن هذه السياسة الحالية؟



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».