الإرهاب يستهدف السياحة في تونس مجددًا.. ويحصد 37 قتيلاً وعشرات الجرحى

السبسي: تونس لا تستطيع وحدها مواجهة المتطرفين

قوات أمن تونسية تقتاد أحد المشتبه بهم في تنفيذ الهجوم الإرهابي الذي خلف 37 قتيلا أمس (إ.ب.أ)
قوات أمن تونسية تقتاد أحد المشتبه بهم في تنفيذ الهجوم الإرهابي الذي خلف 37 قتيلا أمس (إ.ب.أ)
TT

الإرهاب يستهدف السياحة في تونس مجددًا.. ويحصد 37 قتيلاً وعشرات الجرحى

قوات أمن تونسية تقتاد أحد المشتبه بهم في تنفيذ الهجوم الإرهابي الذي خلف 37 قتيلا أمس (إ.ب.أ)
قوات أمن تونسية تقتاد أحد المشتبه بهم في تنفيذ الهجوم الإرهابي الذي خلف 37 قتيلا أمس (إ.ب.أ)

قال محمد علي العروي، المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية، إن الهجوم الإرهابي الذي استهدف أمس فندقين بمدينة سوسة السياحية خلف 27 قتيلا، وأكثر من ستة جرحى في حصيلة أولية، كما تم القضاء على أحد المهاجمين من طرف قوات الأمن، وحجز سلاح كلاشنيكوف استعمله خلال الهجوم الدامي.
ومباشرة بعد انتشار خبر الهجوم، توجه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، والحبيب الصيد رئيس الحكومة، إلى مكان الحادث، بالإضافة إلى قاضي التحقيق وممثل النيابة العامة، لمعاينة جثث الضحايا في انتظار فتح بحث قضائي حول العملية الإرهابية.
وأعلن الرئيس السبسي أن بلاده لا تستطيع «وحدها» مواجهة المتطرفين، وقال من الفندق الذي تعرض للهجوم: «لقد أدركنا اليوم أن تونس تواجه حركة عالمية لا يمكنها أن تواجهها وحدها. والدليل أنه في اليوم نفسه وفي الساعة نفسها استهدفت عملية مماثلة فرنسا.. والكويت»، مضيفا أن «هذا يقيم الدليل على وجوب وضع استراتيجية شاملة (لمواجهة المتطرفين) وعلى ضرورة أن توحد كل الدول الديمقراطية حاليا جهودها ضد هذه الآفة».
من جانبها، أعلنت وزارة الصحة في بيان أن الهجوم أسفر، وفق حصيلة جديدة غير نهائية، عن مقتل 37 شخصا وإصابة 36 آخرين في الهجوم، إذ قال شكري النفطي المكلف بالإعلام في وزارة الصحة إن الهجوم أسفر عن «37 قتيلا و36 جريحا بعضهم في حالة حرجة»، وإن القتلى يتكونون من تونسيين وسياح من جنسيات بريطانية وألمانية وبلجيكية.
وهرعت قوات أمنية وعسكرية إلى مكان الحادث وطوقت المنطقة قبل أن تكثف من عمليات التمشيط خشية وجود متشددين آخرين بالقرب من المنطقة. وأكد العروي أن تسجيل الإصابات بين عدد من المقيمين جاء نتيجة إطلاق النار العشوائي من قبل المهاجمين، وتبادل إطلاق النار مع منفذي الهجوم. وأشار محللون مختصون في مجال الإرهاب إلى أن تزامن الهجوم الدامي الذي عرفته مدينة سوسة مع هجوم مماثل في مدينة ليون الفرنسية، قد يخفف قليلا من تأثير ووقع هذا الهجوم. وكان إيمانويل فالس، رئيس الحكومة الفرنسية قد تطرق للهجومين الإرهابيين المتزامنين في موقعه على الشبكة العنكبوتية بقوله: «إن الإرهاب أعمى ولا يستثني أمة دون أخرى، حيث ضرب فرنسا وتونس في وقت واحد».
ووفق تفاصيل قدمتها مصادر أمنية حول الحادث، فإن إرهابيين اثنين تسللا إلى النزل الأول من جهة البحر، وبعد دخولهما إلى الفندق أطلقا وابلا من الرصاص على المقيمين بالنزل، لكن تمكنت قوات الأمن من القضاء على عنصر واحد، فيما تمكن العنصر الثاني من الفرار.
وقال شاهد عيان للتلفزة التونسية الحكومية إنه شاهد الإرهابي في قاعة الاستقبال عندما أطلق النار على الموجودين داخل النزل، قبل أن يخرج في اتجاه مرأب للسيارات، ويواصل إطلاق النار على الجميع بشكل عشوائي، مضيفا أنه نجا من الموت بأعجوبة، حيث لم تكن تفصله عن المهاجم سوى أمتار قليلة. وأظهرت الصورة الأولى لمنفذ الهجوم الذي قتل على مسرح العملية، أنه كان يرتدي لباسا صيفيا، يرجح أنه استخدمه للتمويه وإبعاد شكوك عناصر الأمن، غير أن وجود سلاح الكلاشنيكوف بحوزتهما يثير، حسب عدد من المراقبين، الكثير من الشكوك حول كيفية وصول السلاح إليهما.
ورجحت بعض المصادر الأمنية أن الهجوم الدامي جاء بعد تسلل عنصر إرهابي إلى شاطئ النزل قادما من البحر، وهو من قام بإطلاق الرصاص بطريقة عشوائية على السياح قبل أن تتدخل قوات الأمن على الفور، وهو ما قلل، حسب شهود عيان، من الخسائر الناجمة عن الهجوم. إلا أن بعض المحللين الأمنيين رجحوا كذلك أن يكون نقص الحماية الأمنية داخل الفنادق التونسية وراء إقدام المسلحين على الدخول إلى النزل ومهاجمة السياح.
روايات شهود عيان أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن المهاجم باغت طاقم الأمنيين التابعين للفندق ولقوات الأمن التونسية لأنه تسلل من الشاطئ وليس من أبواب الفندق، وباعتبار أن الشواطئ عمومية في تونس فقد «أخفى الإرهابي سلاح الكلاشنيكوف» وسط مظلة مضادة للشمس كان يسير بها في اتجاه الشاطئ المجاور للبحر، ثم استعملها في العدوان على العمال والسياح.
من جهته، قال حسين جنيح، وهو رجل أعمال من سوسة شهد تفاصيل الهجوم، إن الإرهابيين نزلا عبر زورق سريع (زودياك) من البحر، وإن العملية انطلقت من الشاطئ، موضحا أن أحد منفذي الهجوم كان يخفي السلاح داخل مظلة شمسية، وكان يحمل في يده قنبلة.
واعتبر مختار بن نصر، العميد السابق في الجيش التونسي، أن عملية سوسة كانت متوقعة، خاصة بعد التهديدات السابقة بتنفيذ عمليات إرهابية خلال شهر رمضان. لكنه دعا إلى عدم السقوط في فخ الإرهاب، وبث جو من الرعب في صفوف التونسيين.
وألقت وحدات الأمن القبض على شخصين يشتبه في علاقتهما بالعملية الإرهابية بالمنطقة السياحية في القنطاوي، التي كانت مسرحا للهجوم الدامي.
وإذ دعت زعامات الأحزاب السياسية الكبرى، وبينها وزيرة السياحة فوزية اللومي وقيادات في حزب الباجي قائد السبسي، إلى «الوحدة الوطنية»، فإن تزامن الهجوم الجديد مع قرب انطلاق محاكمة قتلة شكري بلعيد، اعتبر من قبل بعض المراقبين السياسيين «أخطر ضربة أمنية سياسية موجهة للدولة والمجتمع في تونس منذ انتخاب الرئيس الباجي قائد السبسي والبرلمان الحالي»، وبدأ الجميع يتساءل في تونس متى ستنتهي مرحلة الخطب السياسية والوجدانية؟ ومتى تعطى الفرصة لمئات العسكريين والأمنيين كي يساهموا في الحرب على الإرهاب وإجهاض مخططات عصابات خبروها عن قرب طوال مسيرتهم المهنية. وفي هذا السياق، دعا بن نصر إلى الاستفادة من خبرات نحو 300 من كبار الضباط الذين أحيلوا على التقاعد، والذين يمكن التعاون معهم مجددا باعتبارهم «من ضباط الاحتياط».
وتزامنت هذه العملية الإرهابية مع حملة غير مسبوقة من الإضرابات والاضطرابات الاجتماعية والاعتصامات والتحركات التي تداخلت فيها المطالب المشروعة للعاطلين عن العمال والموظفين بمطالب «الأطراف السياسية اليسارية المتشددة» التي أعلنت أنها تعمل على إسقاط حكومة الحبيب الصيد والائتلاف الحزبي الذي يدعمها، وتشكيل حكومة ثورية يسارية، تتبرأ من ديون تونس الخارجية على غرار ما فعل اليسار اليوناني، على حد تعبير حمه الهمامي، زعيم الحزب العمالي الشيوعي. لكن غالبية قيادات الأحزاب المشاركة في الائتلاف الرباعي الحالي ترفض إسقاط الحكومة الحالية، كما تطالب بتوظيف الهجمات الإرهابية لدعوة كل الأطراف إلى «الوحدة الوطنية، (وليس إلى التصدع) والمغامرة بدفع البلاد نحو المجهول». وأكدت تصريحات الرئيس السبسي ورئيس حكومته أمس بعد العملية الإرهابية على نفس المعاني التي صدرت عن الأمين العام لحزب النهضة علي العريض، والأمين العام للحزب الوطني الحرب سليم الرياح حول «دعم الحكومة الائتلافية الحالية»، واعتبار إضعافها أو إسقاطها «خدمة للإرهاب والإرهابيين ومغامرة غير مأمونة العواقب».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.