صندوق النقد الدولي: الاقتصاد الإيراني ضعيف لكنه في مرحلة النمو

أول تقرير تقييمي في ثلاث سنوات.. وخبراء مختلفون على فحواه

صندوق النقد الدولي: الاقتصاد الإيراني ضعيف لكنه في مرحلة النمو
TT

صندوق النقد الدولي: الاقتصاد الإيراني ضعيف لكنه في مرحلة النمو

صندوق النقد الدولي: الاقتصاد الإيراني ضعيف لكنه في مرحلة النمو

نشر صندوق النقد الدولي يوم الأربعاء الماضي تقييمه عن الاقتصاد الإيراني واصفا إياه بالاقتصاد «الضعيف»، لكنه وصفه في الوقت نفسه بأنه في مرحلة النمو.
ويُعد هذا التقرير أول تقرير ميداني لهذه المؤسسة المالية الدولية عن الاقتصاد الإيراني خلال السنوات الثلاث المنصرمة، مقترحا للحكومة الإيرانية الجديدة بأن تقوم بإصلاحات اقتصادية سريعة وجذرية للحد من الوهن الأكبر في البنية التحتية للاقتصاد الناجم عن العقوبات الدولية وسوء إدارة الحكومة السابقة وفقا للتقرير. ويمكن أن نعتبر هذا التقرير هو الأول من هذه المؤسسة المالية منذ تشديد العقوبات الدولية ضد إيران، حيث انطلقت العقوبات غير المسبوقة المصرفية والمالية الأوروبية والأميركية ضد إيران منذ صيف 2012.
ويقول مارتن سريسولا، مدير قسم الشرق الأوسط وأفريقيا في صندوق النقد الدولي، في تقريره هذا حول أسباب الضعف البنيوي للاقتصاد الإيراني في الأعوام الماضية «أثرت الصدمات الهائلة وسوء الإدارة للاقتصاد الكلي خلال الأعوام المنصرمة على نمو الاقتصاد الإيراني». ويضيف في تقريره أن الصدمات الناجمة عن تنفيذ المرحلة الأولى لمشروع «الدعم النقدي الهادف» والخطط الاجتماعية الطموحة الفاقدة لأي مصادر مالية ضرورية، وصعوبة الظروف المتعلقة بالنشاط الاقتصادي بسبب تشديد العقوبات أدت إلى إضعاف الاقتصاد الإيراني خلال الأعوام المنصرمة.
ويقترح التقرير لحكومة روحاني أنه ومع الوضع الاقتصادي المشفوع بخطر شحة النمو (السلبي) والتضخم، يجب أن يقوم بإصلاحات جدية في الاقتصاد الإيراني كي يزيد من الاستقرار والاستثمار والكفاءة الاقتصادية. غير أن التقرير يرسم أفقا إيجابيا لمستقبل الاقتصاد الإيراني، ويؤكد أن المسؤولين في الحكومة الجديدة يدركون التحديات المقبلة للاقتصاد الإيراني وهم يقومون بإجراءات أولية لتحسين الوضع الاقتصادي في العديد من المجالات.
ويذكّر صندوق النقد الدولي بانحسار النمو السلبي للاقتصاد الإيراني، مؤكدا أن نسبة التضخم السنوي في إيران انحسرت بشكل كبير وانخفضت من 45 في المائة في يوليو (تموز) 2013 إلى أقل من 30 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) 2013. فوفقا لتقرير المصرف المركزي الإيراني وصلت نسبة النمو الاقتصادي في إيران في العام الماضي إلى ناقص 5.8 في المائة، حيث لم نشهد مشابها لها إلا خلال الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات من القرن المنصرم. وتوقع صندوق النقد الدولي نسبة النمو للاقتصاد الإيراني في عام 2014 بين 1 و2 في المائة.
وقال الأستاذ الجامعي الدكتور بيجن بيد آباد، في مقابلة مع «الشرق الأوسط»: «على رغم من أن صندوق النقد الدولي تحدث في تقريره الأخير عن نمو الاقتصاد الإيراني في المستقبل القريب، لكن وفقا للمشاهدات الموضوعية واستنادا إلى تصريحات محمد رضا نعمت زادة وزير الصناعة والمناجم والتجارة في إيران فإن قطاع الصناعة واجه نموا سلبيا بنسبة 9 في المائة، بل وارتفعت هذه النسبة إلى 12 في المائة أيضا». وأضاف «يجب أن ننتبه إلى أن المرحلة الثانية لخطة (الدعم النقدي الهادف) ستطبق في المستقبل، وهذا بدوره سيلقي بظلاله على القطاعات الاقتصادية والإنتاجية في إيران، حيث إذا لن تعمل الحكومة بشكل صحيح في تطبيق سياساتها الاقتصادية فسيواجه الاقتصاد الإيراني إفلاسا بشكل عام».
وأشار إلى تأثير المفاوضات النووية ونتائجها النهائية بعد مرور 6 أشهر قائلا «نتوقع خروج إيران من حالة الانعزال إثر تحسن الوضع الدبلوماسي». لكن يجب الانتباه إلى أن حضور المستثمرين الأجانب وتصدير منتجات النفط والغاز وتنمية الصادرات غير النفطية لن تتحقق إلا باستمرار العملية الدبلوماسية المناسبة، وأن أي خلل في تنفيذها وفي الفترة المحددة سينهي كل التقييمات الإيجابية للاقتصاد الإيراني.
وقال محمود قلي يوسفي، أستاذ جامعة العلامة الطبطبائي، لـ«الشرق الأوسط» حول هذا الموضوع «لا يمكن أن نعتبر تقرير صندوق النقد الدولي تقريرا كاملا ومناسبا للاقتصاد الإيراني، حيث يتجذر القطاع الأكبر من الاقتصاد الإيراني في الداخل، وما دامت هذه الجذور توجد في الاقتصاد الإيراني فلا يمكن أن نشهد اقتصادا مناسبا وناميا في إيران». وأضاف «وفقا للتوافقات التي تمت في المفاوضات النووية، توقعوا مستقبلا مضيئا للاقتصاد الإيراني، لكن يجب أن نرى هل سياسات إيران الداخلية تتطابق والاتجاهات الدولية؟».
وأردف قائلا «الاقتصاد الإيراني ليس في وضع مناسب حاليا وهذه حقيقة. وهناك تأثير كبير للسياسات الداخلية ولأدبيات المسؤولين في هذا الأمر، والحكومة الراهنة تسعى وباستخدامها لأدبيات مناسبة ومنطقية أن تغير من رؤية قادة الدول تجاه إيران. كما تسعى باستخدامها للمديرين المجربين في المجال الاقتصادي أن تحيي البنى التحتية التي تدمرت في عهد الرئيس أحمدي نجاد، حيث إنهم إذا نجحوا في ذلك فلن تكون التنمية الاقتصادية مستحيلة في إيران».
وصرح هذا الخبير الاقتصادي «إيران وباستخدامها للمصادر الطبيعية والطاقة ووجودها في منطقة استراتيجية تستطيع أن تقترب من مرحلة النمو والتنمية، وذلك بالتخطيط وإلغاء الريع الداخلي في الاقتصاد الإيراني، لكن إذا عملت كالحكومات السابقة وغضت الطرف عن بعض المخالفات فلن يكون مصير الاقتصاد الإيراني كما توقع صندوق النقد الدولي في تقريره».
وقد أعلن وزير الاقتصاد الإيراني علي طيب نيا مؤخرا أن نسبة التضخم بلغت نحو 40 في المائة عندما تسلمت الحكومة الجديدة الأمور، مؤكدا أن هذه النسبة غير مسبوقة في تاريخ البلاد. وكان لنشر تقرير صندوق النقد الدولي وزيارة بعض أعضائه لإيران انعكاس واسع في المجتمع الدولي، حيث يحتاج الشركاء التجاريون لإيران إلى تقييم صحيح للوضع الاقتصادي في إيران، لكن الظروف الاقتصادية في داخل البلاد لا تزال تواجه التحديات والمشكلات الجدية.
وقد تجمع يوم الخميس الماضي عدد من أصحاب الأسهم أمام بورصة طهران احتجاجا على مخطط لنقل رموز 14 شركة من السوق الأساسية إلى السوق التوافقية.
ووفقا لوكالة «إيرنا» الإيرانية، اجتمع عدد من المحتجين أي أصحاب الأسهم لـ14 شركة من المفروض أن يتم نقل رموزها من السوق الأساسية إلى السوق التوافقية يوم 21 فبراير (شباط)، اجتمعوا في نهاية اليوم الأخير للأسبوع الماضي محتجين على استمرار انخفاض أسعار الأسهم في بورصة طهران. وقد حمل بعض المحتجين لافتات تطالب بإقالة رئيس منظمة البورصة في طهران.



إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».