وثائق سرية عن فضائح «سي آي إيه» في تعذيب معتقلي غوانتانامو

تكشف دور الوكالة في إجراء «تجارب على البشر»

وثائق سرية عن فضائح «سي آي إيه» في تعذيب معتقلي غوانتانامو
TT

وثائق سرية عن فضائح «سي آي إيه» في تعذيب معتقلي غوانتانامو

وثائق سرية عن فضائح «سي آي إيه» في تعذيب معتقلي غوانتانامو

خولت أجزاء من وثيقة صادرة عن وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سى آي إيه)، نشرتها صحيفة الـ«غارديان» أمس، مدير الوكالة بأن «يعتمد أو يعدل أو يرفض المقترحات الخاصة بإجراء التجارب على البشر». ورغم أن مدير الوكالة لم يكن يوما طبيبا بشريا، فقد منحه هذا التفويض صلاحيات واسعة لتجاهل محاذير حددتها الحكومة الأميركية تتعلق بالحفاظ على أرواح البشر ومراعاة المعايير الأخلاقية في التعامل معهم.
وأقر جورج تيتيت، مدير «سي آي إيه»، استخدام أساليب عنيفة في الاستجواب شملت أسلوب الإيحاء بالغرق الذي ابتدعه خبراء نفسيون متعاقدون مع «سي آي إيه». كذلك أصدر مدير الوكالة تعليماته إلى مشرفي الصحة لديه كي يتولوا مراقبة عمليات الاستجواب الوحشية.
ودفع التقرير منتقدي عمليات التعذيب التي تتم تحت إشراف «سي آي إيه» إلى التساؤل عن كيفية استخدام ما سمتها «أساليب الاستجواب القهرية» رغم كل القواعد التي تمنع «إخضاع البشر للتجارب» من دون موافقتهم.
في الحقيقة، أفاد الأطباء والعاملون بمجال حقوق الإنسان وخبراء الاستخبارات الذين تواصلت معهم صحيفة الـ«غارديان»، بأن قواعد إجراء التجارب على البشر في الوكالة تراعي المعايير والمسؤولية الطبية.. و«كلما زادت الكلمات، زادت فرصتك في الالتفاف عليها»، حسب سكوت ألين، المستشار الطبي في مؤسسة «أطباء من أجل حقوق الإنسان». وأكدت الوكالة لصحيفة الـ«غارديان» أن الوثيقة كانت ما زالت سارية أثناء برنامج الاعتقال والاستجواب المثير للجدل.
وبعد قراءة الوثيقة، قال أحد المراقبين إن توقيت التقرير يوحي بأن «سي آي إيه» حرفت بعض مفاهيم إجراء «التجارب على البشر» لكي تضمن استمرار برنامج التعذيب. وقال ناثانيل ريموند، محقق سابق في جرائم الحرب يعمل لدى مؤسسة «أطباء من أجل حقوق الإنسان» والآن يعمل باحثا في جامعة هارفارد: «الجريمة الأولى هي التعذيب، والجريمة الثانية هي إجراء الأبحاث من دون موافقة لكي تثبت أن ذلك تم من دون تعذيب». وأشارت صحيفة الـ«غارديان» البريطانية إلى أنه تم الحصول على وثيقة تتضمن المبادئ التوجيهية تحت طلب قانون حرية المعلومات من قبل الاتحاد الأميركي للحريات المدنية، فيما قال الرئيس السابق لـ«سي آي إيه» جورج تينيت: «كل طرق التعذيب؛ بما في ذلك محاكاة الغرق، تكون تحت تعليمات موظفي الصحة في الوكالة للإشراف على تعذيب جلسات الاستجواب». وتثير الوثيقة السرية حديثا أسئلة جديدة حول برنامج التعذيب لوكالة الاستخبارات المركزية، رغم أن المبادئ التوجيهية للوكالة، على ما يبدو، ضد حكم «التجارب على البشر»، وبذلك تخالف الوكالة مبادئها من الأساس.
بعد استعراض الوثيقة، جادل الخبراء الذين استشارتهم صحيفة الـ«غارديان» بأن وكالة الاستخبارات المركزية قد قامت بوضع مصطلحات ملتوية عمدا وقامت بتغيير التعريفات الأساسية التي من شأنها ضمان استمرار برنامج التعذيب لديها. وقال محللون سياسيون إن وجود أفراد الطواقم الطبية لدى «سي آي إيه» أثناء الاستجواب الوحشي للمشتبه بهم، كان مع أبو زبيدة، وهو أول معتقل معروف قاموا بتجربة الإيهام بالغرق عليه.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.