المعارضة السورية تلمس تبدلاً في «المزاج الدرزي» وتتعهد بالدفاع عن السويداء في مواجهة «داعش» والنظام

جنبلاط: أي تفكير في مشروع ضيق يعني الهلاك.. وأرسلان: الموقف الدرزي قومي وليس مذهبيًا

الزعيم الدرزي وليد جنبلاط في الاجتماع الطارئ للمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز في بيروت أمس (أ.ب)
الزعيم الدرزي وليد جنبلاط في الاجتماع الطارئ للمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز في بيروت أمس (أ.ب)
TT

المعارضة السورية تلمس تبدلاً في «المزاج الدرزي» وتتعهد بالدفاع عن السويداء في مواجهة «داعش» والنظام

الزعيم الدرزي وليد جنبلاط في الاجتماع الطارئ للمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز في بيروت أمس (أ.ب)
الزعيم الدرزي وليد جنبلاط في الاجتماع الطارئ للمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز في بيروت أمس (أ.ب)

لا تزال الجهود تتكثف في لبنان وسوريا على خط تهدئة الأوضاع في المناطق ذات الغالبية الدرزية بعد الحادثة التي أدّت إلى وقوع عشرات القتلى من أبناء منطقة إدلب على أيدي عناصر من «جبهة النصرة»، فيما تؤكّد الفصائل العسكرية أن هناك تغيرا في «المزاج الشعبي الدرزي» لصالح المعارضة، وقد بدأ التواصل بين الطرفين للبدء بخطوات عملية أكثر وضوحًا، لا سيما لجهة التعاون في الجبهة الجنوبية.
ولقد عُقد أمس اجتماع طارئ في بيروت للمجلس المذهبي الدرزي، جدّد بعده رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، النائب وليد جنبلاط، تأكيده «أنّ الحادث الذي وقع في بلدة قلب لوزة، في جبل السماق بريف إدلب، مساء الأربعاء، كان فرديًا»، معلنا أنه سيعالجه باتصالات إقليمية، معتبرا أنّ «مستقبل الدروز العرب في جنوب سوريا مع المصالحة والتآلف مع أهل حوران، وأي تفكير بمشروع ضيق يعني هلاكنا، والنظامان السوري والإسرائيلي يتلاقيان بنظام تفتيت».
وفي مؤتمر صحافي، أشار جنبلاط إلى «أنّ غالبية الشعب السوري من الطائفة السنّية، لكن إرهاب النظام جعل بعضهم يلتحق بـ(النصرة) وغيرها، والدروز مع غالبية الشعب السوري، ولم أقل إن الدروز مع جبهة (النصرة)». وذكّر جنبلاط بأنه كان من الأوائل الذين قالوا بالحل السياسي في سوريا. وشدد على أنّ «الحل لا يكون ممكنا بوجود بشار الأسد (الرئيس السوري) بل بحكومة انتقالية تحفظ المؤسسات»، مشيرا إلى أن النظام أخذ العلويين في جنوب سوريا إلى الهلاك». ومن ثم اعتبر «أنّ أي هيجان في لبنان أو سوريا يؤدي إلى توتير الأجواء من دون فائدة، ولنعالج الأمور بهدوء، والمعالجة السياسية تستوجب الاتصال بالقوى الإقليمية».
وبعد الموقف التصعيدي لرئيس «حزب التوحيد» وئام وهاب، الموالي للنظام السوري، معلنا الاستعداد لتأليف جيش في السويداء، استنكر رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان، الموالي أيضا للنظام السوري، جريمة جبل السماق، واصفا إياها بـ«البربرية»، سائلا: «لماذا حصلت هذه الجريمة في هذا الوقت بالذات؟ وما الهدف منها؟»، ومشددا على أن «كل تحريض مذهبي أو طائفي من خلفية مذهبية أو طائفية هو تحريض لسفك دماء الدروز والمسلمين». وقال: «إسرائيل والجماعات التكفيرية وجهان لعملة واحدة»، لافتا إلى أن «الموقف الدرزي هو موقف قومي بامتياز وليس مذهبيا، وموقف الدروز موقف مشرف». ورأى أن هناك «مؤامرة إعلامية لتضليل الوقائع في ما يخص ما يحصل في جبل العرب وسوريا والمنطقة». وقال: «من يعتدي على جبل العرب سوف تكون مقبرته في جبل العرب، والدروز ليسوا مختلفين مع أحد في السويداء».
في المقابل، قال ممثل المنطقة الجنوبية في مجلس قيادة الثورة أبو أحمد العاصمي: «نلمس تغيرا ملحوظا في المزاج الشعبي الدرزي الذي كان في غالبيته إما واقفا على الحياد أو يميل إلى النظام، وبدأنا التواصل في ما بيننا من أجل القيام بخطوات عملية أكثر، لا سيما بعد رسائل الطمأنة التي حرصنا (على إرسالها) ولا نزال نرسلها إلى أهالي السويداء بشكل عام، والدروز بشكل خاص، بأنّ السويداء جزء لا يتجزّأ من منطقة الجنوب، وسندافع عنها، كما أننا لن ندخل في مرحلة تصفية حسابات».
وأشار العاصمي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك تواصلا مع العقلاء في الطائفة الدرزية للتعاون مع الجبهة الجنوبية والانضمام إليها بعيدا عن المبدأ الطائفي أو القومي، مؤكدًا: «سنقف سدّا منيعا في مواجهة النظام كما (داعش) إذا حاول الدخول إليها». وأضاف: «لن نترك مجالا للنظام لتحقيق أهدافه وما اعتاد الترويج له لجهة أنه حامي الأقليات، وأنّ خروجه من المنطقة سيؤدي إلى دخول التنظيم المتطرف». وذكّر العاصمي بأنّ التبدّل في موقف أهالي السويداء بدأ يظهر بشكل أوضح في معركة بصرى الشام، قبل أقل من شهرين، وذلك عندما امتنع عدد كبير من الدروز عن القتال إلى جانب قوات النظام، وهو الأمر الذي سهّل سقوطها.
وشرح العاصمي أنّ المنطقة الواقعة في شمال شرقي السويداء تعتبر صحراوية ومفتوحة، وقد تشكّل الخاصرة الرخوة لدخول «داعش» إلى السويداء التي قد تكون أول ضحايا المنطقة الجنوبية إذا لم يدرك أهلها ذلك ويقفوا إلى جانب الفصائل المعارضة. كذلك، أكد العاصمي أنه بعد السيطرة على اللواء 52 ستبقى معركة مطار الثعلة مستمرة، وهي المنطقة التي تشكّل بوابة مدينة السويداء، موضحًا أنّ النظام يقوم بقصف المطار لتسهيل وصول «داعش» إلى إليها، وهو الأمر الذي يحتّم، وفق تأكيده التعاون مع أبنائها لمنع تحقيق أهداف النظام. ولفت العاصمي إلى وجود «شباب الكتيبة الدرزية» التي سبق أن أسست في درعا من أبنائها وأبناء السويداء، ويقاتل عناصرها مع فصائل «الحر» في الجنوب، آملا أن تتوسّع هذه الدائرة وينضم المزيد من شباب السويداء إليها.
وكانت معلومات قد أشارت إلى أن قوات النظام انسحبت من مدينة السويداء باتجاه الجهة الشرقية في بلدة الثعلة بعدما أخلت معظم المعسكرات المحيطة بمطار خلخلة العسكري (شمال شرقي محافظة السويداء) ونقلت معها الأسلحة والآليات، الأمر الذي أدّى إلى اعتراض من قبل أبناء المنطقة وصلت إلى حد المواجهات بين الطرفين. وكان من يعرفون بـ«شيوخ الكرامة» المعارضين للنظام في السويداء قد أصدروا بيانا أعلنوا فيه الوقف الفوري لإطلاق النار والعمليات القتالية بين محافظتي درعا والسويداء، والاستنفار من أجل التصدي لكل طارئ. وحمّلوا مسؤولية كل ما يجري من عمليات إرهابية وإطلاق قذائف الهاون على السويداء لـ«اللجنة الأمنية» في المحافظة، وطالبوا بمراقبة كافة مداخل ومخارج الطرقات، داعين إلى اعتقال رئيس فرع الأمن العسكري في السويداء وفيق ناصر، ومحاسبته على مخططات الفتنة التي كان وما زال يقوم بها، ويعمل على تأجيجها، وفق ما جاء في البيان.
وتعد السويداء ذات الغالبية الدرزية من المحافظات القليلة الخاضعة بأكملها لسيطرة قوات النظام. ويشكل الموحّدون الدروز نسبة ثلاثة في المائة من الشعب السوري البالغ تعداده قبل الحرب 24 مليونا، وينتشرون خصوصا في محافظة السويداء. وينقسمون بين فئة موالية للنظام الذي يطرح نفسه حاميا للأقليات في مواجهة التطرف، وبين متعاطفين وناشطين في «الحراك الثوري»، وبين من بقي على الحياد.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.