رئيس جنوب السودان: فرض عقوبات جديدة قد يجعل الحرب الأهلية أكثر سوءًا

المتمردون يتبنون هجومًا خلف ثلاثة قتلى

رئيس جنوب السودان: فرض عقوبات جديدة قد يجعل الحرب الأهلية أكثر سوءًا
TT

رئيس جنوب السودان: فرض عقوبات جديدة قد يجعل الحرب الأهلية أكثر سوءًا

رئيس جنوب السودان: فرض عقوبات جديدة قد يجعل الحرب الأهلية أكثر سوءًا

حذر رئيس جنوب السودان سلفا كير من أن العقوبات الدولية المقترحة من شأنها جعل الحرب الأهلية الدائرة في البلاد أكثر سوءًا.
وكانت التهديدات بفرض عقوبات على جنوب السودان قد تكررت من قبل مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيقاد)، في ظل الانتقادات التي تلاحق كير وزعيم المتمردين نائبه السابق رياك مشار، بسبب فشلهما في إنهاء حرب مستمرة منذ 17 شهرا، واتسمت بانتهاكات هائلة لحقوق الإنسان، حسب عدد من المراقبين.
وجاء في بيان صادر عن المكتب الرئاسي إن «النقاش حول العقوبات حاليا يعتبر غير مجدٍ»، ووصفه جنوب السودان بأنه عبارة عن «جمرة» قد تشتعل في أي وقت من الأوقات، مضيفا أن «العقوبات لن تسهم سوى في إشعال نيران التوترات الحالية.. ولن تسرع من وتيرة الحوار أو التوصل إلى تسوية، كما أنها لن توفر الغذاء والعمل لشعب جنوب السودان».
وكان القتال بين الجانبين قد اندلع في ديسمبر (كانون الأول) 2013، وذلك عندما اتهم كير نائبه السابق مشار بمحاولة الانقلاب عليه، مما أدى إلى دائرة من عمليات القتل والانتقام في أنحاء البلاد. وقد شنت القوات الحكومية في أواخر أبريل (نيسان) أحد أعنف هجماتها ضد المتمردين، مما أدى إلى منع وصول المساعدات إلى أكثر من 650 ألف شخص، في وقت عمد فيه المسلحون إلى القيام بعمليات اغتصاب وإحراق بلدات، ونهب إمدادات المساعدة، بحسب الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة.
والأسبوع الماضي، أطلق المسلحون هجوما مضادا واسعا، شمل ملكال عاصمة ولاية أعالي النيل، والبوابة، إلى ما تبقى من حقول النفط في البلاد. وفي هذا الشأن قال اتيني ويك اتيني، المتحدث باسم كير، إن الحكومة تسيطر بالكامل على الحقول النفطية في ولاية أعالي النيل، وهو الأمر الذي ينفيه المتمردون.
وقالت سامنثا باور، سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة، الأسبوع الحالي، إن الولايات المتحدة تعمل مع مجلس الأمن الدولي لتجميع أدلة توصل لفرض عقوبات، موضحة في بيان أن المجتمع الدولي يسجل لكير ومشار «تجاهلهما المخجل للأزمة الإنسانية الكارثية التي يواجهها شعب جنوب السودان».
كما قالت الأمم المتحدة، مساء أول من أمس، إنها فتحت تحقيقا بعد إطلاق نحو 22 قذيفة على مجمع قواتها لحفظ السلام بمدينة ميلوت، قرب حقول نفط بالوتش في جنوب السودان، وذلك في هجوم وقع قبل أيام وأودى بحياة ثمانية مدنيين.
وكان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد فرضا، العام الماضي، عقوبات على قياديين من الجانبين، كانت عبارة عن تجميد ممتلكات وحظر سفر، إلا أنه لم يكن لها أي تأثير يذكر على النزاع الدائر.
وعلى صعيد النزاع الدائر بين الطرفين، تبنى متمردو جنوب السودان، مساء أول من أمس، هجوما في جنوب البلاد قتل فيه جنديان ونائب محلي، وأكدت السلطات المحلية وقوعه.
وقتل جنديان في كمين نصب لهما، صباح أول من أمس، في نواحي مدينة موندري في ولاية غرب الاستوائية، الواقعة على بعد 180 كلم غرب العاصمة جوبا. وحين زار مسؤولون محليون مكان الهجوم قتل ممثل للإقليم، بحسب ما أفاد به مسؤول الإعلام في المنطقة.



كيف يهدد سقوط الأسد استراتيجية روسيا في أفريقيا؟

بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
TT

كيف يهدد سقوط الأسد استراتيجية روسيا في أفريقيا؟

بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)

قال تقرير لوكالة «بلومبرغ» للأنباء إن الانهيار السريع لنظام بشار الأسد في سوريا يُهدد قاعدة «حميميم» الجوية، التي اعتمدت عليها روسيا لفرض نفوذها في مختلف أنحاء أفريقيا.

وبحسب التقرير، تستخدم موسكو القاعدة لإرسال أفراد وإمدادات عسكرية إلى مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وكل هذه الدول شهدت انقلابات مؤخراً، وقطعت علاقاتها مع الغرب، في حين تقترب من موسكو التي مكّنها هذا الجسر الجوي من إعادة بناء بعض نفوذها الذي اكتسبته في حقبة الحرب الباردة في القارة، خصوصاً في أماكن، مثل جمهورية أفريقيا الوسطى والسودان.

وسمحت قاعدتا «حميميم» الجوية و«طرطوس» البحرية، اللتان تستقبلان الوقود والإمدادات الروسية بتنفيذ توسع رخيص وفعال لنفوذها العسكري والسياسي والاقتصادي في أفريقيا، والآن قد تحتاج الشبكة التي تدعم عمليات روسيا في القارة، والتي تملأ الفراغ الذي خلفته القوات الغربية المغادرة، إلى إصلاح شامل.

استقبال جندي روسي لبشار الأسد خلال زيارته قاعدة «حميميم» العسكرية في اللاذقية 27 يونيو 2017 (أ.ف.ب)

قال أنس القماطي، مدير معهد صادق، وهو مركز أبحاث مقره ليبيا: «من دون جسر جوي موثوق، تنهار قدرة روسيا على فرض قوتها في أفريقيا، والاستراتيجية العملياتية الروسية بأكملها في البحر الأبيض المتوسط ​​وأفريقيا مُعلقة بخيط رفيع».

وقال القماطي إنه وفي حين أن روسيا، التي دعمت السلطات في شرق ليبيا، لديها قدرات تشغيلية في 4 قواعد جوية ليبية (الخادم والجفرة والقرضابية وبراك الشاطئ) فإن هذه القواعد ستكون بعيدة جداً، بحيث لا يمكن استخدامها في جسر مجدد من موسكو بسبب قيود المجال الجوي في أوروبا.

وقال رسلان بوخوف، رئيس مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيات ومقره موسكو، إن القاعدة الجوية السورية ستكون «خسارة كبيرة» للعمليات الأفريقية؛ حيث «كانت جميع الإمدادات تمر عبر (حميميم)، وهذا مهم بشكل خاص لبلد من دون ميناء، مثل جمهورية أفريقيا الوسطى».

وبدأت جهود موسكو لإعادة بناء النفوذ في أفريقيا فعلياً عام 2018، عندما تم نشر مرتزقة من مجموعة «فاغنر» المرتبطة بالكرملين في جمهورية أفريقيا الوسطى غير الساحلية، للدفاع عن رئيسها المحاصر ضد هجوم المتمردين.

وفي عام 2019، لعب المقاتلون دوراً رئيساً في محاولة من قِبَل الزعيم الليبي الشرقي خليفة حفتر للاستيلاء على العاصمة طرابلس.

ومنذ ذلك الحين، أرسلت مقاتلين إلى مالي والنيجر وبوركينا فاسو، جنباً إلى جنب مع الأسلحة، ما أدّى إلى زيادة أكبر لبصمتها العالمية خارج الكتلة السوفياتية السابقة.

الرئيس الروسي يلقي كلمة في قاعدة «حميميم» في اللاذقية على الساحل السوري يوم 12 ديسمبر 2017 (سبوتنيك - أ.ب)

وهذا الدعم في خطر؛ لكن المقربين من تلك الحكومات يزعمون أن روسيا ستجد طريقة لمواصلة مساعدتهم.

وقال فيديل غوانجيكا، مستشار رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، إن روسيا «ستكون لديها خطة بديلة»، حتى تظل طرق إمدادها إلى أفريقيا سليمة، سواء باستخدام ليبيا نقطة انطلاق أكثر قوة، أو الوصول إلى جمهورية أفريقيا الوسطى عبر المواني في الكاميرون أو الكونغو، و«لن تكون هناك عواقب على جمهورية أفريقيا الوسطى».

وأضاف غوانجيكا أن أفريقيا الوسطى مستعدة لمساعدة الكرملين في إرسال الإمدادات والجنود من روسيا إلى الحكومات في منطقة الساحل إذا لزم الأمر.

وأعرب إبراهيم حميدو، رئيس إدارة الاتصالات لرئيس الوزراء علي الأمين زين، الذي عيّنه المجلس العسكري في النيجر عام 2023، عن الأفكار نفسها، وقال: «سقوط الأسد لن يُغير علاقاتنا، ويمكن لروسيا أن تجد طرقاً أخرى، من خلال تركيا على سبيل المثال، لدعم النيجر».

وفي حال سمحت تركيا، وهي عضو في حلف شمال الأطلسي، لبعض رحلات الشحن الروسية إلى ليبيا بالمرور عبر مجالها الجوي، فلا يوجد اقتراح فوري بأنها ستعمل بديلاً للجسر الجوي السوري لموسكو، خصوصاً أن مصالح الثنائي في أفريقيا غالباً ما تتباعد.

واقترحت مونيك يلي كام، وهي سياسية في بوركينا فاسو، تدعم المجلس العسكري وعلاقاته القوية مع روسيا، ليبيا خياراً لمساعدة موسكو على «الحفاظ على نفوذها في القارة».

كما لعبت روسيا دوراً رئيساً في الحرب الأهلية السودانية التي استمرت 20 شهراً؛ حيث ألقت مؤخراً بثقلها خلف الجيش في قتاله ضد «قوات الدعم السريع»، كما تواصل الضغط من أجل إنشاء قاعدة على ساحل البحر الأحمر في البلاد، وهو حلم طويل الأمد، من شأنه نظرياً أن يوسع شبكتها اللوجستية.

مقاتلة روسية في قاعدة «حميميم» جنوب شرقي اللاذقية في سوريا أكتوبر 2015 (سبوتنيك)

ومع ذلك، فإن الاحتفاظ بشبكة النفوذ الروسية مترامية الأطراف في أفريقيا لن يكون سهلاً، وفقاً لأولف ليسينغ، مدير برنامج الساحل في مؤسسة «كونراد أديناور»، وهي مؤسسة بحثية ألمانية.

وقال: «إن سقوط الأسد سيعيق بشكل كبير العمليات العسكرية الروسية في أفريقيا، وكانت جميع الرحلات الجوية لتوريد المرتزقة، وجلب الذخيرة والأسلحة الجديدة، تمر عبر سوريا. إنها مسافة بعيدة للغاية للطيران بطائرة نقل محملة بالكامل من روسيا إلى أفريقيا، وسيتعين على روسيا تقليص مشاركتها في أفريقيا وسيكون ذلك أكثر تكلفة بكثير».