ميليشيات الحوثي وقوات صالح تقصف مدينة الضالع بالدبابات والهاون

المقاومة تهاجم الميليشيات وتؤكد أن السكان في مأمن من القصف

شوارع صعدة بعد تحرير المقاومة الشعبية لها وتبدو آثار الدمار التي خلفتها الاشتباكات مع المتمردين الحوثيين أمس (رويترز)
شوارع صعدة بعد تحرير المقاومة الشعبية لها وتبدو آثار الدمار التي خلفتها الاشتباكات مع المتمردين الحوثيين أمس (رويترز)
TT

ميليشيات الحوثي وقوات صالح تقصف مدينة الضالع بالدبابات والهاون

شوارع صعدة بعد تحرير المقاومة الشعبية لها وتبدو آثار الدمار التي خلفتها الاشتباكات مع المتمردين الحوثيين أمس (رويترز)
شوارع صعدة بعد تحرير المقاومة الشعبية لها وتبدو آثار الدمار التي خلفتها الاشتباكات مع المتمردين الحوثيين أمس (رويترز)

صعد طيران التحالف من طلعاته الجوية في عدن وذلك بالتزامن مع اشتداد المعارك بين المقاومة الشعبية وميليشيات الحوثي المدعمة بقوات الجيش الموالية للرئيس السابق صالح، إذ كانت معارك أمس وأول من أمس قد انحصرت بأهم منفذين للميليشيات وقوات صالح، الأول في منطقة العريش شرق مطار عدن بمدينة خور مكسر، وهذه المنطقة تمثل شريانا لتدفق التعزيزات الحربية واللوجستية والبشرية الآتية من الشمال عبر البيضاء وأبين وكذا من ناحية قاعدة العند في لحج إلى المواقع الداخلية لها في مدن كريتر والمعلا والتواهي وخور مكسر، أما المنفذ الآخر الذي تحاول الميليشيات السيطرة عليه فمن ناحية شمال وغرب مدن دار سعد والشعب والبريقة، وهذا المنفذ وعلى أهميته لهذه القوات الآتية من لحج وتعز وأيضا قاعدة العند إلا أن المقاومة الشرسة في هذه الجبهات الشمالية والغربية صعبت من مهمة اجتيازه والسيطرة عليه، بل ووصل الأمر بالمقاومة إلى دحر الميليشيات الحوثية وقوات صالح إلى خارج هذه المدن.
فعلى صعيد التطورات الميدانية في جبهات القتال قال الناطق الرسمي للمقاومة في محافظة عدن علي الأحمدي لـ«الشرق الأوسط» إن طيران دول التحالف صعد من غاراته وبشكل كثيف غير مسبوق على ميليشيات الحوثي وقوات الرئيس السابق الموجودة في منطقة العريش وغازي علوان شرق مدينة خور مكسر، وكذا تجاه منطقة صلاح الدين غرب عدن ومنطقة جعولة شمال دار سعد، وأشار الناطق الرسمي للمقاومة الشعبية في عدن إلى أن مدينة عدن شهدت مساء الخميس 21 مايو (أيار) قصفا مكثفا استهدف مدافع للميليشيات الإجرامية بالتواهي، كما استهدفت طائرات التحالف خنادق للمعتدين في مطار عدن وكذا توجيه ضربات مكثفة لتجمعاتهم في العريش واللحوم. وأضاف الأحمدي أن الجبهات متأهبة وتحصل مناوشات بين الحين والآخر وأبطال المقاومة يستبسلون في مواقعهم بكل ثبات وصمود.
وكانت غارات طيران التحالف قد زادت خلال اليومين المنصرمين بحيث بات صوت الطيران الحربي يسمع في أجواء المدينة وعلى مدى ساعات الليل والنهار.
وفي جبهة صلاح الدين غرب مدينة البريقة بعدن كانت المقاومة قد أحرزت تقدما في مضمار حربها للميليشيات الحوثية المدعمة بقوات موالية للرئيس المخلوع صالح، وقال العقيد أبو زكريا لـ«الشرق الأوسط» إن المقاومة في هذه الجبهة باتت تسيطر على معظم مساحة مديرية البريقة، وإن مدفعية المقاومة قامت أمس بقصف مواقع الميليشيات الحوثية وقوات صالح المنتشرة الآن في مناطق تماس وفاصلة بين عدن ولحج، ولفت المتحدث لأن المقاومة المرابطة في شمال وغرب مدينتي الشعب والبريقة كانت قد شهدت خلال الأسابيع القليلة الماضية تطورا عسكريا وتنظيميا وقياديا جعلها قادرة في الوقت الحاضر على مهاجمة الميليشيات ودحرها خارج المدينتين، ونوه أبو زكريا إلى أن قيادة هذه الجبهة قدر لها لملمة شتات المقاومة وتنظيمها وتوحيدها خلف قيادة قائد لواء سابق، وأن هذه المقاومة تمكنت مؤخرًا من دحر الميليشيات وقوات صالح بعيدا عن المدينتين إذ تم دحر تلك القوات والميليشيات إلى خارج قرية عمران الساحلية غرب صلاح الدين وإلى مدينة الوهط في محافظة لحج، وأكد أن أحياء صلاح الدين صارت اليوم بعيدا عن مدفعية قوات الحوثي وصالح وأن المقاومة اليوم يقومون بتمشيط ما تبقي منها متحصنا في الجبال أو المساكن الكائنة في منطقة عمران.
إلى ذلك قال محمد عبيد جباري مدير عام مديرية دار سعد لـ«الشرق الأوسط» إن المقاومة الشعبية في المدينة ما زالت تخوض حربا شرسة مع ميليشيات الحوثي وكتائب صالح المتحصنة في مبنى الإدارة المحلية وبعض الفنادق الواقعة شمال مدينة دار سعد، وأضاف أن قنّاصة الميليشيات قتلت ظهر أول من أمس الخميس شخصين مدنيين، ولفت جباري إلى أن مدينة دار سعد تمثل بوابة شمالية لمحافظة عدن، وأن المقاومة فيها واجهت ترسانة ضخمة استحوذت عليها الميليشيات وكتائب الحوثي وصالح ومع ذلك سطرت المقاومة انصع صفحة لها في المقاومة والاستبسال ولدرجة أن سكان عدن باتوا يطلقوا على المدينة اسم «الفلوجة».
مصدر طبي في عدن أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن حصيلة يومي الأربعاء والخميس كانت 41 جريحا بينهم طفلان، وقتيلان، ولفت المصدر إلى أن هذا الرقم هو المسجل رسميا لدى مكتب الصحة والسكان في عدن فهناك حالات أخرى لم يتم تسجيلها نظرا للأوضاع الراهنة الحائلة دون تدوين لكل الحالات.
وفي محافظة الضالع شمال عدن قتل شاب اسمه ماهر علي قاسم صباح أمس الجمعة وسط مدينة الضالع متأثرا بشظايا قذيفة هاون أطلقتها القوات الموالية لصالح والحوثي تجاه حي العرشي غرب المدينة إذ كانت الميليشيات المدعمة بقوات اللواء 33 مدرع الموالي للرئيس المخلوع قد قصفت المكان بمدفعية الهاون بدءا من مساء الخميس وحتى ما قبل صلاة الجمعة، وأفاد السكان في حي العرشي لـ«الشرق الأوسط» أن هذه القذائف عاودت سقوطها عصر أمس الجمعة، دون أن تخلف قتلى أو جرحى بين سكان الحي السكني الذي يعد أكثر أحياء مدينة الضالع ضررا.
وكان فريق حقوقي قد رصد قبل شهر حجم الخراب الحاصل في المنازل الواقعة في مرمى نيران الميليشيات وقوات اللواء 33 مدرع، إذ أشار إلى تعرض 86 منزلا للقصف المدفعي بالدبابات.
وفي جبهة الوبح وسط الضالع نفذت المقاومة عملية عسكرية عصر أول من أمس الخميس، وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن المقاومة في هذه الجبهة ضربت إمدادا قادما من مدينة قعطبة التي تمثل مؤخرة للميليشيات وقوات الحوثي وصالح، وأضافت تلك المصادر أن العملية استهدفت شاحنة وقود نوع «دينا» والتي شوهدت فيها ألسنة اللهب بعد العملية، فضلا عن إعطاب طقم عسكري تابع للميليشيات.
وعودة لجبهة مدينة الضالع كانت الميليشيات وقوات الحوثي وصالح قد قصفت بمدفعية الدبابات عدة أماكن في حي الزراعة والجمرك، وقال مصدر في المقاومة لـ«الشرق الأوسط» إن الدبابات والأسلحة المتوسطة فتحت نيرانها بكثافة صوب الأحياء السكنية المحيطة بحي الجمروك، كما ضربت أيضا حي العرشي ومحيطه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».