انقسامات حزب صالح تتسع.. ومساع لمناصريه من تقليل أهمية المشاركين في «مؤتمر الرياض»

سقوط مئات الحوثيين بين قتيل وجريح بمواجهات مع قبائل مأرب

أطفال يمنيون نازحون يعدون الطعام في مدرسة بصنعاء (رويترز)
أطفال يمنيون نازحون يعدون الطعام في مدرسة بصنعاء (رويترز)
TT

انقسامات حزب صالح تتسع.. ومساع لمناصريه من تقليل أهمية المشاركين في «مؤتمر الرياض»

أطفال يمنيون نازحون يعدون الطعام في مدرسة بصنعاء (رويترز)
أطفال يمنيون نازحون يعدون الطعام في مدرسة بصنعاء (رويترز)

اتسعت الخلافات داخل حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، حيث شاركت عناصر نافذة من الحزب بمؤتمر الرياض. وسعى مناصرو صالح للتقليل من أهمية المؤتمر، إذ قال عبده الجندي، الناطق الرسمي باسم الحزب في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» حول مشاركة قيادات بارزة من الحزب في مؤتمر الرياض: «نحن لدينا موقف أن من يحضرون مثل هذه اللقاءات يمثلون أنفسهم ولا يمثلون المؤتمر الشعبي العام، ونحن ملتزمون بمؤتمر جنيف، لأنه هو مؤتمر الحوار ولأن كل الأطراف ستحضر فيه، المؤتمر الشعبي سيحضر وأنصار الله وأيضا أحزاب المشترك». وأردف الجندي قائلا: «لكننا نستطيع القول إن هذا هو جزء من أحزاب المشترك يحاور نفسه.. ومن يشاركون لا يمثلون أحزابهم». وحول وجود مشاركة أممية في المؤتمر، قال الجندي إن «الأمم المتحدة هي من دعت إلى مؤتمر في جنيف وقد التقينا بمبعوث الأمم المتحدة، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وتم الاتفاق معه على مؤتمر جنيف، أما مؤتمر الرياض فلم نتحدث عنه».
وتأتي تصريحات الناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر الشعبي العام، في ظل مشاركة واسعة لقيادات بارزة في حزب المؤتمر في مؤتمر الرياض، وهي القيادات التي أعلنت انشقاقها عن المخلوع صالح وتسعى إلى إعادة صياغة وتشكيل الحزب بعيدا عن هيمنة الرئيس المخلوع. ومن أبرز القيادات المشاركة في مؤتمر الرياض من حزب المؤتمر الشعبي العام، الدكتور أحمد عبيد بن دغر، نائب رئيس الحزب، والشيخ سلطان البركاني، رئيس الكتلة النيابية للحزب في مجلس النواب (البرلمان)، عضو الأمانة العامة، والشيخ محمد بن ناجي الشايف، عضو مجلس النواب وعضو الأمانة العامة للحزب، أيضا، وعدد آخر من القيادات البارزة التي أعلنت تأييدها لشرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
من جهته، اعتبر مصدر سياسي وقبلي يمني بارز في صنعاء أن مخرجات مؤتمر الرياض وقراراته، ستكون أحد المرتكزات الأساسية التي سيعتمد عليها مؤتمر جنيف الذي سترعاه الأمم المتحدة والمزمع عقده أواخر الشهر الحالي. وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «مؤتمر جنيف لن يكون جديدا، وإنما سيعتمد إلى مخرجات مؤتمر الرياض ومؤتمر الحوار الوطني الشامل وإلى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وإلى جزء كبير من الحوار الذي كانت ترعاه الأمم المتحدة في صنعاء، قبيل اندلاع الحرب».
في هذه الأثناء، اعتبر حسن محمد زيد، أمين عام حزب الحق، القيادي في جماعة الحوثي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «مؤتمر الرياض يراد منه تحسين الموقف التفاوضي في الحوار المزمع في جنيف».
ويذكر أن الحوثيين يرفضون، حتى اللحظة، تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الأخير رقم 2216، وهو القرار الذي يعد أحد أهم المرتكزات لمؤتمر الرياض للقوى السياسية اليمنية، ويقضي القرار بانسحاب الميليشيا من المدن وتسليم السلاح الذي تم الاستيلاء عليه من معسكرات ومخازن الدولة اليمنية، إضافة إلى الإفراج عن وزير الدفاع اللواء محمود سالم الصبيحي وباقي المعتقلين.
وعلى الصعيد الميداني، عاش اليمن أجواء ترقب أمس حول إذا ما كانت الهدنة ستمدد بعد انتهاء المهلة المحددة لها أصلا منتصف مساء الليل. وتواصلت المناوشات المسلحة في عدد من المدن اليمنية مع خرق الحوثيين والقوات الموالية لصالح للهدنة.
وفي محافظة مأرب بشرقي البلاد تستمر ميليشيات الحوثيين في خرق الهدنة الإنسانية وقصف المناطق القبلية في مسعاها المتواصل للسيطرة على مدينة مأرب، عاصمة المحافظة. وقال مصدر قبلي في مأرب لـ«الشرق الأوسط» إن «المواجهات ما زالت مستمرة في مأرب على ثلاث جبهات رئيسية، هي: جبهة صرواح، جبهة الجدعان مجزر وجبهة مخدرة، شرق الجدعان، وإن الاشتباكات تجري بمختلف أنواع الأسلحة، بما فيها المدفعية الثقيلة». وأضاف المصدر أنهم «التزموا بالهدنة التي فرضت عليهم لأهداف إنسانية، إلا أن الحوثيين لم يلتزموا بها منذ أول يوم واستمروا بخرقها، الأمر الذي اضطرنا للرد بقوة ومنع تقدم الميليشيات أو جلب تعزيزات لها، حتى الآن».
وكشف مصدر قبلي مطلع عن سقوط عدد كبير من القتلى في صفوف الميليشيات الحوثيين وفي أوساط رجال القبائل، وقال إن «الشهيد رقم 101 سقط في المواجهات أمس، وهو ضمن ضحايا الاعتداءات الغاشمة من ميليشيات الحوثيين وصالح». وأشار المصدر القبلي إلى أن «الجدعان خسرت حتى يوم أمس 101 شهيد ونحو 150 جريحا في حربهم الأولى والثانية مع الحوثيين، فيما قدمت قبائل جهم والقبائل المساندة لها في جبهة صرواح العشرات ما بين شهيد وجريح». وقدرت مصادر قبلية مستقلة خسائر الحوثيين البشرية في المواجهات الدائرة في مأرب بمئات القتلى والجرحى.
من جهة ثانية، ورغم الهدنة الإنسانية التي انتهت رسميا، مساء أمس، واصلت الميليشيات المسلحة في محافظة تعز، قصفها للمدينة ومحاولة تعزيز مواقعها والسيطرة العسكرية على الأرض. وبدوره، حذر مصدر مسؤول في اللجنة العليا للإغاثة من تفاقم الوضع الإنساني بمحافظة تعز، وقال المصدر إن «ميليشيات الحوثي وصالح تخطط لمجزرة ضد المدنيين بمحافظة تعز من خلال استقدامها للمزيد من التعزيزات العسكرية بينها راجمات صواريخ نوع (إم – 21) مما يزيد الأوضاع تعقيدًا». وأضاف المصدر، في تصريحات نقلته عنه وكالة الأنباء اليمنية الرسمية سبأ التي تديرها الحكومة اليمنية الشرعية، أن «ميليشيات الحوثي وأنصار صالح قامت أول من أمس بقصف المباني بمحافظة تعز بطريقة عشوائية واستمرار الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها بالمواطنين العزل». وأشار إلى أن «الانتهاكات التي تقوم بها ميليشيات الحوثي وأنصار صالح تتزايد بشكل واضح كما تستمر في منع وصول المساعدات الإغاثية للمواطنين والسطو على المعونات بقوة السلاح وتوزيعها لشخصيات مقربة منها واستمرارها في خرق الهدنة لليوم الرابع على التوالي». وقد أفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن أعدادا كبيرة من سكان مدينة تعز ذات الكثافة السكانية، غادروها إلى مناطق قريبة أكثر أمنا، تحت قصف الآلة العسكرية للحوثيين وقوات صالح.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».