«داعش» يعتقل المئات من شباب الموصل تحسبًا من «ثورة» ضده

3500 متطوع من الأنبار يقاتلون في صفوف قوات «الحشد الشعبي» العراقية

«داعش» يعتقل المئات من شباب الموصل تحسبًا من «ثورة» ضده
TT

«داعش» يعتقل المئات من شباب الموصل تحسبًا من «ثورة» ضده

«داعش» يعتقل المئات من شباب الموصل تحسبًا من «ثورة» ضده

اتخذ تنظيم داعش أمس إجراءات أمنية مشددة وسط الموصل، إذ نصب كثيرا من نقاط التفتيش في أحيائها تحسبا لأي حركة مسلحة من داخلها قد ترافق العملية العسكرية لتحرير ثاني مدينة عراقية من مسلحي التنظيم الذي احتلها في يونيو (حزيران) الماضي.
وقال مسؤول إعلام مركز تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في محافظة نينوى غياث سورجي لـ«الشرق الأوسط»: «اعتقل التنظيم أمس المئات من شباب الموصل ورجالها بحجة عدم التزامهم بتعليمات (داعش) الخاصة بإطلاق لحاهم، وأبلغ (داعش) ذوي المعتقلين أنهم سيبقون في السجون لحين الالتزام بهذه التعليمات».
وأشار إلى أن «حملة (داعش) شملت اعتقال كل من يحمل معه هاتفا جوالا والذين يرتدون أربطة العنق أيضا»، مضيفا أن «إجراءات (داعش) التعسفية في الموصل هي لتخويف الموصليين للحول دون اندلاع أي انتفاضة شعبية ضده من قبل الأهالي في حال بدء العملية العسكرية لتحرير المدينة». وتابع سورجي: «قتل ثمانية مسلحين من (داعش) وأصيب خمسة آخرون في غارات لطيران التحالف الدولي استهدفت رتلا من عجلات التنظيم في ناحية نمرود التابعة لقضاء الحمدانية في شرق الموصل»، وتابع: «بينما قتل تسعة مسلحين من التنظيم في غارة استهدفت مبنى المديرية العامة لشرطة نينوى وسط الموصل، وكان من بين القتلى أحد قادة (داعش) البارزين الذي يدعى شيت حسن السامرائي ويشغل منصب وزير الحرب في ولاية نينوى، وهو من أقرباء خليفة (داعش) أبو بكر البغدادي».
وفي السياق ذاته، قال مسؤول إعلام الفرع الرابع عشر للحزب الديمقراطي الكردستاني في الموصل سعيد مموزيني لـ«الشرق الأوسط»: «هرب أمس 18 مسلحا باكستانيا من صفوف تنظيم داعش، إلا أن التنظيم تمكن من اعتقال 16 منهم في قضاء بعاج غرب الموصل وأعدمهم رميا بالرصاص، في حين أعدم التنظيم ثلاثة حلاقين في الموصل بتهمة الحلاقة الغربية»، وبيّن أن مسلحي «داعش» فجروا أمس 12 منزلا وكنيسة في ناحية بعشيقة شرق الموصل. وأعلنت حكومة إقليم كردستان أمس أن طاقتها لاستقبال موجات جديدة من نازحين نفدت بالكامل، مؤكدة أن الاستعداد لأي موجة جديدة من نازحين باتجاه الإقليم مع بدء عملية تحرير الموصل المرتقبة، يجب أن تتخذ من جانب الحكومة العراقية والجانب الدولي.
قال نائب رئيس دائرة العلاقات الخارجية في حكومة أربيل ديندار زيباري لـ«الشرق الأوسط»: «حكومة الإقليم غير قادرة على استقبال اللاجئين والنازحين، وطاقتنا نفدت في هذا المجال. وحتى إن الإقليم لا يستطيع تحمل الأعداد الهائلة من النازحين الموجودين في كردستان حاليا دون وجود مساعدات دولية».
وأضاف النائب: «فهناك أكثر من مليون ونصف نازح ولاجئ في إقليم كردستان، وفي الوقت ذاته ليس هناك أي تعاون جدي من جانب العراق أو من الجانب الدولي مع الإقليم في هذا الإطار. فالأزمة الحالية أزمة إنسانية ومالية كبيرة، نحن باستمرار ندعو المجتمع الدولي إلى مساعدتنا»، مبينا بالقول: «والأهم من هذا أن الحكومة العراقية لم تخطُ إلى الآن خطوات جدية في هذا الصدد، لذا من الصعب الاستعداد لمواجهة موجة جديدة من النازحين، يجب أن تتخذ الحكومة العراقية والجانب الدولي هذه الاستعدادات، حينها بالتأكيد ستتعاون حكومة الإقليم معها»، مشددا بالقول: «حكومة الإقليم تمد وباستمرار يد العود للمنكوبين، وستستمر على هذا المنوال أيضا».
وأضاف زيباري: «المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق الحكومة الاتحادية، ويجب أن تعد خطتها الطارئة، وتحدد بعض الأماكن لإنشاء مخيمات مؤقتة، لأنها تمتلك تلك الإمكانيات والإقليم سيدعمها بإمكانياته».
وبينما يستمر الهدوء النسبي في وسط مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار غرب العراق، تتصاعد مخاوف السكان وتتزايد حالات القلق بينهم بشأن عودة المسلحين إلى مناطقهم التي شهدت عودتهم قريبا من رحلة نزوح كبرى إلى العاصمة بغداد قطعوا خلالها رحلة امتدت إلى أكثر من 250 كيلومترا سيرا على الأقدام في طرق خطرة ووعرة. هذا الخوف والقلق وصل إلى الحكومة المحلية في الأنبار ومسؤوليها بعد أن تمدد مسلحو تنظيم «داعش» وباتوا يشنون هجمات بشكل متزامن في العديد من مدن الأنبار وبتوقيت واحد. نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار فالح العيساوي شرح لـ«الشرق الأوسط» أن هناك «قلقا من تمدد مسلحي (داعش) وسيطرتهم على مناطق واسعة من مدن محافظة الأنبار»، موضحا أن هذا القلق «يتصاعد لدينا خصوصا بعد التدفق المستمر لمسلحي التنظيم إلى الأنبار قادمين من محافظة صلاح الدين ومن سوريا وبشكل مستمر». وأضاف العيساوي «على الرغم من ضربات طائرات التحالف الدولي لأرتال المسلحين القادمة من الحدود السورية ومن محافظة صلاح الدين، فإن تلك الضربات لا تمنع من دخول المسلحين حيث تقتصر الطلعات الجوية لطائرات التحالف على عدد معين في اليوم الواحد، بينما تواصل قوافل وأرتال مسلحي (داعش) نقل أسلحته وعناصره بالدخول إلى مدن الأنبار».
وعن مشاركة قوات الحشد الشعبي من عدمها في عمليات تحرير مدن الأنبار، شرح العيساوي «لقد قررنا في اجتماع لمجلس محافظة الأنبار إعطاء التفويض في مشاركة قوات الحشد الشعبي من عدمها إلى رئيس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلحة الدكتور حيدر العبادي، بعد أن جرى تصويت لمنح الصلاحية لرئيس الوزراء تمت فيه الموافقة بغالبية الأعضاء في مجلس الأنبار وحكومتها المحلية». وأضاف «أبناء الأنبار ومنذ أشهر يقاتلون في صفوف قوات الحشد الشعبي، وهناك أكثر من 3500 مقاتل متطوع في صفوف الحشد الشعبي من أبناء الأنبار يقاتلون مع الحشد الشعبي في مناطق الكرمة وناحية عامرية الفلوجة، ومنهم 700 متطوع يقاتلون هنا داخل مدينة الرمادي».
ونبه العيساوي إلى أن «هناك تصريحات لبعض المسؤولين قالوا فيها إن بغداد وكربلاء في مأمن عما يجري في الأنبار، وكأن الأنبار هي ليست جزءًا من العراق، فأقول لهؤلاء لا تطلقوا مثل تلك التصريحات، وعليكم الاهتمام بشكل جدي بدعم الأنبار وتحريرها، فإذا ما سقطت الأنبار كلها لا سمح الله بيد تنظيم داعش فإن المعارك ستكون على أسوار بغداد وكربلاء».
من جانب آخر، اجتمع العشرات من شيوخ العشائر والوجهاء والمقاتلين في محافظة الأنبار في مؤتمر أقيم بمدينة الخالدية (30 كيلومترا شرق مدينة الرمادي)، وأبدوا موافقتهم بالإجماع على مشاركة قوات الحشد الشعبي في عملية تطهير المحافظة من سيطرة مسلحي تنظيم داعش.
وقال الشيخ غسان العيثاوي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المؤتمرين قرروا وبالإجماع موافقتهم على مشاركة الحشد الشعبي في عملية تطهير مدن الأنبار من دنس مجرمي «داعش». وبذلك أنهى هذا المؤتمر الجدل الدائر حول وضع صيغة نهائية من مشاركة الحشد أو عدمها بعد أن تضاربت الآراء بين عدد من المسؤولين والشخصيات العشائرية.
وأشار العيثاوي إلى أن «المؤتمر طالب القائد العام للقوات المسلحة العبادي بتسليح أبناء العشائر وفتح باب التطوع من أجل الإسراع بتطهير مدن الأنبار من مسلحي تنظيم داعش على أن تكون قاعدة الحبانية الجوية شرق الرمادي وقاعدة عين الأسد غرب الرمادي مكانا للتطوع لأبناء العشائر».
وشرح الشيخ إبراهيم الفهداوي، أحد شيوخ الأنبار ورئيس اللجنة الأمنية لقضاء الخالدية شرق الرمادي، لـ«الشرق الأوسط» أن «المؤتمر أوضح للجميع ترحيب عشائر الأنبار بأبناء الحشد الشعبي، لأن مصيرنا واحد ومعركتنا مع الإرهاب معركة الجميع، خصوصا أن تنظيم داعش لا يفرق بين مكون وآخر». وأضاف الفهداوي أن «قرارات المؤتمر ملزمة للجميع كونها ضمت كل العشائر المتصدية لتنظيم داعش الإجرامي، بالإضافة إلى حضور نائب رئيس مجلس المحافظة وعدد من أعضاء المجلس وقادة أمنيين مشرفين على الملف الأمني مما أعطى هذا المؤتمر صفة رسمية».
من جانب آخر، ناشد رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت، رئيس الوزراء العراقي، إصدار عفو خاص عن «المتسربين من القوات الأمنية» في محافظة الأنبار، مبينا أنه من الممكن الاستفادة منهم بعمليات تحرير مدن المحافظة.
وقال كرحوت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «مجلس محافظة الأنبار ناشد رئيس الوزراء إصدار عفو خاص عن المتسربين من القوات الأمنية في صفوف الجيش والشرطة، ويكون هذا العفو لمدة 15 يوما حتى يتمكنوا من العودة إلى مواقعهم والالتحاق بمراكزهم في مدن محافظة الأنبار». وأضاف كرحوت أن «إصدار العفو سيسهم في عودة الكثير من المنتسبين إلى الأنبار والاستفادة منهم في المشاركة بالعمليات العسكرية لتحرير وتطهير جميع مناطق المحافظة خاصة مدينة الرمادي من سطوة مسلحي تنظيم داعش».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».