السجن لعناصر سابقين في «بلاك ووتر» قتلوا مدنيين في بغداد عام 2007

الأحكام تراوحت بين المؤبد و30 عامًا لقتلة 14 عراقيًا

عوائل الحراس السابقين في (بلاك ووتر) الذين قتلوا 14 عراقيا عام 2007 والذين حكم عليهم القضاء بالسجن المؤبد و30 عاما، يقفون خارج المحكمة في واشنطن اول من امس(أ.ب)
عوائل الحراس السابقين في (بلاك ووتر) الذين قتلوا 14 عراقيا عام 2007 والذين حكم عليهم القضاء بالسجن المؤبد و30 عاما، يقفون خارج المحكمة في واشنطن اول من امس(أ.ب)
TT

السجن لعناصر سابقين في «بلاك ووتر» قتلوا مدنيين في بغداد عام 2007

عوائل الحراس السابقين في (بلاك ووتر) الذين قتلوا 14 عراقيا عام 2007 والذين حكم عليهم القضاء بالسجن المؤبد و30 عاما، يقفون خارج المحكمة في واشنطن اول من امس(أ.ب)
عوائل الحراس السابقين في (بلاك ووتر) الذين قتلوا 14 عراقيا عام 2007 والذين حكم عليهم القضاء بالسجن المؤبد و30 عاما، يقفون خارج المحكمة في واشنطن اول من امس(أ.ب)

أصدر القضاء الأميركي أول من أمس في واشنطن أحكاما قاسية بالسجن على «مرتزقة» سابقين في شركة الأمن الأميركية الخاصة «بلاك ووتر» بعد إدانتهم بقتل 14 مدنيا عراقيا على الأقل في بغداد في 2007.
وحكم على نيكولاس سليتن الموظف السابق لدى «بلاك ووتر» بالسجن مدى الحياة، بينما حكم على ثلاثة آخرين بالسجن لمدة 30 عاما، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وأعلن القاضي رويس لامبرث «إنها جريمة خطيرة.. ومن الواضح أن (المتهمين) أصيبوا بالهلع».
وكان موظفو «بلاك ووتر» التي تغير اسمها منذ ذلك الحين مكلفين أمن موكب دبلوماسي أميركي في 16 سبتمبر (أيلول) 2007 في ساحة النسور عندما فتحوا النار على عربات ومارة في المكان مستخدمين قاذفات قنابل يدوية ورشاشات وبنادق.
وقتل 14 مدنيا عراقيا في ساحة النسور حسب المحققين الأميركيين و17 حسب المحققين العراقيين، بينما أصيب 18 شخصا آخرون بجروح.
وأدين الموظفون الأربعة السابقون في «بلاك ووتر» في أكتوبر (تشرين الأول) بعدد من الاتهامات تراوحت بين الاغتيال والقتل العمد.
وأجمع المحلفون على إدانة سليتن باغتيال مدني عراقي وزملائه الثلاثة آنذاك بول سلو وإيفان ليبرتي وداستن هيرد بقتل 13 عراقيا.
وبعد شهرين من المداولات أقرت هيئة المحلفين أن سليتن أقدم على القتل عن سابق تصور وتصميم. وجاء في وثائق قضائية أنه قال قبل المجزرة لمقربين منه إنه يريد «قتل أكبر عدد من العراقيين كي (ينتقم) لـ11 سبتمبر (أيلول)» 2001. وشدد القاضي لامبرث «أدعم قرار هيئة المحلفين بالكامل».
وأضاف أمام القاعة التي حضر فيها عدد كبير من مؤيدي «المرتزقة» السابقة ارتدى بعضهم قمصانا كتب عليها «بلاك ووتر» أن «المحكمة لا يمكن أن تؤيد مثل هذا العمل الوحشي». وكان الادعاء طالب بعقوبات تتراوح بين السجن لـ47 و57 عاما.
ودفع المتهمون ببراءتهم. وذكر بيل هيبرليغ محامي سلو خلال مرافعته بسياق «التهديد الخطير ما بعد 11 سبتمبر في بغداد».
وعلق سلو بالقول: «أشعر بأن الحكومة التي خدمتها بشرف تخلت عني»، بينما قال ليبرتي «الله شاهد على أقوالي لقد أطلقت النار على شخصين يرتديان زيا رسميا عراقيا كانا يطلقان النار علي».
وأدى الحادث إلى تفاقم الشعور بالعدائية ضد الأميركيين في العراق إلا أنه أبرز أيضا إفلات شركات الأمن الخاصة من العقاب في البلاد.
واضطرت «بلاك ووتر» بعد الحادث إلى وقف نشاطاتها في العراق. إلا أن الوثائق الدبلوماسية التي نشرتها «ويكيليكس» كشفت عن المئات من الموظفين السابقين في الشركة واصلوا العمل في العراق إنما لحساب شركات أخرى.
وقبل صدور الحكم، تساءلت فاطمة الفدوي الكناني والدة طفل في التاسعة من العمر قتل برصاص سلاح رشاش «لدي سؤال... لماذا قتلتم ابني؟»، بحسب ترجمة أقوالها.
وطلب محمد الكناني والد الطفل من القاضي أن «يظهر لبلاك ووتر و(رئيس مجلس إدارتها السابق) إريك برينس ما هو القانون».
واستدار سلو باتجاه والد الطفل وقال: «لم أكن قادرا ولم أقتل ابنك». وقال محامو سلو إن الفتى قتل برصاص رشاش من طراز إم - 240 بينما سلو كان يستخدم سلاحا آخر. وذكر القاضي الاثنين أن المتهمين الأربعة أكدوا أنهم ردوا على إطلاق نار بينما لم يتقدم أي شاهد لدعم أقوالهم.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».