شهدت بلدة عرسال الحدودية الواقعة شرق البلاد طوال ساعات يوم أمس (الأربعاء)، توترا أمنيا كبيرا بعدما قرر أهالي البلدة الانتفاضة بوجه المسلحين المتشددين الذين يتمادون في عمليات القتل والخطف، فأقاموا الحواجز داخل البلدة واحتجزوا نحو 40 نازحا سوريا من بلدة قارة للضغط باتجاه الإفراج عن أحد المواطنين اللبنانيين ويدعى حسين سيف الدين، الذي اختطف قبل 3 أيام أثناء وجوده في محل تجاري داخل عرسال. وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، إنه، وبعدما ارتفعت وتيرة عمليات الخطف وإقدام المسلحين على إعدام 3 أشخاص من آل عز الدين، قرر عدد من أهالي عرسال التصدي لهذه الظواهر ووضع حد لها، فأقاموا الحواجز داخل البلدة وتم توقيف كل سوري يتبين أنه من بلدة قارة، باعتبار أن خاطفي المواطن سيف الدين هم من تلك البلدة.
وأوضحت المصادر أنه «تم احتجاز نحو 40 نازحا سوريا من قارة بعضهم أقارب للخاطفين، للضغط باتجاه الإفراج عن سيف الدين الذي اشترط الخاطفون دفع فدية مالية تبلغ 30 ألف دولار لتحريره»، لافتة إلى أن اجتماعا عقد في منزل الشيخ مصطفى الحجيري لـ«محاولة إيجاد مخارج ملائمة للأزمة». ولم تستبعد المصادر، في حال لم يتم تحرير حسين سيف الدين، أن تكون هناك انتفاضة كبيرة بوجه كل اللاجئين السوريين الموجودين في عرسال الذين يتخطى عددهم 90 ألفا ينتشرون على نحو 73 مخيما.
وقالت «الوكالة الوطنية للإعلام»، إن «عددا من الشبان من آل نوح وعز الدين أقدموا على إطلاق النار وإقامة حواجز مسلحة في عرسال واحتجزوا 35 نازحا سوريا من بلدة قارة السورية، ومنعوا التحرك في حي للسوريين قرب البلدة». وأشارت الوكالة إلى استنفار الجيش اللبناني في محيط بلدة عرسال وإلى قيامه بتطويق البلدة، باعتبار أن لا وجود له في قلبها، تفاديا للاحتكاك مع المسلحين السوريين، علما بأنه كان عرضة لأكثر من تفجير استهدف آلياته هناك.
وقد أنشأت «جبهة النصرة» هيئة شرعية ومكتب شكاوى في منطقة وادي عطا في عرسال، بينما يحيل «داعش» معتقليه لمحكمة شرعية خاصة به في جرود البلدة. ولفت قبل فترة سعي «داعش» لفرض تطبيق قوانينه على عدد من اللبنانيين الذين يمتلكون معامل وكسارات في منطقة وادي حميد في عرسال ودفع خوة.
ويعرب عدد كبير من أهالي عرسال عن خيبتهم الكبيرة من المعاملة التي يتلقونها من قبل الجماعات المسلحة، وهم كانوا وما زالوا أول المعارضين للنظام السوري والداعمين لمقاتلي المعارضة، باعتبار أن عرسال شكلت، ومنذ اندلاع الأزمة في سوريا قبل أكثر من 4 سنوات، «قاعدة خلفية» لمقاتلي المعارضة، أسهمت في تأمين المؤن الغذائية والطبية التي يحتاجونها، حتى إنه تم إنشاء مستشفى كان يعنى باستقبال المقاتلين الجرحى الذي يسقطون في منطقة القلمون الحدودية.
وأعرب محمد أنور، وهو سوري لاجئ في عرسال عن أسفه لما آلت إليه الأمور بين اللبنانيين والسوريين في البلدة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كنا نعيش كإخوة ونتقاسم الأيام المرة، لكن العصابات المسلحة دخلت بيننا لكسب الأموال وممارسة عمليات التشبيح». وشدد أنور على وجوب التعاطي بكثير من الحكمة والروية مع المرحلة الحالية نظرا لدقتها وحساسيتها، قائلا: «ليس من مصلحة أحد تفجير فتنة بين اللبنانيين والسوريين الموجودين في لبنان».
وكان تيار المستقبل و«حزب الله» بحثا في الجلسات الحوارية القائمة بينهما بطرح تفكيك المخيمات الموجودة في عرسال، ونقل من فيها إلى مخيمات في مناطق أخرى بعيدة عن الحدود «كي لا يشكل الشبان السوريون عنصر دعم للجماعات المسلحة في أي هجوم مرتقب على الأراضي اللبنانية».
ولا يزال «داعش» و«النصرة» يحتجزان أكثر من 20 جنديا لبنانيا تم اختطافهم خلال محاولة التنظيمين المذكورين السيطرة على بلدة عرسال في شهر أغسطس (آب) الماضي، وقد أقدم التنظيمان المتطرفان على إعدام 4 من الجنود المختطفين.
أهالي عرسال يحتجزون 40 نازحًا سوريًا للضغط باتجاه الإفراج عن لبناني مختطف
انتفاضة في البلدة على خلفية ممارسات مسلحين من «قارة» السورية
أهالي عرسال يحتجزون 40 نازحًا سوريًا للضغط باتجاه الإفراج عن لبناني مختطف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة