بدأت الميليشيات الحوثية والقوات العسكرية الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، أمس، عمليات عسكرية محدودة للسيطرة على بعض المناطق التي تعد مداخل نحو مدينة عدن، كبرى محافظات جنوب اليمن، وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن القوات الموالية للحوثيين وصالح قصفت منطقة كرش الواقعة بين مدينتي تعز وعدن والقريبة من قاعدة العند العسكرية الاستراتيجية، ولم تتوفر أية معلومات حول سقوط ضحايا في ذلك القصف، غير أن مصادر خاصة قالت لـ«الشرق الأوسط» إن اللجان الشعبية تمكنت من السيطرة على كتيبة دبابات بالكامل مع قتال شرس في منطقة كرش، وإن ضباط وأفراد الكتيبة استسلموا لأفراد اللجان الشعبية، في حين توافدت قيادات عسكرية جنوبية بارزة، بعضها في الخدمة وبعضها متقاعد أو مسرّح، إلى جبهات المواجهات في لحج والضالع لصد القوات المهاجمة.
وضمن التصعيد العسكري، قامت قوات موالية لتحالف صالح والحوثيين بمحاولة لاقتحام مدينة الضالع، عاصمة محافظة الضالع الجنوبية، وروت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» طبيعة الأحداث التي شهدتها الضالع والاشتباكات التي دارت بين القوات المهاجمة من جهة، ومسلحي اللجان الشعبية وقوات الجيش من جهة أخرى، ونفت مصادر موثوقة سقوط الضالع في أيدي الحوثيين. وبعد مواجهات دامية سقط فيها عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف القوات المهاجمة هدأت المواجهات، غير أن المصادر أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن تعزيزات عسكرية جنوبية وصلت إلى مدينة الضالع، مساء أمس، وذلك بعد ساعات من المواجهات المسلحة بين اللجان الشعبية الموالية للرئيس هادي والقوات الموالية للرئيس الأسبق صالح والحوثي، وأفاد مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط» أن هذه التعزيزات منها ما وصل من محافظة عدن وبناء على توجيهات رئاسية بشأن تعزيزات جبهة الضالع، وأخرى وصلت من قطاع ردفان العسكري، 20 كيلومترا جنوب مدينة الضالع. ونفى قائد عسكري رفيع لـ«الشرق الأوسط» ما تناقلته بعض وسائل الإعلام حول سيطرة القوات الموالية لصالح والحوثي على مدينة الضالع، مؤكدا أن «المقاومة الشعبية تصدت لهذه القوات المهاجمة والتي تكبدت خسائر في العتاد والأرواح إثر تعرضها لكمائن في الطريق الرئيس الرابط مدينة قعطبة، 20 كيلومترا شمال مدينة الضالع، وتحديدا في منطقة الوبح، إذ تم تدمير ناقلتي جند وإعطاب طقم عسكري على مقربة من مستشفى السلامة ونقطة التفتيش الأمنية المرابطة عند مدخل المدينة».
من جهته، قال مسؤول في السلطة المحلية في محافظة الضالع لـ«الشرق الأوسط» إن «ميليشيات صالح والحوثي لم تستطع أحداث أي اختراق للدفاعات التي تسيطر عليها القوات الموالية للرئيس هادي، لأن القوات المهاجمة بالكاد عززت وجودها في النقاط العسكرية والأمنية المرابطة في الخط العام المؤدي إلى معسكري اللواء 33 مدرع وقيادة القوات الخاصة».
من جهة ثانية أكدت مصادر عسكرية وأمنية في محافظة الضالع لـ«الشرق الأوسط» أنه بذلت مساعٍ عدة بين وسطاء وقيادات في السلطة المحلية وقائد اللواء العميد عبد الله ضبعان الذي التزم من جهته بحفظ ما هو تحت سيطرته من نقاط عسكرية، إضافة إلى مجمع المحافظة الكائن في منطقة سناح الحدودية السابقة والمحاذية لمدينة قعطبة التي كانت وصلت إليها، أول من أمس، تعزيزات عسكرية عن طريق مدينة إب (100 كيلومتر شمالا)، إلا أن الوسطاء فوجئوا بنكث القائد العسكري (ضبعان) والمعروف بمولاته للرئيس السابق بالاتفاقات مع لجنة الوساطة.
وكشفت مصادر يمنية في الضالع لـ«الشرق الأوسط» عن تنسيق بين قيادات عسكرية وحوثية في صنعاء مع قيادة «اللواء 33 مدرع» بشأن تمكين هذه القوات القادمة من صنعاء العبور إلى منطقة العند العسكرية (70 كيلومترا تقريبا)، وهو ما سبق ورفضه قائد اللواء الذي أكد رفضه لهذا التنسيق، ومن خلال أحاديثه مع السلطة المحلية والمشايخ وأعيان، والوسطاء الذين كانوا قد التقوا به، غير أنه بحسب المصادر أخل بكل تلك الاتفاقات، ويأتي تحرك مئات من المسلحين التابعين لميليشيات الحوثي وصالح وأقلتهم عشرات الأطقم والعربات بهدف «فتح جبهة ثالثة عسكرية عبر محافظة الضالع»، ووصف خبير عسكري لـ«الشرق الأوسط» فتح جبهة الضالع بأنه «أمر متوقع، لأن معظم الحروب السابقة سواء تلك التي وقعت في زمن الدولتين الشطريتين أو ما عرف بحرب صيف 1994، في ظل دولة الوحدة، كانت جبهة الضالع من أهم الجبهات القتالية الحاسمة لهذه الحروب، وذلك بالنظر إلى ما تمثله منطقة الضالع عامة من رمزية كفاحية وتاريخية وتضاريسية وبشرية، فهذه جميعها جعلت منها بوابة للنصر أو الهزيمة، وفتحها الآن أريد به التأثير على بقية الجبهات المرابطة بثبات معنويا ونفسيا، خصوصا على جبهة تعز التي وفي حال اجتازت هذه القوات ووصلت إلى مثلث العند فإنها تكون قد حققت مبتغاها العسكري المتمثل في قطع الإمدادات الآتية من لحج وعدن إلى جبهة كرش الشريجة».
وتتصاعد حالة الرفض الشعبية في محافظة تعز (256 كيلومترا جنوب صنعاء) لوجود وسيطرة الحوثيين على المحافظة التي تتضارب الأنباء حول سقوطها بأيدي المسلحين الحوثيين، وشهدت تعز، أمس، مزيدا من المظاهرات الشعبية المنددة بدخول الحوثيين إلى المحافظة والتوجه لاجتياح عدن والمحافظات الجنوبية، واستخدمت ميليشيا الحوثيين وقوات الأمن الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين في مدينة تعز، عاصمة المحافظة، ومدينة التربة، مركز مديريات الحجرية في تعز، وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن 5 أشخاص، على الأقل، لقوا مصرعهم في قمع تلك المظاهرات، 2 في مدينة تعز و3 في مدينة التربة، إضافة إلى سقوط نحو 60 جريحا، بعضهم في حال خطرة، وذلك جراء استخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين، وتؤكد السلطة المحلية في تعز أنها اتخذت قرارات متسلسلة تمنع دخول أية تعزيزات عسكرية إلى المحافظة من أية منطقة أو أي طرف كان، وطالبت بخروج التعزيزات التي وصلت إلى تعز، الأيام الماضية، وجرى استقبالها في معسكر قوات الأمن الخاصة بتوجيهات من قيادة قوات الأمن الخاصة في صنعاء، وهذه القوات توجه جزء كبير منها نحو المناطق الجنوبية للمشاركة في عملية اجتياحها.
وفي وقت لاحق أمس، قالت مصادر في تعز إن محافظ المحافظة، شوقي أحمد هائل سعيد أنعم، تقدم باستقالته احتجاجا على رفض القوات الخاصة لتوجيهاته وتعليمات، وقال مصدر مقرب من المحافظ انعم لـ«الشرق الأوسط» إن «أي مسؤول في مكانه كان يجب أن يتصرف بهذه الطريقة عندما لا تنفذ أوامره من قبل قائد عسكري تحت إمرته»، واعتبر المصدر أن «كثيرا من القادة العسكريين هم من الموالين للرئيس السابق علي عبد الله صالح وكانوا ينفذون أوامره وتوجيهاته وهو خارج السلطة بصورة غير معلنة، ولكن مع تطورات الأوضاع الراهنة، بات تمردهم على الشرعية الدستورية واضحا».
وكشفت مصادر مطلعة في صنعاء أن الرئيس السابق علي عبد الله صالح وكبار الضباط من الموالين له وعددا من قيادات الحوثيين الميدانيين يديرون غرفة عمليات مشتركة في وزارة الدفاع (العرضي) بهدف توجيه القوات العسكرية الموالية للطرفين نحو الجنوب وإدارة دفة الصراع المسلح في الجبهات التي بدأت العمليات العسكرية فيها وإن بصورة غير رسمية، وفي عدن أكدت المصادر أن الرئيس عبد ربه منصور هادي وكبار الضباط الجنوبيين يديرون غرفة عمليات تتعلق بكيفية صد أية هجمات تستهدف إسقاط المدن الجنوبية وبالأخص مدينة عدن، التي تعد مركزا للحكم، حاليا، وفي عدن، أيضا، بدأت تحركات لمنظمات حقوقية لتهيئة الشارع لهذه التطورات، وقال لـ«الشرق الأوسط» محمد قاسم نعمان، رئيس مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان إن المنظمات الحقوقية في عدن شكلت لجنة طوارئ ومتابعة وتواصل، وإن اللجنة تعمل على التواصل مع الجهات المختصة في عدن حول «اﻻوضاع اﻷمنية والانتهاكات الماسة بحقوق الإنسان في مدينة عدن، وطالبت بإعادة تفعيل الشرطة المدنية (اﻷمن العام) ومراكز الشرطة والتأكيد على احترام تراث مدينة عدن (المدنية) الرافضة لحمل السلاح وتداوله فيها»، وأشار إلى أن خطة عمل اللجنة تتضمن «خطة عمل لمواجهة التطورات ذات العلاقة بالتعبئة العامة التي أعلنها (أنصار الله) الحوثيون في صنعاء والتي تستهدف ضمن ما تستهدفه بدرجة رئيسية الهجوم والحرب على الجنوب واستهدف مدينة عدن حيث وجود الرئيس هادي».
من ناحية ثانية، تستمر المكونات والشخصيات الجنوبية في داخل وخارج اليمن في إعلان وقوفها إلى جانب الرئيس هادي لصد محاولات الحوثيين وصالح اجتياح الجنوب، وحصلت «الشرق الأوسط» على رسالة من عدد كبير القيادات السياسية والعسكرية والدبلوماسية السابقة المقيمة في الخارج، تؤكد فيها الوقوف إلى جانب القوات الموالية لهادي لرفض اجتياح الجنوب، واستعدادها للعودة للقتال، في الوقت الذي وصلت إعداد من العسكريين الجنوبيين في الخارج إلى عدن للمشاركة في القتال.
جماعة الحوثي وصالح يفشلان في اقتحام جبهة الضالع.. ومواجهات عنيفة بمنطقة كرش
قتلى بين صفوف المتظاهرين في تعز برصاص الميليشيات وقوات الأمن
جماعة الحوثي وصالح يفشلان في اقتحام جبهة الضالع.. ومواجهات عنيفة بمنطقة كرش
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة