بعد ظهور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أول نشاط رسمي له أول من أمس بعد أكثر من أسبوع من «الاختفاء»، شنت معظم وسائل الإعلام الروسية أمس هجوما مضادا ضمن من سمتهم مروجي الشائعات، في إشارة إلى وسائل الإعلام الغربية والعالمية التي تحدثت خلال الأيام الماضية عن احتمال إصابة الرئيس بمرض عضال أو ربما أطيح به بانقلاب، إلى غير ذلك من الفرضيات التي امتزج بعضها بالجد والبعض الآخر بالطرافة أحيانا.
وكان لافتا أن وسائل الإعلام الرسمية الروسية لم تولِ اهتماما كبيرا لـ«ظهور» الرئيس بوتين أول من أمس مع نظيره القرغيزي ألماظ بط أتومبايف في سان بطرسبرغ، بقدر ما اهتمت بمضمون اللقاء وما حفل به من تعليقات بشأن «الشائعات» التي ترددت حول الحالة الصحية لبوتين. وانفردت القناة التلفزيونية «روسيا - 24» الإخبارية الرسمية بتصريحات فلاديمير تشيجوف المندوب الدائم لروسيا لدى الاتحاد الأوروبي التي قال فيها: «إن شركاء روسيا في ما وراء المحيط يرسمون بكثير من الحماس سيناريوهات الانهيار الوشيك للاقتصاد الروسي، ويدعون إلى عدم التخلف عن واشنطن بشأن تشديد نظام العقوبات». ونقلت عن تشيجوف قوله إن في ذلك تحديدا تكمن محاولات التركيز على ترويج الشائعات حول انهيار روسيا في القريب العاجل وصحة الرئيس الروسي، وهو ما وصفه موقع «نيوز رو» الإلكتروني صاحب التوجهات الغربية بأنه قريب مما سبق وقاله فياتشيسلاف فولودين نائب رئيس ديوان الكرملين حول ارتباط روسيا ببوتين: «يوجد بوتين - توجد روسيا»، أي أن «غياب بوتين - غياب لروسيا».
وتناقلت الصحف الروسية ما كتبه الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف، الموالي لموسكو، على موقعه في «إنستغرام» حول أن من يسمون أنفسهم بخبراء السياسة والمحللين واستنادا إلى ما يقوله سادتهم الغربيون يؤكدون أن الرئيس بوتين مريض ولا يظهر على الملأ وغير قادر على ممارسة شؤون الدولة. ومضى قادروف قائلا: «إن هناك أيضا من هم أكثر من هؤلاء تطرفا ممن يزعمون أنه راح ضحية انقلاب، لقد راح كل هؤلاء يتسابقون على صفحات المجلات والصحف والإذاعات لتصوير المأمول الذي يدور في مخيلاتهم بوصفه واقعا وحقيقة». واستطرد الرئيس الشيشاني: «إن زعيمنا الوطني وأعضاء فريقه تساموا فوق كل ذلك، وحسنا فعلوا أن تجاهلوا كل ما يقال حول هذه الأمور، وها هم (الحالمون في وضح النهار) يقفون فاغري الأفواه إزاء ظهور بوتين سليما معافى واثقا من نفسه في بطرسبرغ لدى استقباله الرسمي لضيفه القرغيزي». واختتم قادروف تعليقه بالقول الروسي المأثور الذي سبق واستشهد به الرئيس القرغيزي لدى لقائه مع بوتين في سان بطرسبرغ: «لن تستمعوا باللحظة التي تحلمون بها»، معتبرا أن «الزعيم الحاسم بوتين لن يسمح للولايات المتحدة والبلدان الغربية التابعة لها بتحويل الوطن إلى دولة يقودونها من لندن أو واشنطن».
واكتفت بعض وسائل الإعلام الروسية باستعراض ما تردد من شائعات و«تصريحات» منذ نشرت وكالة أنباء «رويترز» الخبر الذي كان سببا في اندلاع موجات الشائعات حول اختفاء بوتين عن الأنظار، في أعقاب الإعلان عن تأجيل قمة رؤساء روسيا وكازاخستان وبيلاروسيا التي كان مقررا عقدها في الاستانة في 12 - 13 مارس (آذار) الحالي، وجرى الإعلان أول من أمس عن أنها سوف تعقد بعد غد الجمعة. وأعادت إلى الأذهان محاولة ديمتري بيسكوف الناطق الرسمي باسم الكرملين لتبديد هذه الشائعات بقوله: «إن اليد تئن تحت وطأة مصافحة الرئيس»، في إشارة إلى أن الرئيس بخير وبكامل قوته.
بل وعادت هذه الصحف ووسائل الإعلام المحلية والأجنبية لتنقل سخرية بيسكوف لدى لقائه بالصحافيين في أعقاب مشاركتهم في تغطية لقاء بوتين مع ضيفه القرغيزي: «هل شاهدتم الرئيس الذي أنهكه مرض الشلل والعائد من أسر الجنرالات؟ لقد وصل توا من سويسرا التي حضر فيها مولد طفله كما تعلمون!». وحرص بيسكوف على تجميع كل الشائعات في تساؤلات لاذعة ساخرة وكانت تقول بمرضه تارة، وبأنه راح ضحية انقلاب تارة أخرى، وبأنه موجود في سويسرا لحضور مولد طفله من عشيقته لاعبة الجمباز الأوليمبية إلينا كابايفا». ومن اللافت أن وكالة أنباء «سبوتنيك» الرسمية الروسية كانت سردت كل هذه الشائعات أول من أمس تحت عنوان «السخافات الخمس التي ترددت حول بوتين»، وأضافت إلى جانب الشائعات الثلاث السابقة شائعة استغراقه في مشاهدة مسلسل «بيت من ورق»، وشائعة «الوفاة». وأضافت أنه «على الرغم من أن هذه الفكرة (الوفاة) جريئة إلى أبعد الحدود، فإنها لا تترأس قائمة أسخف التكهنات، فمجرد قراءة الأخبار عن فلاديمير بوتين وعن أجندة عمله يظهر لنا أنه يعمل فعلا، إذ اقترح إنشاء وكالة حكومية اتحادية حول الجنسيات، وخطط لمقابلة رئيس قرغيزستان، ووقع على قانونين وأربعة مراسيم، وتحدث مع رئيس أرمينيا عبر الهاتف»، ولذا فإن «وجود مؤامرة حول إخفاء وفاة الرئيس بوتين قد يكون مبالغا فيه قليلا».
وكانت وكالة أنباء «تاس» سبق وأشارت نقلا عن ديمتري بيسكوف الناطق الرسمي باسم الكرملين إلى أن وسائل الإعلام الغربية تتعمد ترويج هذه الشائعات «على الرغم من أن بوتين كان يمارس عمله ويجري اللقاءات التي منها ما تستوجب عدم النشر عنها». وكان أشار أيضا إلى أنه ظهر في 8 و11 و12 و13 مارس الحالي. وكان بوتين قد شارك أمس في اجتماع «اللجنة التنظيمية الخاصة بإعداد مراسم الاحتفالات بالذكرى السنوية الـ70 للنصر على الفاشية»، الذي أكد فيه «أن محاولات إعادة كتابة وتزوير تاريخ الحرب العالمية الثانية تستهدف إضعاف روسيا الحديثة والنيل من هيبتها».
بعد «عودة» بوتين.. الإعلام الروسي يشن هجومًا مضادًّا ضد «مروّجي شائعات» مرضه
الزعيم الشيشاني الموالي لموسكو: ظهور الرئيس جعل الحالمين في وضح النهار يقفون فاغري الأفواه
بعد «عودة» بوتين.. الإعلام الروسي يشن هجومًا مضادًّا ضد «مروّجي شائعات» مرضه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة