عودة التسجيل العيني للواجهة يشعل نقاش تطبيق رسوم الأراضي في السعودية

أصداء إيجابية لدى المواطنين.. ومخاوف عند مستثمري القطاع

وزارة الشؤون البلدية والقروية السعودية وخطة تطبيق نظام التسجيل العيني للعقار في كل المحافظات والمناطق («الشرق الأوسط»)
وزارة الشؤون البلدية والقروية السعودية وخطة تطبيق نظام التسجيل العيني للعقار في كل المحافظات والمناطق («الشرق الأوسط»)
TT

عودة التسجيل العيني للواجهة يشعل نقاش تطبيق رسوم الأراضي في السعودية

وزارة الشؤون البلدية والقروية السعودية وخطة تطبيق نظام التسجيل العيني للعقار في كل المحافظات والمناطق («الشرق الأوسط»)
وزارة الشؤون البلدية والقروية السعودية وخطة تطبيق نظام التسجيل العيني للعقار في كل المحافظات والمناطق («الشرق الأوسط»)

عادت قضية التسجيل العيني إلى الواجهة مجددا بعد إعلان وزارة الشؤون البلدية والقروية السعودية خطة تطبيق نظام التسجيل العيني للعقار في كل المحافظات والمناطق، فور انتهائها من الدراسة الاستشارية لتطبيق النظام على جميع الأراضي، الأمر الذي قد يدفع بمنحنى جديد تنتظره الأسواق ويشكل ضغطا إضافيا على السوق التي تعاني من الكساد، حيث توقع محللون عقاريون أنه جرى المضي في القرار قدما بتعميمه على المملكة بعد نجاح تجربته في محافظة حريملاء، مما سيدفع إلى مفاجآت جديدة سيعيشها القطاع العقاري محليا.
وعلى الرغم من عدم تطبيق القرار بشكل فعلي على أرض الواقع، فإن له أصداء واسعة ومناقشات حادة في اجتماعات كبار المستثمرين العقاريين، الذين يتوقع معظمهم أن التسجيل العيني سيؤدي في نهاية المطاف إلى تسهيل عملية حصر الأراضي ومعرفة ملاكها، وبالتالي تسهيل عملية تحصيل رسوم الأراضي البيضاء، وهو الملف الذي ينظر إليه التجار بتخوف شديد، فيما أكد آخرون أن التسجيل العيني، وحتى لو طبق، فإن التجار لن يلحقهم أي ضرر وذلك لأن من سيتحمل العواقب هو المواطن الذي سيدفع أي تكاليف إضافية قد يفضي لها أي قرار مستقبلي.
وأكد «ط.ف.س» وهو مستثمر عقاري شهير تحتفظ الصحيفة باسمه كاملا، أن التسجيل العيني رغم أهميته في تثبيت الملكيات، فإنهم بوصفهم تجارا ينظرون إليه على أنه خطر قادم قد يكبدهم مستقبلا أموالا طائلة، وليس ضروريا أن يكون ذلك الآن؛ بل في المستقبل القريب، وذلك من أجل تثبيت الملكيات تمهيدا لفرض الرسوم على الأراضي البيضاء.
وتساءل: «كتابة العدل والملكية تكفي لإثبات شخصية المالك وأحقيته بالأرض، إلا أن الفرق بين المحكمة والتسجيل، هو أن التسجيل العيني يحصر وبسرعة كبيرة أملاك الأشخاص»، مبينا أن من أهم مميزات النظام هو الرغبة في حصر الإرث العقاري في وقت قياسي، كاشفا أنهم يحتاجون إلى مزيد من التطمينات من أجل تحفيزهم على التسجيل، موضحا أن هذا النظام يشغل بشكل جدي أذهان المستثمرين، الذين يعتبرونه القرار العقاري الأقوى والأخطر منذ سنوات طويلة.
وأضاف: «لا يحتاج القطاع العقاري إلى مزيد من القرارات التي ستهبط بأدائه إلى مستويات جديدة، خصوصا أن هناك أحاديث تدور بأنه وفور تطبيق القرار فإن الأسعار ستنخفض نتيجة الضغط الكبير الذي يعيشه تجار العقار واحتياجهم الشديد للسيولة في ظل تدهور الطلب وارتباط بعض التجار بعقود إنشائية يجب سدادها في وقتها»، لافتا إلى أنه مع تصحيح أوضاع السوق والأسعار بشكل أساسي، فإن أي قرار من شأنه أن يشكل خطرا على الاستثمارات العقارية ويدفع إلى تكبدها خسائر مالية، وإنه سينعكس على قطاع الاستثمار العقاري، مما ينعكس على اقتصاد البلد.
وكانت محافظة حريملاء أول منطقة تشهد تطبيق النظام بعد الانتهاء من إقراره وتطبيقه في كل من مدينة الرياض، ومحافظة جدة، وبعد التأكد من الإحداثيات النهائية، ورصد الثوابت الأرضية الأفقية والرأسية، وتكثيفها، وربطها بشبكة الإسناد الجيوديسي لوزارة الشؤون البلدية والقروية، والتأكد من نقاط الضبط الأرضي في مشروعات التصوير الجوي للمناطق، حيث جرى العمل على تقسيم مدينة الرياض إلى 3 مناطق عقارية، وقد تضمنت المنطقة الأولى مخطط المنح رقم «3482» الواقع في شمال مدينة الرياض، وصدر قرار القاضي المشرف على القيد الأول بالمنطقة، متضمنًا بدء أعمال التحديد والتحرير.
وفي صلب الموضوع، قال فهاد الطواله، محلل أسواق اقتصادية: «نظام التسجيل العيني اعتمد فعلا، لكنه لم يطبق إلزاميا حتى الآن، وحتى هذه اللحظة لم يأت قرار صريح يلزم بضرورة التسجيل في البرنامج الوليد، الذي وصف بالكابوس المزعج بالنسبة إلى كبار التجار الذين يرون أن التسجيل العيني ما هو إلا حصر مبدئي دقيق لأملاكهم ليسهل عملية تحصيل الرسوم متى ما فرضت، نظرا لتوافر البيانات لديهم، وهو ما يشغل بال العقاريين الذين يشعرون بأن فرض رسوم بيضاء على أراضيهم، سيزيد من الركود الذي يعانونه، في الوقت الذي تحتاج فيه السعودية إلى مئات الآلاف من الوحدات السكنية لتغطية الكم الهائل في نقص تملك المساكن».
وحول رؤيته لمستقبل العقار بعد تطبيق القرار فعليا، أكد الطواله أن القرار ليس جديدا على مستوى العالم، بل هو مطبق على دول كثيرة، مبديا استغرابه من تخوف التجار من القرار، موضحا أن القطاع بحاجة أصلا إلى انخفاض في الأسعار ليستفيد الجميع، ومنهم المستثمرون، خصوصا أن الحركة العقارية شبه متوقفة وتحتاج إلى قرارات صارمة لإجبارها على الانخفاض، في ظل حاجة القطاع إلى مثل هذا القرار منذ زمن طويل لربط العقار ووضعه تحت السيطرة حتى ولو كان ضرره انخفاض الأسعار الذي لن يكون ضررا إلا على كبار التجار الذين يقاتلون لبقاء الأسعار مرتفعة على ما هي عليه.
وكانت وزارة الشؤون البلدية والقروية في السعودية، أكدت على لسان وزيرها أن التسجيل العيني للعقار يحقق قوة في إثبات التملك من جهة، والدقة العالية في ضبط المساحات والأطوال بما ينعكس إيجابيا على حفظ الحقوق وقطع المنازعات، مؤكدا أنه لا توجد علاقة بين المناطق العشوائية وحفظ الممتلكات، كما أنه يعمل على إراحة القضاة من كثرة المشكلات التي تواجههم في عملية التسجيل العيني بالشكل السابق، إضافة إلى قلة التردد عليهم.
وفي الاتجاه المعاكس، أكد صالح الحارثي الذي يمتلك شركة عقارية متخصصة في الاستشارات العقارية، أن التسريبات التي تشير إلى أن الغرض من التسجيل العيني هو فرض رسوم على الأراضي البيضاء، لا أساس له من الصحة، وأنه عار تماما من المصداقية، وأنه لا يتخوف من التسجيل فيه، خصوصا أنه الأكثر تطورا، لافتا إلى أن صمت الجهات المسؤولة عن التطرق إلى جزئية فرض الرسوم يؤكد أن الأمر مجرد شائعات، لأن الدولة لو أرادت فرض رسوم على الأراضي لأعلنت بصراحة وأرغمتهم على التسجيل، لأنها تعمل على المصلحة العامة.
وحول تأثير فرض الرسوم على أسعار العقار، أكد الحارثي أن المتضرر الأول لو طبق هذا القرار هو المواطن، مبينا أن التاجر سيضيف المبالغ التي دفعها للدولة على سعر الأرض، وهو ما يعكس زيادة الأسعار إلى مستويات كبيرة، لافتا إلى أن التاجر من المستحيل أن يبيع بخسارة، مما يعني مستويات أشد ارتفاعا من المفروضة حاليا، إلا أنه أكد أن للقرار انعكاسات إيجابية جيدة مثل الحد من مشكلة ازدواج صكوك الأراضي، وهي مشكلة يعرفها العقاريون جيدا، إضافة إلى أنها تحد من بعض التعديات التي كانت تطال بعض الأراضي، كما أن نظام التسجيل العيني للعقار يوثق السجل الكامل للأرض منذ بداية منحها أو شرائها من قبل المالك الأول وحتى آخر مشترٍ لها، كما يوثق جميع الإحداثيات التي تطرأ على الأرض من بناء أو تعديل.
وتماشيا مع القرار الجديد، شرعت وزارة الشؤون البلدية والقروية في الخطوات العملية لتنفيذ أعمال النظام، حيث أنهت إنشاء وتنفيذ 100 محطة رصد مساحية، إضافة إلى 12 محطة رصد رأسية، تعمل على مدار الساعة في جميع المناطق السعودية، بهدف توفير البنية التحتية اللازمة لتشغيل تقنية الرصد المساحي الآلي المتحرك على مدار الساعة، وضمان تنفيذ أعمال التحديد ضمن متطلبات نظام التسجيل العيني للعقار في أسرع وقت ممكن وبدقة عالية، وفقًا لآخر ما توصلت إليه تقنيات الرصد المساحي، باستخدام الأقمار الصناعية، كما ربطت الوزارة ضمن هذه الخطة المحطات المساحية المنفذة من قبل الأمانات والبلديات مع منظومة محطات الرصد المساحي للوزارة، البالغ عددها 201 محطة، كما أنشأت مركز تحكم واستقبال المعلومات المساحية من الأقمار الصناعية.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».