سعد المهدي
TT

تحليلي.. للاستوديو التحليلي

باعتبار أن التحليل الفني، الذي تقدمه القنوات التلفزيونية للمنافسات الرياضية، عمل متخصص كغيره من عناصر أي لعبة، فإن ذلك لا بد أيضا أن يحوله بالضرورة، إلى منقود يتم كشف نقاط القوة والضعف فيما يقدمه، ومدى مهنيته وسلامته، وأن لا يتم التعامل معه كمسلمات.
القنوات الناقلة للمنافسات، تحرص على أن تستقطب لمن يتصدون لهذه المهمة أهل الاختصاص والقادرون على أداء هذا العمل بدرجة عالية من الكفاءة، والمهارة والقدرة على الالتقاط الموفق للأمور الفنية، مع حسن شرحها وإيصالها للمتلقي، وهم يؤدون عملية في أقصى درجة من الأهمية في استكمال الذائقة، وفهم ما جرى، لكنهم بالطبع يختلفون في القدرة على فعل ذلك، كما أن الأمر تلعب فيه مسائل أخرى، أهمها الاقتناع المسبق للمتلقي بقدرات المحلل الذي تتدخل فيه الكاريزما المتشكلة من عدة أمور ليست بيد أحد.
هناك أخطاء يرتكبها بعض ممن يتصدون لهذه المهمة، أسوأها على الإطلاق، عدم المصداقية في الحكم على الأشياء، لأنها تفسد الرأي وتضعفه، ومن أسبابها محاولة استرضاء الغير، وفي أقلها يتسبب في ذلك الميول الذي على أنه معيب، إلا أنه يمكن تبريره الظرفي، لكن الاسترضاء نتيجة الضعف أو المداهنة أمر غير مبرر، فهو ينزع الثقة ويفسد العمل بالكلية، ويمكن ملاحظة ذلك في مواقف كثيرة، من بينها التناقض في الحكم على حالة أو تصرف متشابه جرى من فريقين أو مدربين أو لاعبين أو حكمين.
المحلل الفني عليه أن يحدد رؤيته، ويختصر في التفسير، ولا يلعب على وتر عاطفة المشاهد المشجع، أو يجاريه ففي الأولى هو، ينفذ غرضا يخصه، وفي الثانية هو يزيده جهلا، ليس من العدل أن يحاول الانتصار لرأيه من خلال استدعاء ما يعززه بالإجبار، حين مثلا يبدأ قبل المباراة بالتأكيد على ضعف أحد خطوط الفريق، أو خطأ طريقة أو خطة أو قائمة المدرب، أو عدم قناعته بأسلوب أداء أحد اللاعبين، ثم يلعب على أحداث المباراة لالتقاط شيء من هنا وهناك لتعزيز وجهة نظره وصوابها، لأن تلك ليست مهمته، فهو يمكن له أن يعطي رأيه الفني وقراءته كما جرت الأحداث، مع توظيف فهمه وخبرته لشرح ما جرى وكيف ولماذا، دون زيادة أو نقص.
لست مع المحلل المعلم ولكن مع المحلل الكاشف، ولا مع المحلل الذي يعتقد أنه يتلو أحكاما واجبة التنفيذ، ولكن مع من يستأنف على نفسه في كل مرة يخطئ في القراءة، أو تسير الأمور عكس ما ظن وتوقع، من غير المعقول أن يقر 3 محللين على طاولة واحدة، بأن الهدف الذي تم احتسابه كان من موضع تسلل، ثم يقبلون فيما بعد سؤال مقدم الاستوديو حول كيف تم تسجيل الهدف فيتسابقون على شرح ذلك، مرة إن خط الدفاع غير منظم وأخرى كان يجب مراقبة اللاعب الذي سجل الهدف مع أنهم بالإجماع قالوا قبل بضع دقائق، إنه سجل من موضع تسلل؟
يمكن قبول أي تجاوز في الاستوديو التحليلي، والخروج عن النص وتقديم ما تريده القناة، ومن تريده، وبأي شكل بشرط أن لا تسميه استوديو تحليل فني إذا كان لا بد من ذلك، وليكن كأي دكان آخر من الدكاكين المناوبة كل مساء تحت مسمى برنامج الأمر لن يكون جديدا ولا سيئا فهناك من يحتاج (يتسلى) والترفيه من أهم الخدمات التلفزيونية.