هلع في اليابان إثر زلزال عنيف أعقبه تسونامي صغير

أوامر بإجلاء مؤقت لمئات السكان.. والحكومة شكلت خلية أزمة

هلع في اليابان إثر زلزال عنيف أعقبه تسونامي صغير
TT

هلع في اليابان إثر زلزال عنيف أعقبه تسونامي صغير

هلع في اليابان إثر زلزال عنيف أعقبه تسونامي صغير

وقع تسونامي صغير صباح أمس في شمال شرقي اليابان، إثر زلزال عنيف ضرب عرض البحر، مما تسبب في هلع ودفع السلطات للطلب من مئات السكان قرب السواحل مغادرة منازلهم مؤقتا.
ولم يسجل على الفور سقوط ضحايا أو أضرار جراء الهزة التي بلغت قوتها 6.9 درجات، إلا أن السلطات أصدرت أوامر بالإجلاء المؤقت بالنسبة لسكان مقاطعة ايواتي، شملت نحو ألف شخص من منطقة ريكوزينتاكاتا، إحدى المناطق الأكثر تضررا عند وقوع التسونامي المدمر الذي ضرب المنطقة في مارس (آذار) 2011.
وقبل رفع القرار قبل الظهر، جابت سيارات حكومية شوارع المدن المعنية مطلقة صفارات الإنذار لتحذر السكان وفي بعض الحالات تعطي أوامر بـ«الإجلاء الفوري». وكانت وكالة الأرصاد الجوية تتخوف من مد بحري بارتفاع متر، وحذرت السكان معلنة «لا تقتربوا من السواحل، لا تذهبوا لتفقد الوضع، أوقفوا كل المهام التي تقومون بها على طول الساحل».
وترقبت الوكالة أول موجة مد بعيد الزلزال، إلا أن المياه لم ترتفع سوى عشرة سنتيمترات، ثم في وقت لاحق في كوجي بالارتفاع ذاته، تلتها موجة مد ثانية بلغت 20 سنتيمترا على ساحل هذه المدينة الثانية. وقطعت شبكة «إن إتش كيه» التلفزيونية الرسمية برامجها لتنقل تعليمات السلطات. وتم تشكيل خلية أزمة في مكتب رئيس الوزراء في طوكيو.
ووقع الزلزال قبالة سواحل شمال شرقي اليابان في الساعة الثامنة و6 دقائق على مسافة 210 كم شرق مدينة مياكو الساحلية، وحدد مركزه على عمق 10 كم. وقال خبير زلازل من وكالة الأرصاد الجوية خلال مؤتمر صحافي «إنه زلزال ثانوي ناشئ عن زلزال مارس 2011». وبعد ذلك حصل زلزال آخر أقل قوة (5.7) إلا أنه أقرب إلى سواحل إيواتي وأكثر عمقا (50 كم) بعيد الظهر، شعر به سكان المنطقة بشدة أكبر ولم يتسبب في مخاوف من وقوع تسونامي.
والهزات التي شبهت بزلزال 11 مارس 2011 لم تكن بالمستوى ذاته من العنف برأي السكان، غير أن السكان شعروا بها في دائرة واسعة جدا شمالا وشرقا وعلى الأخص في كل المقاطعات التي طاولتها الهزة في الماضي، وهي إيواتي ومياغي وفوكوشيما وأوموري وأكيتا وهوكايدو وياماغاتا ونيغاتا وغيباراكي وتوشيغي.
واهتزت أيضا ناطحات السحاب في طوكيو وضاحيتها، في حين عمدت السلطات إلى وقف سير القطارات على بعض الخطوط لبعض الوقت. ولم يسجل سقوط ضحايا أو أضرار من جراء الزلزال. وتقع عدة محطات ومنشآت نووية في المنطقة التي طاولها الزلزال، لكن لم يلاحظ أي خلل في الدقائق والساعات التي تلت الهزات، بحسب مختلف شركات الكهرباء. وكل المفاعلات متوقفة حاليا في اليابان.
يذكر أن اليابان تقع عند ملتقى أربع صفائح تكتونية، وتسجل سنويا أكثر من 20 في المائة من الزلازل الأكثر قوة في العالم. لكن قواعد البناء في اليابان صارمة إلى حد أن غالبية الزلازل وحتى القوية منها لا تسبب سوى القليل من الأضرار المادية. وشهدت اليابان قبل نحو أربع سنوات كارثة مع وقوع زلزال بقوة تسع درجات في مارس 2011 أدى إلى تسونامي نتجت عنه كارثة فوكوشيما الذرية وأودى بـ18 ألف شخص بين قتيل أو مفقود.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».