مخاوف من الفراغ الرئاسي في لبنان

تشدد عون يعوق إعلان الحكومة

مجلس الوزراء اللبناني
مجلس الوزراء اللبناني
TT

مخاوف من الفراغ الرئاسي في لبنان

مجلس الوزراء اللبناني
مجلس الوزراء اللبناني

تضاعفت العراقيل أمام تأليف الحكومة اللبنانية، أمس، بإعلان وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، وهو صهر النائب ميشال عون، أن تياره يطالب بأربعة مقاعد وزارية، مجددا تمسكه بحقيبتي «الطاقة» و«الاتصالات»، ما يعني الرفض المطلق لمبدأ المداورة في الحقائب الحكومية، وهو شرط من ثلاثة شروط سهلت البحث في تشكيل الحكومة.
ويعيد هذا الإصرار، البحث في الملف الحكومي، بعد إنجاز قسم كبير منه، إلى المربع الأول، ومن شأنه أن يعوق إعلان الحكومة، إذ كان مبدأ المداورة بالحقائب، أي إعادة توزيعها بين الطوائف والكتل السياسية، وعدم حصرها بفريق أو طائفة، أحد ثلاثة شروط أنضجت الاتفاق بين الكتل السياسية اللبنانية على المشاركة بالحكومة. وقضى الاتفاق على المضي بصيغة المثالثة بثماني حقائب، لكل من فريقي ثمانية و«14 آذار» وفريق الوسطيين الذي يمثله الرئيسان ميشال سليمان وتمام سلام والنائب وليد جنبلاط، إضافة إلى رفض الثلث المعطل في الحكومة.
وعبّر تيار المستقبل، أمس، بوضوح عن أن التمسك بالمداورة، من شأنه أن يعوق ولادة الحكومة، إذ أكد عضو كتلة المستقبل النائب عاطف مجدلاني، أنه «إذا حصل إعادة نظر في المداورة، بالتأكيد سيُعاد النظر في البحث في ولادة حكومة جامعة»، مشدداً على أن «قوى (8 آذار) تعرقل تشكيل الحكومة».
وتسير مناقشات تشكيل الحكومة اللبنانية، عادة، وفق مستويين، يوضحهما عضو المستقبل النائب هادي حبيش لـ«الشرق الأوسط»، بقوله: «إن الرئيس المكلف، وانطلاقا من الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ عام 2005، يستغرق وقتا معينا لتذليل العقبات السياسية بين فريقي (8 و14 آذار)، قبل الانتقال إلى البحث في توزيع الحقائب بين الفريقين السياسيين خلال مهلة محددة أيضا». ويعد حبيش أنه «في هذا الوقت، برزت معضلة أخرى تتمثل بالبحث في الحقيبة التي سيتولاها الوزير باسيل»، على الرغم من أن الأخير نفى أن يكون اسمه المعرقل الدائم في مسألة تأليف الحكومة.
لكن التيار الوطني الحر، أكبر المكونات المسيحية في فريق «8 آذار»، ويترأسه النائب ميشال عون، يبرر رفضه لمبدأ المداورة، بالتساؤل عن جدواها في حكومة تنتهي صلاحيتها خلال أشهر بانتخاب رئيس للجمهورية، حيث تُشكل حكومة أخرى بعد انتخاب رئيس جديد. وأعرب باسيل عن مخاوف تياره من أن يكون الإصرار على المداورة «تخطيط للفراغ في موقع رئاسة الجمهورية».
ويتيح القانون اللبناني للحكومة تولي صلاحيات الهيئة التنفيذية في غياب رئيس للجمهورية. وتنتهي ولاية الرئيس اللبناني ميشال سليمان، في 25 مايو (أيار) المقبل، علما بأن البرلمان يتحول إلى هيئة ناخبة في آخر شهر مارس (آذار) المقبل. ويتخوف مراقبون من أن يتسبب عدم الاتفاق على رئيس جديد للبلاد بفراغ في سدة رئاسة الجمهورية.
ويشكك تيار المستقبل، الداعم لانتخاب رئيس لبناني قبل انتهاء ولاية سليمان، بحصول فراغ في سدة الرئاسة. ويقول النائب حبيش لـ«الشرق الأوسط»، إن مخاوف عون من الفراغ بالرئاسة «تصبح مبررة، إذا كانوا عازمين على إحداث هذا الفراغ»، قائلا إنه «كلما وصلنا إلى انتخابات رئاسية، يخرجون (تيار عون) بنظريات تتحدث عن رئيس قوي ومبررات أخرى، تدفعهم لعدم الحضور في جلسة انتخاب الرئيس». ويضيف حبيش: «نحمل مسؤولية الفراغ بسدة الرئاسة لمن يقاطع جلسات انتخاب الرئيس بالحجج التي تناسبه».
وينسحب الخوف من الفراغ في سدة الرئاسة على أقطاب مسيحية أخرى في قوى «14 آذار». ودعا النائب بطرس حرب إلى «بذل المساعي لتوفير الأجواء الصالحة، ليصار إلى انتخاب رئيس للجمهورية لئلا نقع في الفراغ الرئاسي الذي يعرض الدولة اللبنانية للسقوط والانهيار»، مشيرا إلى أن «البلد يمر بمأزق خطير، وهناك قلق على واقعه، وبالتالي يجب بذل الجهود لتشكيل الحكومة في أسرع وقت، وإذا كانت جامعة تكون هي الحكومة الأفضل».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».