تداعيات تقدم النظام جنوب سوريا: مخاوف من تدفق «النصرة» إلى لبنان والأردن

يسعى لتأمين العاصمة واسترداد سلة القمح في حوران

تداعيات تقدم النظام جنوب سوريا: مخاوف من تدفق «النصرة» إلى لبنان والأردن
TT

تداعيات تقدم النظام جنوب سوريا: مخاوف من تدفق «النصرة» إلى لبنان والأردن

تداعيات تقدم النظام جنوب سوريا: مخاوف من تدفق «النصرة» إلى لبنان والأردن

لا تقتصر تداعيات الهجوم الواسع الذي تطلقه القوات الحكومية السورية، مدعومة بمقاتلي حزب الله اللبناني ومقاتلين وخبراء إيرانيين في جنوب البلاد، على فصائل المعارضة المعتدلة والمتشددة في المنطقة الجنوبية التي تتشارك حدودًا مع الأردن ولبنان وإسرائيل، إذ يرى خبراء وسياسيون بأن العملية «ستخلق واقعًا جديدًا في المنطقة الحدودية من شأنه أن يغير في مسار المنطقة».
وتتفاوت التقديرات حول تداعيات الهجوم في جنوب سوريا الذي يعد آخر موطئ قدم للمعارضة المعتدلة للرئيس بشار الأسد، بعد انقسام باقي المناطق السورية في شمال وشرق البلاد وغرب ووسط البلاد بين المتشددين وقوات النظام. وفيما يرى مراقبون أن الهجوم «يسعى لتأمين العاصمة السورية بعدما بات خطر تقدم المعارضة إليها محسومًا، بعد ثلاث سنوات من المعارك»، يرى آخرون مقربون من حزب الله أن المعركة «ستكون لها تداعيات على إسرائيل، لجهة منع قوات المعارضة من تشكيل حزام أمني فاصل بين إسرائيل وسوريا»، فضلا عن تداعيات على الأردن.
ويرى ممثل الائتلاف السوري في واشنطن نجيب الغضبان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن ما يجري «ليس تطورات إيجابية لا للمعارضة السورية ولا للدول الإقليمية»، مشيرًا إلى أن المملكة الأردنية «ستكون متضررة، على ضوء رحيل قوات سورية معتدلة، تريحها على الجانب الحدودي لها، ما يرفع نسبة المخاوف الأمنية لديها من تسلل عناصر تخريب أمني إليها»، فضلًا عن «انكشاف الحدود أمام تسلل عناصر من تنظيم داعش من شأنها أن تستغل الانهيار الأمني للنظام للتسلل إلى الأردن»، في وقت يشارك الأردن في الحرب على الإرهاب وضرب مقاتلي «داعش» في سوريا.
لكن هذا الرأي، يخالفه رئيس مركز «الشرق الأوسط» للدراسات الاستراتيجية الدكتور هشام جابر، قائلًا لـ«الشرق الأوسط» إن النظام «لا يستطيع أن يوتر علاقته أكثر في هذا الوقت مع الأردن»، مستبعدًا أي «احتكاك مباشر بين دمشق وعمان»، كما يستبعد تدخلا عسكريا أردنيا بريا عبر الحدود السورية من غير موافقة النظام السوري. ويعرب عن اعتقاده أنه «في حال تقدم القوات النظامية أكثر، فإنه من مصلحة الأردن تعزيز قدراته على الحدود كي يمنع مقاتلي جبهة النصرة من الاتجاه إلى أراضيه، وهو السيناريو الأكثر ترجيحًا، كون مقاتلي النصرة يتشاركون مع مقاتلي داعش العقيدة نفسها، رغم وجود الخلافات بينهما». ويبدي جابر مخاوفه من انعكاس التقدم الميداني للنظام، إذا غطى المنطقة الواقعة في غرب درعا والقنيطرة وغوطتي دمشق الغربية والجنوبية، على لبنان. يقول إن المجموعات التابعة لـ«النصرة» لن تجد منفذًا إلى الأردن، كما لن تستطيع العودة في خط مواجه لخط الهجوم باتجاه ريف دمشق، كما أن إسرائيل لن تفتح لها الجولان المحتل لأنهم يخلقون أزمة لها، ما يعني، بحسب تقديراته، أن هؤلاء «سيلجأون إلى مزارع شبعا اللبنانية، عبر التسلل إلى مناطق لا يتمتع فيها حزب الله بحاضنة شعبية مثل راشيا وغيرها، ويقيمون تحت حماية نارية من إسرائيل، بشكل مؤقت، قبل خلط الأوراق في المنطقة»، مشيرًا إلى أن هذا السيناريو «هو الأكثر رعبًا، لكنه مطروح لأن التسلل عبر هذه المنطقة التي تعتبر خاصرة رخوة، هو الأكثر ترجيحًا».
وحشدت القوات الحكومية لهذه العملية فرقة عسكرية قوامها 15 ألف مقاتل، مدعمة بثلاثة ألوية وكتائب مدفعية وإسناد ناري بري وجوي، إلى جانب مقاتلين من حزب الله اللبناني ومقاتلين إيرانيين وعراقيين، ما يشير إلى أن العملية تتخطى البعد الدفاعي، لتنطلق القوات الحكومية بعملية هجومية، لأول مرة، على ثلاثة محاور. ويرى عسكريون أن العملية «هجوم مضاد على هجمات المعارضة».
ويتفق الغضبان وجابر على أن العملية العسكرية النظامية، تهدف إلى حماية دمشق «لأن الجيش الحر تقدم بشكله المعتدل، ما يهدد النظام»، كما يقول الغضبان، إضافة إلى أن «الخطر يصل إلى العاصمة لأول مرة منذ ثلاث سنوات»، كما يقول جابر. ويوضح أن «طريق درعا الذي كان يسيطر عليه النظام، بات غير آمن بالنسبة له، بعد تقدم المعارضة الذي يهدد بعزل العاصمة عن الأردن»، مشددًا على أن العملية «هي عملية تأمين العاصمة في المقام الأول، واسترداد سهل حوران وتفعيله، كونه يعتبر سلة القمح السورية». ويضيف: «في هذا الوقت، عزلت دمشق عن العراق وتركيا، فيما تسعى المعارضة لعزلها عن الحدود اللبنانية عبر التقدم في الزبداني، وعن الأردن عبر قطع طريق درعا»، لافتًا إلى أن مخاوف النظام من سقوط العاصمة «تضاعفت بعد التقدم باتجاه قطنا». ويوضح أن قطنا «تستضيف مركز قيادة الفيلق الأول الذي يعد الحامية الأهم للعاصمة، ما يعني أن سقوط قطنا الواقعة بين القنيطرة وغوطة دمشق، يعني نهاية دمشق».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.