عاشت ساحل العاج ليلة احتفالية امتدت حتى قبل فجر أمس حيث تجمع ما يقرب من مليون مشجع في شوارع العاصمة أبيدجان والملعب الرئيسي للمدينة لاستقبال لاعبي المنتخب المتوجين أبطالا لكأس أمم أفريقيا في النسخة الثلاثين للبطولة التي استضافتها غينيا الاستوائية وذلك إثر الفوز على غانا بركلات الترجيح 9-8.
وهذا هو اللقب الثاني لساحل العاج في تاريخها والأول منذ 23 عاما من لقبها الأول الذي كان على حساب غانا أيضا وبركلات الترجيح الماراثونية 11 - 10 بعد 24 ركلة في نسخة 1992 في السنغال.
وكأن التاريخ يعيد نفسه فبعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي من المباراة النهائية بالتعادل السلبي نجحت ساحل العاج مرة أخرى في حسم الأمر بركلات ترجيح ماراثونية جديدة كان بطلها حارس مرماهم أبو بكر كوبا باري الذي تألق بتصديه لركلتين وتسجيله الركلة الترجيحية الحاسمة التي منحت اللقب الغالي لمنتخب بلاده وفكه عقدة خسارة نهائيي 2006 و2012 بركلات الترجيح أمام مصر وزامبيا على التوالي.
يذكر أن باري خاض مباراته الرسمية الأولى في النسخة الحالية حيث فضل عليه المدرب الفرنسي هيرفيه رينار الحارس سيلفان غبوهويو لكن إصابة الأخير في الفخذ حرمته من المشاركة في المباراة النهائية فلعب باري أساسيا وفرض نفسه بطلا قوميا بقيادته ساحل العاج إلى اللقب.
وللمصادفة فإن المنتخب العاجي لم يسجل أي هدف في المباريات النهائية الأربع التي خاضها حتى الآن في تاريخه مشاركاته الـ20 في العرس القاري.
وابتسمت ركلات الترجيح مرة أخرى لساحل العاج علما بأنها أهدرت أول ركلتين عبر ويلفريد بوني الذي سدد في العارضة وجونيور تالو الذي سدد بجوار القائم الأيمن، لكن غانا أهدرت الركلتين الثالثة والرابعة عبر افريي اكواه وتصدى لها باري وفرانك اتشيبونغ وسددها خارج المرمى.
ونجح المنتخبان بعدها في تسجيل الركلات، فسجل سيرج أورييه وسيدو دومبيا ويايا توريه وسالومون كالو وحبيب كولو توريه وويلفريد كانون وإريك بايلي وسيري دي لساحل العاج ومبارك واكاسو وجوردان ايوو وأندريه ايوو وجوناثان منساه وإيمانويل بادو وهاريسون افول وبابا عبد الرحمن وجون بوي لغانا، قبل أن يأتي الدور على حارسي المرمى فأهدر الغاني بريماه رزاق بعدما تصدى لها باري قبل أن يسجل الأخير ركلته ويقود بلاده إلى اللقب.
وهو النهائي الثامن الذي يحسم بركلات الترجيح علما بأن ساحل العاج كانت طرفا في 4 منها.
ونال مدرب ساحل العاج رينار اللقب القاري الثاني بعد الأول مع زامبيا عام 2012 على حساب ساحل العاج بالذات وبركلات الترجيح، فبات أول مدرب في تاريخ العرس القاري يحرز لقبين مع منتخبين مختلفين وأول مدرب أجنبي يحقق هذا الإنجاز، علما بأن الرقم القياسي في عدد الألقاب يتقاسمه الغاني تشارلز غيامفي والمصري حسن شحاتة برصيد 3 لكل منهما.
وهو اللقب الخامس للمدربين الفرنسيين بعد كلود لوروا مع الكاميرون عام 1988، وبيار لوشانتر مع الكاميرون أيضا عام 2000. وروجيه لومير مع تونس عام 2004 زرينار عامي 2012 مع زامبيا و2015 مع ساحل العاج.
في المقابل، فشلت غانا في إحراز اللقب الخامس في تاريخها والأول منذ 33 عاما وتحديدا عام 1982 في ليبيا على حساب منتخب البلد المضيف بركلات الترجيح بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل الإيجابي 1 - 1.
يذكر أنه النهائي التاسع لغانا في العرس القاري وهو رقم قياسي حيث توجت عام 1963 على أرضها على حساب السودان 3 - صفر، و1965 على حساب تونس المضيفة 3 - 2 بعد التمديد، و1978 على أرضها على حساب أوغندا 2 - صفر، و1982 في ليبيا، وخسرت نهائي عام 1968 في إثيوبيا أمام الكونغو الديمقراطية صفر - 1. و1970 في السودان أمام البلد المضيف صفر - 1، ونهائي 1992 في السنغال أمام ساحل العاج، ونهائي 2010 في أنغولا أمام مصر صفر - 1.
وعقب اللقاء طغت مظاهر الارتياح على يايا توريه قائد ساحل العاج بعد أن فاز أخيرا بالكأس لأول مرة مع منتخب بلاده في ست محاولات. وقال توريه: «انتظرت لسنوات طويلة وكنت أحلم بهذا اللقب، من الصعب الآن وصف شعوري كقائد للفريق. إنه أمر في غاية الخصوصية».
وسبق للاعب الوسط توريه، 31 عاما، الفوز بألقاب الدوري في 3 دول مختلفة كما فاز بلقب دوري أبطال أوروبا مع برشلونة الإسباني وبكأس إنجلترا مرتين في 2012 و2014 مع مانشستر سيتي. لكن مسيرته مع منتخب ساحل العاج لم تكن على هذا المستوى من النجاح حتى حسم اللقب القاري بركلات الترجيح.
وكان توريه ضمن تشكيلة ساحل العاج التي خسرت في نهائي البطولة الأفريقية في عامي 2006 و2012 بركلات الترجيح أيضا.
كما خرج منتخب ساحل العاج من دور المجموعات في نهائيات كأس العالم الأخيرة في البرازيل في العام الماضي عندما دخل مرماه هدف متأخر أمام اليونان قضى على أماله في الوصول لدور 16 للمرة الأولى.
وقال توريه: «أنا شخص أحب تحقيق الفوز دائما لكني أعتقد أن الحظ حالفنا هذه المرة.. وأنا سعيد من أجل أسرتي ومن أجل كل من حولنا الذين قدموا الدعم لنا. سأعود إلى أهلي الآن واحتفل».
وبمجرد إعلان نهاية اللقاء انطلقت الاحتفالات في ساحل العاج ونزلت الجماهير إلى الشوارع في انتظار عودة اللاعبين (قبل منتصف الليل) وأعدت الحكومة ملعب فيليكس هوفويت - بوانيي (سعته 35 ألف متفرج) مكانا للاستقبال والاحتفال لكن الاستاد اكتظ بالجماهير وخوفا على المشجعين تم الإعلان عبر التلفاز الرسمي ببقاء الناس على طول الطريق التي سيمر بها موكب المنتخب أو متابعة وصول الفريق عبر شاشة التلفزيون.
في المقابل ذاقت غانا مرارة الهزيمة مرة أخرى بركلات الترجيح، كما ذاق مدربها أفرام غرانت نفس المرارة حيث أعادت هذه الهزيمة ذكريات خسارته إبان كان مدربا لتشيلسي أمام مانشستر يونايتد في مواجهة إنجليزية خالصة بنهائي دوري أبطال أوروبا 2008. وكان تشيلسي على بعد ركلة واحدة من التتويج باللقب لكن مدافعه جون تيري انزلق أرضا لتصطدم الكرة بالقائم قبل أن يخسر فريق غرانت 6 - 5.
وردا على سؤال بشأن وجود لعنة قال غرانت: «لا أؤمن بهذه الأشياء. تدربنا على ركلات الترجيح في اليوم السابق لكن الأمر لا يسير بنفس الطريقة عند التنفيذ أمام المتفرجين.. نفذ كل فريق 11 ركلة ترجيح وهذا يعني أن الأمر كان بيد الحارسين».
وكان الإسرائيلي غرانت تولى مسؤولية غانا بطلة أفريقيا 4 مرات في أول يناير (كانون الثاني) الماضي.
وقال غرانت المدرب السابق لبورتسموث وويستهام يونايتد في إنجلترا وبارتيزان بلغراد الصربي: «الوصول إلى النهائي هو إنجاز كبير لم يرشحنا كثيرون له.. أفخر بهذا أكثر مما حدث أثناء ركلات الترجيح. لم يرشح أحد منكم غانا قبل البطولة وليس للفوز فقط بل وتقديم مثل هذه النوعية من الأداء».
وتابع: «هؤلاء اللاعبون قدموا الكثير. جعلوني أشعر بسعادة باستثناء ركلات الترجيح بالطبع لكن هذا وارد». من جهته أرسل جون دراماني ماهاما رئيس دولة غانا رسالة مواساة للاعبي منتخب بلاده وهنأهم على «الأداء الشجاع» الذي قدموه في النهائي. وكتب ماهاما في حسابه على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي على الإنترنت: «المجد للنجوم السوداء. قدمتم أداء شجاعا رغم هزيمتنا. لقد تجاوزتم كل توقعاتنا، وتحولتم من لا شيء إلى أبطال. إنني فخور بكم».
لكن ذلك لم يمنع من حالة الحزن والإحباط التي أصابت الجماهير الغانية حيث ساد الصمت أرجاء العاصمة الغانية أكرا عقب الهزيمة، حيث عادت الجماهير التي كانت تتابع المباراة في أماكن متفرقة بالمدينة إلى منازلها في هدوء.
لكن ما يعوض غانا بعض الشيء هو تتويج اللاعب كريستيان أتسو بجائزة أفضل لاعب في البطولة الأفريقية، ليصبح رابع غاني يحرز اللقب على مدار تاريخها حيث سبقه كل من أوسي كوفي في 1965 وكريم عبد الرزاق في بطولتي 1965 و1978 على الترتيب عندما فاز المنتخب الغاني باللقب وعبيدي بيليه في 1992 عندما خسر الفريق النهائي أمام المنتخب العاجي 10-11 بركلات الترجيح أيضا.
ساحل العاج تحتفل بمنتخبها المتوج بطلاً لأفريقيا.. وتوريه يحقق إنجازه الأول دوليًا
التاريخ يعيد نفسه بعد 23 عامًا ليتجرع الفريق الغاني مرارة الخسارة أمام الأفيال مجددًا بركلات الترجيح
ساحل العاج تحتفل بمنتخبها المتوج بطلاً لأفريقيا.. وتوريه يحقق إنجازه الأول دوليًا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة