قفز اسم حي «المطرية» القاهري إلى عناوين الأخبار الآتية من مصر خلال الأيام الماضية، بعد أن تفاقمت فيه أعمال العنف والإرهاب، وسقوط عدد من القتلى والجرحى في اشتباكات دامية بين جماعة الإخوان (الإرهابية) وقوات الأمن المصري.
و«المطرية» الواقع شرق العاصمة القاهرة، حي تاريخي يحتوي على كثير من المعالم الأثرية والدينية مثل مسلة الملك سنوسرت الأول، ومسجد النور المحمدي التابع للجمعية الشرعية، وكذلك مسجد حمزة، والرحمة المهداة، ومسجد ميدان المطرية، كما يضم هذا الحي أيضا شجرة وبئر السيدة العذراء، اللذين يعود إطلاق اسم «المطرية» على هذا الحي إليهما، فقد جاء أصل التسمية من كلمة «مطر» باللاتينية (Mattar) وهي تعني «الأم» وذلك لمرور السيدة مريم العذراء فيها ووجود بئر وشجرة السيدة العذراء بها.
ورغم مكانة المطرية، التي كانت تتجلى بها صورة مصر الحضارة وقبلة الأديان، فإنها تحولت منذ فترة الثمانينات من القرن الماضي إلى منطقة من أكثر المناطق التي شهدت تكاثر البؤر الإرهابية، حيث كان أول صدام لبعض الإرهابيين مع أجهزة الدولة في 12 أغسطس (آب) عام 1988، وذلك عقب تكوين خلية إرهابية من مجموعة من المفرج عنهم في قضايا إرهابية سابقة، ومنهم: حازم الحسيني، وأكرم هريدي، وبركات هريدي، ومحمد عبد الرؤوف نوفل، وإسماعيل رفاعي، حيث قام بعض الإرهابيين بإحراق إطارات السيارات وإلقاء الحجارة على قوات الأمن، ووصفوهم بأنهم «جنود فرعون» و«هامان وجنوده»، وفقا لتسمية «عمر عبد الرحمن»، الذي يعتبر الزعيم الروحي لـ«الجماعة الإسلامية» بمصر.
وفي عام 1990، قام مجموعة من الإرهابيين بتوزيع منشورات على المحلات التابعة للأقباط بالمنطقة تحمل توقيع «جماعة الجهاد» يهددون فيها الأقباط بالقتل وحرق محلاتهم، وبعد مرور وقت قصير ألقوا بعبوة ناسفة أمام كنيسة العذراء الموجودة بالمطرية، مما تسبب في خوف وذعر الأقباط هناك.
بالإضافة إلى ذلك، فإن منطقة المطرية تعتبر معقلا لبعض المنتمين لتنظيم الجهاد مثل رفاعي سرور، المنظِّر الذي يعتبر من الرعيل الأول للحركات المتطرفة، الذي تم القبض عليه عام 1981 في القضية المعروفة باسم قضية تنظيم الجهاد.
ومع مرور الوقت، اشتد الحضور الإخواني والإرهابي بمنطقة المطرية، خاصة بعد ثورة 30 يونيو (حزيران) التي أطاحت بالرئيس محمد مرسي، حيث إن بعض قيادات تنظيم الإخوان تقيم بالمطرية وأهمها عائلة نجلاء علي، زوجة الرئيس المعزول محمد مرسي، التي يرى البعض أنها لا بد أنها تحرك الأحداث هناك بشكل كبير.
وعقب ثورة «30 يونيو»، اتخذ محمد ربيع الظواهري، شقيق أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة، من المطرية مقرا لاجتماعه مع بعض المنتمين للجماعات الإرهابية مثل نبيل المغربي، ومحمد السيد حجازي، وداود خيرت أبو شنب، وعبد الرحمن على إسكندر، وأسس معهم جماعة تنظيمية تعتنق الأفكار المتطرفة القائمة على تكفير مؤسسات الدولة والسلطات العامة، وشرعية الخروج عليها، وخططت هذه الجماعة لتنفيذ أعمال عدائية ضد المنشآت العامة ورجال القوات المسلحة والشرطة وأبناء الديانة المسيحية ودور عبادتهم وممتلكاتهم، إلا أن قوات الأمن تمكنت من القبض عليهم في أغسطس 2013 قبل تنفيذ مخططهم التخريبي.
وعلى مدار أكثر من عام بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة في أغسطس 2013، احتل حي المطرية صدارة المشهد في المظاهرات والمواجهات العنيفة بين الإرهابيين وقوات الأمن، حيث كانت المظاهرات به شبه يومية، وتزداد حدتها في أيام الجمعة، وكان آخر هذه المواجهات ما حدث الأحد الماضي أثناء إحياء الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، الذي أسفر عن عشرات القتلى.
ودعت بعض عناصر الإخوان إلى الاعتصام بالميدان، مما جعل البعض يشعر أنها تنوي تحويل المطرية إلى «رابعة» أخرى، حيث قال اللواء حسام سويلم، الخبير الاستراتيجي، لـ«الشرق الأوسط» إن جماعة «الإخوان» كانت تنوي تحويل المطرية إلى ميدان للتمركز والسيطرة بعد «رابعة»، «إلا أن قوات الأمن أفشلت ذلك المخطط، وأنهت ذلك الحلم الذي بات يحلم به (الإخوان) منذ فض اعتصامي رابعة والنهضة، خاصة بعد صعوبة اقتحامهم للميدانين مرة أخرى بعد أن أحكمت قوات الأمن تأمينهما»، وأوضح سويلم أن حي المطرية يتميز بكثرة مخارجه ومداخله وشوارعه الجانبية مما يسهل على «الإخوان» الاختباء به من قوات الأمن، كما أن هذه المنطقة تعتبر من المناطق العشوائية التي يكثر بها الفقر والبطالة، مما يجعل سكانها لقمة سائغة للجماعات الإرهابية لتجنيدهم لصالحهم.
حي «المطرية» القاهري معقل المتطرفين وأخطر بؤر الإرهاب في مصر
ممر السيدة العذراء «مريم» الذي حاول «الإخوان» تحويله إلى «رابعة» جديدة
حي «المطرية» القاهري معقل المتطرفين وأخطر بؤر الإرهاب في مصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة