سعد المهدي
TT

التفسير المقبول لما حدث.. ولماذا يحدث؟

حصل منتخب كوريا الجنوبية لكرة القدم، على المركز الرابع في مونديال 2002، بعد أن لعب 7 مباريات. وفاز في 3 وتعادل في 2 وخسر مثلها، وفي البطولة ذاتها خرج المنتخب السعودي من الدور الأول، وتلقى الخسارة الشهيرة من ألمانيا 0 / 8، لكن كرة القدم لا تعتمد في الحكم على حاضرها، أو تقدير مستقبلها بقياس نتيجة مباراة، أو مشاركة في بطولة.
بعض السعوديين، وحتى لا يفوتوا فرصة التشفي من خصومهم الداخليين، قاموا بالتندر على حجم الخسارة من ألمانيا بشيء من التلبيس، الذي لا يجعلهم يقعون في فخ تهمة الشماتة، لكنه لا يقدم أي مفيد، فرموا بالخسارة وأهدافها الثمانية على (رأس حربة الفريق)، ليس الألماني بل السعودي، رغم أنه كان مضطرا بموجب قانون اللعبة، أن يبدأ استئناف اللعب من نقطة المنتصف في المرات الثماني، التي كانت تعقب اهتزاز شباك حارس المرمى، بعد أن تكون الكرة مرت على كل من في الفريق، وتحت نظر الجهازين التدريبي والإداري، لكن كان عليهم أن يحملوها (رأس الحربة) حتى دون على الأقل أن يشاركه في ذلك، من يستقبل منه الكرة حين يحركها لاستئناف اللعب في المرات الثماني، ليظهر الأمر بوضوح أنه يحمل أشياء أخرى، لا علاقة لها بالنقد، أو الرغبة في التصحيح، أو معرفة حقيقة ما جرى، ورغم ذلك كله حقق بعدها المنتخب السعودي كأس الخليج مرتين، وكأس العرب، وتأهل لنهائيات كأس العالم التي أقيمت في ألمانيا صيف عام 2006.
كوريا الجنوبية خسرت من السويد عام 1948 بنتيجة 0 / 12، رغم أنها في العام ذاته، فازت على المكسيك. 5 / 3، حتى لا يعتقد البعض أنها حين خسرت من السويد لم تتعلم لعبة كرة القدم بعد، ونجح المنتخب الكوري في الوصول لمونديال 1986 بالمكسيك، بعد أن توقف عن ذلك منذ آخر مشاركته له 1954 في سويسرا، أي بعد غياب 7 مرات عن المونديال، إلا أنه لم ينقطع عن الوصول للمونديال منذ ذلك الحين، لكن لم يفعل الشيء نفسه على صعيد كأس أمم آسيا التي تأهل حاليا إلى دورها نصف النهائي على حساب أوزبكستان، حيث ما زال بينه وآخر مرة حقق فيها هذه الكأس 55 عاما وقد تطول أكثر.
البرازيل حين اهتزت شباكها 7 مرات مقابل مرة واحدة، على يد الألمان في المونديال الأخير على أرض البرازيل، كان ذلك بمثابة الدرس الكبير والأهم، في مقرر لعبة كرة القدم التنافسية، ومن لم يتعلم من تلك الحادثة ويستخلص منها ما يشاء ويكفي من دروس وعبر، فإنه لن يفعل ذلك مع أي شيء آخر مشابه ما تبقى له من حياته، كل ما يمكن أن تتوقع أن يقوله ويفعله البرازيليون من ردة فعل جمهور وإعلام، حدث، لكن الهزيمة المريرة التي فقدوا بسببها فرصة العمر لنيل كأس العالم على أرضهم، ككل المنتخبات التي فازت بها، لم يتمكن من تغيير فلسفة اللعبة ولا قواعد التنافس، والهدوء السريع للعاصفة الأقل هوجا من عاصفة ثُمانية ألمانيا السعودية، يؤكد أن الحياة مضت في البرازيل بأيسر، مما حتى كان هم يظنون، وسيطوى هذا الملف وينسى إلا من نزر يسير من ذكريات، تقفز على السطح وتختفي، لأن ذلك هو الطبيعي ولأنها هزيمة منتخب بلد استحضارها للتشفي وليس للاعتبار يؤذي ولا يفيد، وهي ليست هزيمة لاعب واحد أو تشكيلة منتخب أو اتحاد لعبة أو حتى جيل بأكمله يمكن الاكتفاء بتعليق المسؤولية عليه مهما تفنن البعض في جعلها كذلك.
ظل المنتخب الكوري الجنوبي، ما بين الترتيب 17 و69 منذ 1998و 2014 في تصنيف الـ«فيفا»، وخلالها لم يحقق بطولة كأس أمم آسيا، لكنه كان يتأهل لنهائيات كأس العالم كل مرة، وكان المنتخب السعودي في تلك الفترة بطلا لكأس أمم آسيا مرتين متتاليتين 1984 و1988 لكن دون أن يتذوق طعم التأهل لنهائيات كأس العالم، حتى حينما لعبت تصفياتها المؤهلة لمونديال 1990 إيطاليا خريف 1989 في سنغافورة، التي يتفاءل السعوديون بها كرويا، بعد تأهلهم على أرضها لأولمبياد لوس أنجليس 1984 وحصوله أيضا لأول مرة على بطولة كأس أمم آسيا الثامنة نفس العام، ورافق الكوري الجنوبي للمونديال منتخب الإمارات الذي لم يحصل بعد وحتى اليوم، على بطولة كأس أمم آسيا، وتأخر حصوله على أول كأس لدورة الخليج إلى دورتها الـ18 في أبوظبي عام 2007
هذا السرد المعلوماتي التأريخي السريع ضروري للتأكيد على أن كرة القدم لها فلسفة وطباع لا بد من هضمها جيدا حتى يمكن التوصيف الدقيق (لما) يحدث والتفسير المقبول (لماذا) حدث، على مسطرة النتائج والزمن المتضادة أحيانا، من ذلك يمكن للكرة السعودية أو غيرها، تحقيق نتائج ممتازة، على مستوى المنتخبات والأندية، وعلى صعيد الألقاب الفردية، بعناصرها من لاعبين أو لكوادرها التدريبية والإدارية، لكن ليس بالضرورة حين تريد أو كما تريد، وبحجم ما تتمنى.