المدرستان الكلاسيكية والحداثية تلتقيان أخيرا بعد طول شد وجذب

في دورته السادسة.. أسبوع الموضة اللندني يكتسب قوة رجالية جديدة أكثر عصرية

من عرض «بيربري برورسم»
من عرض «بيربري برورسم»
TT

المدرستان الكلاسيكية والحداثية تلتقيان أخيرا بعد طول شد وجذب

من عرض «بيربري برورسم»
من عرض «بيربري برورسم»

تسبق انطلاق أي أسبوع موضة عالمي، توقعات كثيرة ومحاولات أكثر لتلميع صورته بهدف جذب أكبر نسبة من المتابعين والمشترين له. لكن أسبوع لندن الرجالي لم يكن يحتاج إلى تلميع، فكل الدلائل تشير منذ فترة، إلى أنه منافس قوي لكل من أسبوعي ميلانو وباريس اللذين يسبقانه من الناحية الزمنية. لم تمر سوى 3 سنوات على ولادته حتى توسع من 3 أيام إلى 4، لكي يستطيع استيعاب عدد الراغبين في المشاركين فيه. ولما انطلق يوم الجمعة الماضي، أكد أن أي توقعات أو تهليلات سبقته، لم تكن مبالغا فيها، لأنه بالفعل يزيد قوة موسما بعد موسم. مكمن قوته كما أكدت هذه الدورة، أنه مخلص لشخصيته التي تجمع الكلاسيكية بالحداثة، والتسويق التجاري بالابتكار الذي يميل إلى الجنون في بعض العروض. ونقول هنا العروض وليس الأزياء، لأن تفكيك كثير من القطع التي تبدو سريالية للوهلة الأولى، وإخراجها من إطارها المسرحي، تكشف أنها معقولة يسهل تسويقها لشاب أيا كانت ميوله وأسلوبه. لكن مع ذلك، تبقى قوة لندن في احتضانها للمدرستين: مدرسة التفصيل الإنجليزي التي يقودها خياطي سافيل رو، مثل جيفس أند هوكس، أو من تدربوا على أياديهم، مثل ألكسندر ماكوين وهاكيت، ومدرسة الابتكار المجنون التي يقودها مصممون حديثو التخرج تدفعهم فورة الشباب والرغبة في الظهور لاستعراض خيالهم بطرق غير تقليدية، مثل كريستوفر شانون. هذا التنوع لا يوجد في أي عاصمة أخرى، وهو ما يعطي لندن نكهتها المتميزة. ليس هذا فحسب، بل يشجع أسماء عالمية أن تشارك فيه مثل توم فورد، وموسكينو، وتومي هيلفيغر سابقا، و«كوتش» هذا الموسم.
مع انتهاء الدورة السادسة يوم الاثنين الماضي، كانت المهتمون قد تابعوا 32 عرضا رسميا و37 معرضا شاركت فيها ماركات مثل أكواسكوتم، ومانولو بلانيك، وباربر، وتوم فورد، وبول سميث، وغيرهم.
بالنسبة للعروض، يمكن القول إن «توبمان» لخصت ثقافة لندن، أو بالأحرى جمعت المدرستين، باقتراح مصممها، غوردن ريتشاردسون، أزياء كلاسيكية عصرية وأخرى حداثية في غاية الابتكار، مثل البنطلونات التي اتسعت من أسفل. قد تبدو هذه التصاميم غير جذابة من النظرة الأولى، لكن لن نستغرب إن رأينا شباب لندن وطوكيو يقبلون عليها ويروجون لها في عواصم أخرى. كما العادة، قدم غوردن ريتشاردسون للرجل كل ما يحتاجه في خزانته من بدلات متكاملة أو قطع منفصلة، بتصاميم متنوعة تلبي كل الأذواق، وإن غلبت على العرض لمسة «ريترو» من السبعينات تحتفل بالسفر وثقافات بعيدة.
أما عرض الشابة لو دالتون، فكان تجسيدا لوجه لندن الإبداعي، إذ قدمت تشكيلة جربت فيها خامات جديدة وخاطبت بها شريحة شبابية في المقام الأول. تقول المصممة إنها استوحتها من صورة التقطت لوالدها في السبعينات، مما جعلها تتذكر ما جرى في تلك الحقبة من أحداث مثل حركة «بلاك بانثر» وفيرجيل غريسم، الذي توفي وهو على متن «أبولو 1»، ثم «ربطتها مع صورة والدي، لخلق توازن بين النعومة والقوة. فقد اكتشفت أن القوة في تلك الفترة نابعة من الرغبة في التحكم فيما يدور حولنا وفي النفس في الوقت ذاته». هذه الديناميكية تجسدت في قطع للنهار على شكل جاكيتات من النايلون بسحابات ومعاطف من صوف الخراف باللون الوردي الفاقع. ما يشفع لدالتون أنها زاوجت في هذه الجرأة بين التفصيل الرجالي القوي بتقاليده العريقة، والأسلوب الشبابي، بكل ما فيه تمرد يستمده من ثقافة الشارع، مثل تلك اللمسة الخفيفة من ثقافة البانكس التي ظهرت في تنورات اسكوتلندية استعملتها فوق بنطلونات فضفاضة.
رغم أن المصمم الشاب كريستوفر شانون، ركز على ألوان كلاسيكية، مثل الأسود والأزرق الليلي في كثير من التصاميم، إلا أن إرساله العارضين بأكياس بلاستيكية تغطي وجوههم كان غريبا بعض الشيء، لم يشفع له سوى التصاميم وسمعته التي تؤكد بأنه نجم صاعد لا بد من الانتباه إليه. فقد حصل في العام الماضي بدعم كل من منظمة الموضة البريطانية ومجلة «جي كيو» اعترافا بموهبته، حيث فاز بجائزة قيمتها 150 ألف جنيه إسترليني، جعلت البعض يتوقع أنه سيقدم تشكيلة أكثر نضجا، تخاطب السوق والرجل المقتدر، لكنه في المقابل ظل وفيا لأسلوبه ولزبائنه الشباب. فالكنزات الصوفية مثلا، جاءت برسائل فيها بعض التمرد وصور «كولاج» تحاكي الفن من جهة وتتوخى الوظيفية من جهة ثانية. ولا شك أن هذا الوفاء لأسلوبه، وعدم انسلاخه عن جلده بهدف التودد للسوق، يدعو لاحترامه أكثر، سواء أعجبنا بأسلوبه أم لا.
كما العادة يزيد إيقاع الأسبوع سخونة مع توالي الأيام، مما يخلق الإحساس بأن عروض الأيام الأولى تكون بمثابة تمارين للتسخين والتحضير لما هو آت. من عرض «موسكينو» و«الكسندر ماكوين» إلى جي.دبليو أندرسون و«دانهيل» و«بيربيري» وآخرون، كان الطبق متنوعا، لكنه يعتمد على نفس المكونات. هذه المكونات هي اللعب على القوة والنعومة، وعلى الصرامة والفنية البوهيمية. في حالة دار «الكسندر ماكوين» لعبت القوة على الجانب العسكري نوعا، إذ عادت بنا المصممة سارة بيرتون إلى القرن الثامن عشر، حين كانت هناك إمبراطورية بريطانية لا تغيب عنها الشمس تجول وتصول بأسطولها في كل بحار العالم. بيد أن المصممة سارة بيرتون، لا تزال متأثرة بتشكيلتها الأخيرة التي استلهمت فيها الكثير من الفنان ماتيس، إذا كانت هناك إطلالات ذكرتنا بذلك، يشفع لنا أنها أقوى وأجمل من ذي قبل، خصوصا وأنها ركزت فيها على الإرث الذي خلفه الراحل ماكوين، بإضفائها لمسات من الجمال الوحشي، وفي الوقت ذاته، تقنيات التفصيل التقليدي التي تعلمها من خياطي سافيل رو. وهذا ما ظهر في الأزياء العسكرية بصرامة خطوطها، وطبعات «الكاموفلاج» التي ظهرت في كثير من الجاكيتات والمعاطف المفصلة على الجسم وحتى بعض البدلات، وإن كانت هناك أيضا قطع بنفس القوة طبعتها الورود. هذا التناقض بين الرجالي والرومانسي تميز بتناغم أضفى على التشكيلة الكثير من التنوع.
من جهته، لعب جيريمي سكوت، مصمم «موسكينو» على ازدواجية القوة والنعومة بأسلوب مختلف. فقد استعرض أجزاء كثيرة من الجسم، رغم أن الأجواء التي قدم فيها تشكيلته، توحي بأنها تتوجه إلى سكان القطب الشمالي أو سيبريا أو ما شابه بثلوجها المتساقطة. كانت هناك كثير من القطع المبطنة والسميكة، كما كانت هناك إكسسوارات كثيرة تتحدى المطبات الناتجة عن الطقس القارس، سواء بمنحها الدفء أو بتلافي مشكلات التزحلق على الجلد وغيرها، نجحت في شد الانتباه. الفضل يعود إلى تصاميمها الـ«سبور» التي أضفى عليها المصمم الكثير من الرقي الهادئ، مما يجعلها مناسبة لكل من يتوخى الدفء والأناقة سواء كان رجلا أو امرأة. نعم فجيرمي سكوت لم يكتف بالتلاعب بالأنوثة والرجولة، بل ذهب إلى أبعد من ذلك وقدم في عرضه أزياء وإكسسوارات نسائية.
في المقابل، قدم جون راي، مصمم دار «دانهيل» تشكيلة مختلفة تماما، لخص فيها نظرة الدار لما يجب أن تكون عليه الأزياء الرجالية العصرية: تطويرا لأزياء الأجداد في أواخر الخمسينات من القرن الماضي، وتحديدا من كان منهم معجبا بالموجة الفنية التي ترأسها كل من فرانسيس بايكون، لوشيان فرويد وديفيد هوكني. وهذا ما يفسر تلك اللمسة البوهيمية الخفيفة جدا التي ظهرت في بعض الإطلالات، وعززتها اللوحات الفنية التي زين بها مكان العرض. قد يكون جون راي، من المصممين القلائل في هذا الأسبوع الذي لم يحاول تأنيث المظهر الرجالي، وظل وفيا لعراقة الدار وكلاسيكيتها، ومع ذلك فإنها أزياء ستروق للمرأة، لأنها تظهر وجه الرجل الرقيق والحساس.
هذا الوجه أيضا ما أظهره كريستوفر بايلي في عرض «بيربري برورسم»، التي يمكن القول إنها أجمل وأقوى ما قدمه لحد الآن، فيما يخص الأزياء الرجالية تحديدا، إذ يمكن القول إن التشكيلة كانت بمثابة باقة مشكلة مما قدمه من قبل مع إضافة تحسينات كثيرة عليها. وهنا تكمن عبقرية المصمم الذي أخذ فكرة تناولها سابقا، ألا وهي الاحتفال بالفن، وجعلها تبدو جديدة بكل المقاييس. فقد أخذ الطابع البوهيمي الذي غلب عليها في الموسمين الماضيين، بعدا عصريا وواقعيا بعيدا عن الكليشيهات أو التكرار، سواء باستعماله نفس الألوان لكن بدرجات مطفية أو خطوط زاد من جرعة الكلاسيكية فيها. وهذا ما جعل الكل يجمع بأن عرض «بيربري برورسم» كانت مسك ختام أسبوع حافل. فقد تحول فيه كريستوفر بايلي نفسه إلى فنان نجح في رسم صورة في الذهن، يصعب نسيانها بسرعة، من نقشات البايزلي الإنجليزية الطابع، إلى الألوان المطفية مرورا بالجاكيتات المبطنة أو المعاطف الواقية للمطر، التي تزين بعضها بقطع مرايا صغيرة تجعلها تلمع مع كل حركة أو انعكاس للضوء. ورغم أن المرأة سترغب في الاستحواذ على كثير من هذه القطع، إلا أنه لا يمكن نعتها بالأنوثة لأنها حافظت على قوتها الرجالية، وكانت درسا رائعا في كيفية استعمال الطبقات المتعددة، وتنسيق الطبعات المتناقضة.
انتهى العرض بعد 10 دقائق تقريبا، رغم أن كل الجوارح كانت تتمنى أن لا ينتهي أبدا، ليس خوفا من مواجهة المطر المتساقط خارج الخيمة المنصوبة بالقرب من قاعة «ألبرت هول» وسط لندن، بل لأن كل ما في العرض كان متعة للحواس، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن آخر المنصة كان مسرحا مفتوحا للمغنية كلير ماغواير، التي أدت 4 أغان أمام الحضور، واحدة من هذه الأغنيات ألفتها خصيصا لـ«بربيري». لكن ككل الأشياء الممتعة، انتهى العرض، وكان لا بد من مواجهة الأمطار. ما هون على النفس أن الوجهة التالية كانت حدثا تاريخيا في عالم الموضة: أول عرض لجون غاليانو لدار «ميزون مارتان مارجيلا» منذ التحاقه به، بعد غياب أكثر من 3 سنوات. حتى كريستوفر بايلي، خلع قبعة المصمم وسارع إلى مكان العرض لمتابعة حدث مهم في تاريخ الموضة المعاصرة.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.