طارق الشناوي
ناقد سينمائي، وكاتب صحافي، وأستاذ مادة النقد بكلية الإعلام في جامعة القاهرة. أصدر نحو 30 كتاباً في السينما والغناء، ورأس وشارك في لجان تحكيم العديد من المهرجانات السينمائية الدولية. حصل على العديد من التكريمات، وقدم أكثر من برنامج في الفضائيات.
TT

ماذا لو اكتملت قصص الحب؟

قال أحمد شوقي، أمير الشعراء، على لسان قيس بن الملوح: «ليلى بجانبي كل شيء إذن حضر»، تابعوا لو أن قيسا تزوج ليلى هل كان سيلقبه أحد بالمجنون أم سينسى تماما أمام ضغوط الحياة تلك المشاعر المتأججة؟ ولو وقفت بجانبه ليلى 24 ساعة يوميا فسيكتشف أن ليلى وحدها لا تكفي.
أحب رامي أم كلثوم من طرف واحد بالطبع، وأسفر هذا الحب عن عشرات من أشهر وأرق الأغنيات في تاريخنا الفني، «هجرتك» و«رق الحبيب» و«أنت الحب» و«يا ظالمني» و«عودت عيني على رؤياك» و«يا مسهرني» وغيرها، هل كان رامي سيكتب هذه الأشعار الجميلة لو تزوج أم كلثوم؟
أشهر قصائد الحب «الأطلال»، التي اعتبرتها الكثير من المراجع قصيدة القرن العشرين، كان ناجي مغرما بكتابة أبيات تلك القصيدة على «روشتات» العلاج، حيث كان طبيبا.. وأيضا كتب بعضها على مناديل كل من النجمتين زوزو ماضي وزوزو حمدي الحكيم، ولكنه لم يتزوج أيا منهما، وإلا ما كان سيحلق بكلماته إلى كل هذا الخيال.
ما ذكرني بتلك الحكايات هو سؤال أقرب إلى المداعبة تابعت إجابته عبر شريط سينمائي فاز بجائزة المهر لأفضل فيلم قصير في مهرجان «دبي»، «فتزوج روميو جولييت» للمخرجة التونسية هند أبو جمعة. انتهت فعاليات المهرجان في دورته الحادية عشرة الأربعاء الماضي، بينما السؤال لا يزال بداخلي لم يغادرني: ماذا لو تزوج العاشقان؟ المخرجة التونسية رصدت فكرة الخرس الزوجي، في الحقيقة تعدتها إلى الكراهية، هكذا تخيلت روميو وجولييت بعد أن وصلا للعقد الثامن من عمرهما وهما يعيشان في بيت واحد وكل منهما صار منعزلا ولديه حياته وخصوصيته. وعندما يتقابلان صدفة في المطبخ مثلا، كان الموقف أشبه بحادث تصادم، كل منهما كان ينتظر أن يغادر الآخر المشهد تماما ليعيش بمفرده.
وتأتي اللحظة التي ندرك فيها رحيل روميو بعد ارتداء جولييت ملابس الحداد السوداء، ولأول مرة نستشعر أن جولييت تعيش الأحزان بموت حبيبها.
النجم الكبير الراحل كمال الشناوي روى لي أنه كان لديه مشروع لسيناريو كتبه في مطلع التسعينات يقدم من خلاله جزءا ثانيا لما يحدث بعد عشرين عاما بينه وشادية بعد أن اشتركا في 36 فيلما روائيا، وهو رقم لم يصل إليه أي ثنائي من قبل، مثلا ليلى مراد وأنور وجدي رصيدهما فقط 8 أفلام معا.
كمال الشناوي كتب سيناريو، أحداثه تبدأ بمشهد أبيض وأسود من أي فيلم قديم جمعهما وهما في طريقهما للمأذون، ويكتب على الشاشة مر 20 عاما، ثم يبدأ في تقديم مشكلات البيت والأولاد وكيف انعكس ذلك سلبا على مشاعر الحب القديم فأوصلتهما إلى الطلاق.. ولكن، لم يشأ كمال الشناوي أن يصدم جمهور تعلق بشادية وكمال الشناوي عبر عقود من الزمان، فأنهي فيلمه مجددا نهاية سعيدة والمأذون يعقد قرانهما مجددا، بينما أبناؤهما شهود على العقد. عندما عرض كمال الفكرة على شادية كانت اعتزلت وتحجبت فتوقف المشروع.
قد تجد في اللقاء الأخير الذي جمع بين نور الشريف وميرفت أمين في مهرجان دبي في فيلم «بتوقيت القاهرة» للمخرج أمير رمسيس، وبينهما رصيد يصل إلى 28 فيلما، إجابة عن هذا السؤال.. فلقد أصيب نور في أحداث الفيلم بألزهايمر ولم يتذكر سوى صورة ميرفت أمين التي أحبها في شبابه ولم يتزوجها، وتنتهي الأحداث بعد أن التقاها صدفة، ولكن ماذا لو كانا تزوجا بالفعل، هل كنا سنشاهد مرة أخرى روميو وجولييت وكل منهما صار لا يطيق رؤية الآخر؟!