منذ أن بدأت عملية قطف الزيتون في الضفة الغربية لم يفوت المستوطنون في الضفة الغربية يوما واحدا دون تنفيذ أكثر من هجوم على مزارعين فلسطينيين في شمال وجنوب الضفة، بهدف التنغيص على المزارعين وعلى العملية التي تعد بالنسبة للكثيرين مثل عرس وطني ومناسبة لجني الأرباح.
ويخوض المستوطنون سنويا ما يعرف بحرب الزيتون ضد الفلسطينيين، حيث أصبح هذا الاعتداء تقليدا لا بد منه في ظل تنامي قوة المستوطنين، وتشكيلهم مجموعات «تدفيع الثمن» الإرهابية، وقلة حيلة الفلسطينيين في القرى القريبة من المستوطنات.
وبهذا الخصوص قال غسان دغلس، مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية، إن «المستوطنين يهاجمون كل يوم وفي أكثر من مكان». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «إنهم لم يفوتوا يوما واحدا، وهجماتهم متنوعة بين قطع أشجار، وسرقة محاصيل، والاعتداء على مزارعين. وقبل أيام أصابوا فتاة تدعى آلاء في ياسوف شمال الضفة بجراح نتيجة الضرب المبرح، وأطلقوا النار على عائلات أخرى قصد إرغامهم على ترك الأرض». وتابع موضحا: «اعتداءاتهم لا تتوقف طيلة العام، لكن حربهم السنوية ضد الزيتون تشتد وتأخذ طابعا آخر».
وينتظر الفلسطينيون كل عام موسم قطف الزيتون بفارغ الصبر، وخاصة أن الضفة تنتج أحد أجود زيوت الزيتون في العالم.
وعلى مدار الأسبوع الماضي هاجم مستوطنون متطرفون الفلاحين الفلسطينيين في قرى نابلس وطولكرم والخليل، وبيت لحم، ورام الله. وأمس هاجم المستوطنون أهالي قرية العقبان شرق بيت لحم، واعتدوا عليهم ومنعوهم من الوصول إلى أراضيهم الزراعية، على الرغم من وجود تنسيق مسبق مع الارتباط العسكري الإسرائيلي. وقبل ذلك هاجم المستوطنون مزارعين في بلدة ياسوف، وفي عقربة، ووادي يانون، وأصابوا الفلاحين بجراح وسرقوا محاصيلهم كذلك.
ويستغل المستوطنون وجود هذه القرى بالقرب من المستوطنات، وتحت سيطرة الجيش الإسرائيلي لينفذوا هجماتهم في كل وقت. وقد سجلت في أكثر من قرية اشتباكات بالأيدي ومواجهات طويلة. وفي هذا الصدد أوضح دغلس، أن 78 قرية في الضفة تتعرض دوما لمثل هذه الهجمات. وأضاف: «إنهم يريدون الانتقام، فهم يعرفون رمزية وأهمية شجرة الزيتون بالنسبة للفلسطيني، ويعرفون أن خلو الأرض منها قد يجعلها قليلة الأهمية». وينظر الفلسطينيون إلى شجرة الزيتون كشجرة مباركة ورد ذكرها في القرآن الكريم، ويعدونها رمزا للصمود كذلك. ولذلك يسعى المستوطنون للمس بهذا الرمز بكل الطرق.
ويستلهم المستوطنون، مدفوعين بالنزعة الانتقامية العامة، فتاوى دينية لحاخامات، بينهم مردخاي إلياهو، الذي أفتى بأن «هذه الأرض (يهودا والسامرة)، (الضفة الغربية) هي ميراث شعب إسرائيل، وإن غرست من قبل الأغيار فإن المزروعات من شجر أو ثمر تصبح ملكا لنا، لأن ملكية الأرض لنا وليس لهم». وفي بعض القرى يلجأ الفلسطينيون إلى إشراك متضامنين أجانب في قطف الزيتون، تجنبا لهجمات المستوطنين، وقد شارك متضامنون أجانب الفلسطينيين في قطف الزيتون في أراض في شمال الضفة عند نابلس وفي بيت لحم وفي الخليل.
ويبدأ موسم جني الزيتون عند الفلسطينيين منتصف أكتوبر (تشرين الأول) ويستمر شهرا كاملا. وتقوم وزارة الزراعة في بداية كل موسم بتحديد مواعيد قطف الزيتون للكبيس وللعصير لكل منطقة، وتحديد مواعيد تشغيل المعاصر، حسب كمية المحصول، وموعد الإزهار، والظروف الجوية التي سادت أثناء نمو المحصول، وكمية الأمطار في الموسم السابق. وهناك أشجار في فلسطين عمرها آلاف السنين منذ عهد الرومان، لكن لا يوجد تقدير رسمي لأعداد أشجار الزيتون في فلسطين، لكن باحثين يقولون إنها نحو مليون شجرة. كما توجد عدة أصناف للزيتون في فلسطين، أشهرها النبالي والسوري، والنبالي المحسن والمليسي والبري والرصيصي. وتشارك العائلات بأكملها في قطف الزيتون وتتعاون فيما بينها.
وقد منحت وزارة التربية والتعليم أمس وأول من أمس عطلة للطلاب والمدرسين، ومنحت الحكومة الفلسطينية الموظفين في الوزارات والمؤسسات إجازة مدفوعة الخميس، من أجل تمكين المواطنين من المشاركة في قطف الزيتون.
وقال المهندس فارس الجابي، الخبير في المجال الزراعي ورئيس المركز الفلسطيني للبحوث والتنمية الزراعية، إن فلسطين لن تنتج هذا العام أكثر من 15 ألف طن من زيت الزيتون، والذي يعادل نصف كميات الإنتاج السنوي الجيد. ويتراوح إنتاج زيت الزيتون في الأراضي الفلسطينية من 15 إلى 30 ألف طن كل عام، ويصدر جزء منه إلى الخارج.
مستوطنون يشنون هجمات لضرب موسم قطف الزيتون في الضفة الغربية
78 قرية فلسطينية تتعرض سنويا لهجمات وسرقة محاصيل
مستوطنون يشنون هجمات لضرب موسم قطف الزيتون في الضفة الغربية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة