أكد الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، أنه لا يوجد أي تحفظ على إيران كبلد، وإنما التحفظ يكون على دورها وتدخلها السياسي في المنطقة، وأن طموحها في القيام بدور في شؤون المنطقة يتوقف على إيران نفسها، مشير إلى أن كثيرا من النزاعات في المنطقة تكون إيران جزءا من هذه المشكلة، وليست جزءا من الحل، وتساءل «في سوريا لدى إيران قوات تحارب السوريين، فكيف يكون من المعقول أن دولة خارجية تأتي حرب أهلية، وتقف مع هذه الصفوف، وتحارب فئة من الشعب نفسه؟»، مشيرا إلى أن «القوات الإيرانية قوة محتلة، لأن النظام فقد شرعيته، ولا يمكن أن يكون ممثلا للشعب السوري الذي دعا القوات الإيرانية لتساعده، فجاءت بحكم إرادتها».
وكان الفيصل يتحدث خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير حيث التقيا أمس في جدة، وأضاف وزير الخارجية السعودي «إذا أرادت إيران أن تسهم في حل المشاكل، فعليها أن تسحب قواتها من سوريا، وهذا الأمر يسري على المواقع الأخرى التي تعمل فيها إيران سواء كان في اليمن، أو في العراق، أو في أي مكان آخر، وإذا أرادت أن تكون جزءا من الحل، فأهلا بها، ولكن إذا بقيت جزءا من المشكلة، فلا يمكنها أن تؤدي دورا في المنطقة».
من جانبه أشار وزير الخارجية الألماني إلى أن إيران تعد خارج التعاون الأمني الإقليمي، بسبب النزاع الإيراني المستمر منذ 10 سنوات حول التسلح النووي، الذي يشكل تهديدا على أمن المنطقة بأسرها، لافتا الانتباه إلى أن إيران بحثت عن طرق خاصة بها لتوسيع تأثيرها في المنطقة، وإذا نجحت المساعي الدولية في صد إيران من مواصلة التسلح النووي، فإن ذلك يعدّ خطوة لرفع مستوى أمن المنطقة.
فيما أكد الوزير الألماني أن الجماعات الإرهابية مثل «داعش» تشكل تهديدا على أمن إيران، آملا أن تتصرف إيران برغبة أكثر مصداقية للتعاون مع المجتمع الدولي أكثر من الماضي، وقال: «يجب على إيران أن تتخذ خطوات استراتيجية في المستقبل القريب»، مفيدا أن الاتصالات التي جرت خلال الأسابيع الماضية أبرزت أن دول الخليج العربي مستعدة لبحث تصرف إيران المحتمل من أجل تعاون إيجابي مع دول الجوار.
وعن إمكانية دعم المقاومة السورية المعتدلة، قال وزير الخارجية السعودي «في الواقع النظام السوري يدين نفسه، لأن النظام الذي يقتل شعبه من دون هوادة ومن دون أي رادع يبطل شرعيته، كما فقدها نظام بشار الأسد من قبل»، مؤكدا ضرورة حماية الشعب السوري من الضربات المقيتة التي يقوم بها الجيش النظامي، وأضاف: «إن القوات السورية الموجودة مصيرها أن تتحد، ونحن نعتقد أنه من مصلحتها أن تسرع في هذا الاتحاد وفق ما نص عليه الميثاق الذي عقدوه بينهم»، موضحا أن المعارضة للنظام «هي لتوحيد سوريا وليس لتمزيقها وتفريقها، ولحفظ كرامة الإنسان السوري، وليس لإهانته، وهي ليست للانتقام، ولكن لتضمن أن الإنسان السوري يعامل كأي إنسان آخر أيا كان مذهبه أو هويته، وبالتالي وفق هذا الطرح نحن نعتقد أنه لا مجال لمن يرفض من الجهات المقاتلة في سوريا أن ينظم للجيش الحر، لأن في وحدتهم زيادة في قدرتهم، وتأثيرهم على الوضع في الأرض، وذلك بزيادة إمكانياتهم، وإذا ما استطاعوا أن يغيروا الوضع على الأرض، استطاعوا أن يغيروا الوضع السياسي، وينقذوا الدماء السورية».
وردا على سؤال «الشرق الأوسط» وحول الوضع المتردي في ليبيا، قال الفيصل «إن لم الشمل الليبي يتوقف على الليبيين أنفسهم، وسنساعد جميعنا الأشقاء في ليبيا، وأعتقد أن ما يحدث مأساة كبيرة، هناك فوضى عارمة، وأعتقد أنها تشكل مخاوف على الدول المجاورة، وهناك مسؤوليات خاصة تجاه الوضع هناك، ونحن مستعدون كدولة عربية، من الدول العربية أن تسهم في الحل وأن نساعد بأي شكل في ليبيا».
ورد حول الاستياء من العمل ضد داعش، أكد وزير الخارجية السعودي: «في الواقع لا أعتقد أننا عبرنا عن استيائنا للعمل ضد داعش ولكن، اتفقنا أنه يجب أن يكون هذا العمل وفق استراتيجية واضحة وأهداف واضحة وإمكانيات مؤثرة، أعتقد أن العمل الجماعي ضد داعش ضروري، لأنه خطر يهم المجتمع الدولي وليس فقط العراق، خاصة فيما يتعلق بتواجد داعش في سوريا، وتستخدم الأراضي السورية وتعتبرها مكانا آمنا، فيجب أن يتكامل العمل في العراق وسوريا في هذا الخصوص».
وبين أن جلسة المباحثات مع وزير خارجية ألمانيا الاتحادية، كانت مثمرة وبناءة، تم خلالها استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تعزيزها، وفي إطار اللجنة السعودية- الألمانية المشتركة للتعاون الاقتصادي والفني، المزمع عقد دورتها التاسعة عشرة في شهر مارس (آذار) القادم في الرياض.
وعن القضايا السياسية قال ال الفيصل: «بحثنا مجمل الأوضاع في المنطقة وعلى الساحة الدولية، بما في ذلك جهود التحالف الدولي القائمة لمحاربة الإرهاب في كل من العراق وسوريا، باعتباره مسؤولية دولية نشارك جميعا في تحملها، لدرء خطر الإرهاب الذي يهددننا، ويهدد السلم والأمن الدوليين»، موضحا أنه أكد على ضرورة محاربة الإرهاب في استراتيجية شاملة أينما وجد ومهما كانت مبرراته أو التنظيمات والدول التي تقف وراءه، وعن الأمل في أن لا تكون جهود التحالف الدولي الراهنة قاصرة على مهمة محددة، وضرورة استمرارها في إطار مؤسسي حتى يتم القضاء على الإرهاب بشكل تام، حتى لو استغرق الأمر سنوات.
وأضاف وزير الخارجية السعودي، أن من الأمور التي بحثت نتائج المؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزة، الذي استضافته القاهرة، خاصة أن بلدينا من الدول الأعضاء في لجنة تنسيق المساعدات الفلسطينية، وإذ تنوه المملكة بالمؤتمر وبجهود الشقيقة مصر وجميع الدول المشاركة فيه، إلا أننا نرى في نفس الوقت أن المجتمع الدولي دائما ما يتحمل أعباء هذا الاحتلال الإسرائيلي المقيت إلى جانب الشعب الفلسطيني، وعليه فإننا نشدد على أهمية إيجاد حل نهائي عادل ودائم وشامل للنزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، يعيد للفلسطينيين حقوقهم المشروعة في وطن مستقل وآمن وقابل للحياة.
وحول الأزمة السورية، قال الأمير سعود الفيصل: «فيما يتعلق بالأزمة السورية التي تعيش عامها الرابع، لا بد من الإشارة إلى أن ممارسات النظام السوري لم تقتصر على فتح أراضيه للقوات الأجنبية لقمع شعبه وقتلهم وتشريدهم، بل ساهم وبشكل كبير في جعل الأراضي السورية وكرا للإرهاب الذي وجد ملاذا آمنا يعبث في أراضيها ويهدد المنطقة والعالم تحت سمعه وبصره، ونحن متفقون على ضرورة تكثيف الجهود الدولية والعمل على تسريعها لحل هذه الأزمة وعلى أساس مبدأ تشكيل هيئة انتقالية للحكم في سوريا وفق ما نص عليه إعلان (جنيف1) كما أننا متفقون على أن بشار الأسد لا يمكن الوثوق به، وأنه لا يمكن أن يكون جزءا من الحل باعتباره فاقدا للشرعية».
واستطرد وزير الخارجية السعودي، حديثه قائلا: لقد استعرضنا الأوضاع في اليمن، والأحداث الأمنية المؤسفة التي شهدتها مؤخرا، ولا بد من الإشارة هنا أن اليمن بتركيبته الجغرافية والديموغرافية لا يمكن له أن ينعم بالأمن والاستقرار إلا من خلال العيش المشترك القائم على المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع مكوناته الاجتماعية والمذهبية دون تغلب فئة على الأخرى، وهذا الحل قدمته المبادرة الخليجية وآلياتها وتنفيذها، لذلك ندعو اليمنيين بكافة أطيافهم السياسية والمذهبية إلى تحكيم لغة العقل على صوت السلاح، وتغليب مصلحة اليمن الوطنية على المصالح الفئوية الضيقة، والحرص على عدم المساس بالشرعية وعدم خدمة مصالح أطراف أجنبية في المنطقة لا تروم الخير لليمنيين ولا لشعبه ولا حتى الأمة العربية».
واتفق الأمير سعود الفيصل مع الجانب الألماني، في رفض أي محاولة لخلق معادلة بين الإسلام وتنظيم داعش الإرهابي الذي نرفضه، قائلا: «نحن نشكر الجميع على من أوضحوا أنهم يرفضون آيديولوجية داعش وكل من يعمل في هذه الأعمال البشعة والذين لا يجوز لهم حتى أن يذكروا القرآن الكريم».
من جانبه عبر فرانك فالتر شتاينماير وزير خارجية ألمانيا الاتحادية، عن ارتياحه بإجراء هذه المباحثات السياسية الرفيعة المستوى والتي يتم خلالها تبادل الآراء مع عدد من ممثلي المجتمع المدني مما يتيح النظرة العميقة للمجتمع السعودي الذي يمثل عدد الشباب فيه حصة كبيرة من الشعب، موضحا عمق العلاقة التي تجمع بلاده بالمملكة في المجالات الاقتصادية والتعليمية والثقافية وتكثيف التعاون في مختلف النواحي، لافتا أن ألمانيا سوف تصبح في عام 2015م دولة الضيف في مهرجان الجنادرية متطلعا إلى هذه الفرصة لزيارة المملكة في هذا الوقت.
وأضاف وزير الخارجية الألماني، أنه بفضل المملكة ومجلس التعاون الخليجي بدأ اليمن عملية تحول وهناك تقويض الآن لهذه العملية من قبل بعض القوى في اليمن مما يعرقل تشكيل حكومة جديدة في اليمن عمدا وليس بغريب أنه كان في محور المباحثات أيضا الوضع في الشرق الأوسط في العراق وسوريا.
سعود الفيصل: على إيران أن تسحب قواتها من سوريا والعراق واليمن إذا أرادت أن تسهم في حل المشاكل
وزيرا خارجية السعودية وألمانيا شددا على أهمية العمل الجماعي لمواجهة {داعش}
سعود الفيصل: على إيران أن تسحب قواتها من سوريا والعراق واليمن إذا أرادت أن تسهم في حل المشاكل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة