بانيتا ينسب قتل بن لادن لنفسه.. لا لأوباما

مدير (سي آي إيه) مثل كلينتون وغيتس.. ينتقد أوباما

بانيتا ينسب قتل بن لادن  لنفسه.. لا لأوباما
TT

بانيتا ينسب قتل بن لادن لنفسه.. لا لأوباما

بانيتا ينسب قتل بن لادن  لنفسه.. لا لأوباما

لم يكتب ليون بانيتا، مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) عندما قتل أسامة بن لادن، مؤسس وزعيم تنظيم القاعدة، تفاصيل جديدة عن قتله ورميه في قاع بحر العرب، لكنه، في كتاب مذكراته الذي صدر في الأسبوع الماضي، نسب التخلص من بن لادن لنفسه أكثر من رئيسه باراك أوباما.
وهكذا، صار بانيتا ثالث وزير عمل تحت أوباما، ثم استقال، ثم كتب كتاب مذكرات ينتقد أوباما. قبله، فعل ذلك روبرت غيتس، الذي كان وزير الدفاع، ثم كتب كتاب «ديوتي» (واجب). وكما هو واضح من اسم الكتاب، مال غيتس نحو تخليد عمله وزيرا للدفاع كواجب وطني، وليس كعمل سياسي، تحت رئاسة أوباما (وقبل ذلك، بوش الابن). ولم ينس أن ينتقد، ليس أوباما شخصيا، وهو الأستاذ الجامعي ورئيس جامعة تكساس سابقا، ولكن انتقد تردد أوباما في اتخاذ قرارات عسكرية. مثل: زيادة عدد القوات الأميركية في أفغانستان (2009). ومثل الانسحاب نهائيا من العراق (2011).
ثم أصدرت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية تحت أوباما، كتاب «هارد تشويسيز» (خيارات صعبة). وانتقدت فيه أوباما كزعيم سياسي. وأيضا، انتقدت تردده في اتخاذ قرارات عسكرية، مثل ضرب أو عدم ضرب، سوريا (2012). لكن، عكس غيتس، ركزت هيلاري على الجوانب السياسية. وطبعا، لم تنس المواجهة السياسية (والشخصية) عندما تنافسا للترشح لرئاسة الجمهورية باسم الحزب الديمقراطي (2008).
غير أن كتاب بانيتا، مدير «سي آي إيه»، وأيضا، وزير الدفاع، تحت أوباما، صار أكثر كتب الوزراء السابقين، ميلا نحو «المعركة الشخصية». لم ينتقد أوباما كشخص. لكنه وكأنه فعل ذلك. بداية باسم الكتاب: «ويرثي فايتز» (معارك تستحق).
وعن هذا كتب ديفيد إغناتيوس، كاتب عمود في صحيفة «واشنطن بوست»، وعاصر 5 رؤساء أميركيين: «مما يجعل كتاب بانيتا أكثر إثارة وأهمية، يعكس الكتاب شخصية الرجل نفسه. بانيتا رجل خليط من تدين، ولؤم، وذلك بسبب خلفيته الإيطالية، ودينه الكاثوليكي».
وفي الكتاب، يصف بانيتا بشكل مؤثر والده «الفلاح»، الذي هاجر من إيطاليا إلى أميركا. ويصف جده، الذي حمله على كتفيه في شوارع مونتري (ولاية كاليفورنيا) حيث استقرت الأسرة.
لهذا، كتب بانيتا في كتابه أنه، عندما يواجه قرارا صعبا، يلجا إلى «روزاري بيدز» (حبات المسبحة المسيحية). وينشد «هيل ماري» (دعاء مسيحي: السلام عليك يا مريم).
في عام 1994، عندما اختاره الرئيس بيل كلينتون رئيس موظفي البيت الأبيض، كتب أنه واجه وضعا «غير منضبط، وفوضويا تقريبا»، بقيادة كلينتون نفسه. وسأل ماك ماكلارتي، الذي سبقه في المنصب. وأجاب ماكلارتي بأن الهيكل التنظيمي غير منتظم. وكتب بانيتا: «قلت لنفسي: ها أنا غارق في بحر براز عميق».
وعن عمله مع أوباما مديرا لوكالة «سي آي إيه»، كتب بانيتا أن أوباما اختاره بسبب «حنكته السياسية». ولـ«تنظيف» الوكالة. وبدا بانيتا، في «معركة تستحق»، أولا، ضد ناقدي الوكالة في الكونغرس. مثل رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، التي كانت تتدخل في شؤون «سي آي إيه». وكانت ارتكبت خطأ كبيرا عندما وصفت بانيتا بأنه «كذاب» (لم فعلت ذلك مرة أخرى). ثم التفتت في «معركة قبيحة» إلى دنيس بلير، أدميرال متقاعد، وكان مدير الاستخبارات الوطنية (التي تجمع «سي آي إيه» وغيرها). وكان رئيسه الاسمي، واعتقد الأدميرال، خطأ، أنه يمكن أن يصدر الأوامر إلى المخضرم الواشنطني بانيتا.
ووصلت «سي آي إيه»، وبانيتا، القمة عند اكتشاف واغتيال أسامة بن لادن. وأكثر بانيتا مدح نفسه في الكتاب. وكتب أنه كان «صخرة صلبة»، قاصدا أن أوباما كان مترددا. وكتب: «قلت للرئيس: «إذا لم نفعل ذلك (نقضي على بن لادن) الآن، سوف نأسف لذلك». لكن، على أي حال، كان أوباما حاسما في وقت سابق. وكان قال: «نحن بحاجة إلى التحرك بسرعة كبيرة».
وعن قتل بن لادن، يكرر بانيتا معلومات سابقة أنه دفن في قاع البحر مكبلا بأثقال من الأسلاك «وزنها نحو 300 رطل من الحديد». وقال إن جثة بن لادن أحضرت من باكستان على متن حاملة الطائرات «كارل فنستون» لتدفن في بحر العرب. وإنه جرى إعداد مراسم دفنها طبقا للتقاليد الإسلامية: أدخلت في كفن أبيض. وأقيمت عليها صلاة الميت باللغة العربية. وكتب بانيتا: «ثم وضعت داخل كيس أسود ثقيل».، لكنه لم يذكر نوعية المادة المصنوع منها.
وتابع بانيتا روايته، وقال إن الوزن الثقيل للجثة، بما عليها من أسلاك، جرف معه الطاولة التي كانت استعملت لإنزال الجثة. فمالت أكثر، وهوت هي والجثمان إلى البحر. وكتب: «لأن الجثة غرقت بأثقالها سريعا، فإن الطاولة عادت وطفت وهي تتمايل على السطح».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.