قوات حفتر تخوض معارك ضارية ضد المتطرفين في بنغازي

تقرير دولي يكشف عن ارتكاب الثوار انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في ليبيا

قوات حفتر تخوض معارك ضارية ضد المتطرفين في بنغازي
TT

قوات حفتر تخوض معارك ضارية ضد المتطرفين في بنغازي

قوات حفتر تخوض معارك ضارية ضد المتطرفين في بنغازي

بينما تخوض قوات الجيش الوطني الليبي، بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، معارك ضارية بالأسلحة الثقيلة والطائرات ضد الجماعات المسلحة المتطرفة في مدينة بنغازي، رصد أحدث تقرير دولي حدوث «انتهاكات جسيمة» للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني في مدينتي طرابلس وبنغازي، مما ينذر بعواقب وخيمة على المدنيين والبنية التحتية المدنية.
وقال العقيد ونيس بوخمادة، قائد قوات الصاعقة الخاصة للجيش الليبي في بنغازي، إن القوات الحكومية وطائرات مروحية، قصفت مخازن ذخيرة تابعة لمقاتلين يشتبه في أنهم إسلاميون في المدينة.
وسمع السكان أصوات تحليق طائرات مروحية في الأجواء وشاهدوا الانفجارات الضخمة في أحد ضواحي بنغازي التي أضاءت ليل المدينة، مساء أول من أمس، كما أمكن أيضا سماع تحليق طائرات حربية في الأجواء، أمس.
وتشهد بنغازي التي توجد بها المقار الرئيسة لشركات النفط المملوكة للدولة جولات قتال، منذ أعلن اللواء حفتر في مايو (أيار) الماضي الحرب على الإسلاميين الذين يسيطرون على المنطقة من دون منازع.
وتحالف حفتر مع قوات الصاعقة الخاصة في الجيش، لكن رغم ذلك تمكن الإسلاميون من الاستيلاء على عدد من معسكرات الجيش في بنغازي.
وحاولت القوات الإسلامية أن تسترجع المطار العسكري والمدني من القوات الحكومية في المدينة الساحلية، في مواجهة هي جزء من مشهد أوسع للفوضى التي تعم البلاد، منذ إسقاط نظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي، قبل 3 سنوات.
من جهة أخرى، تعهدت الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله الثني بملاحقة من يحاصرون مقار الوزارات والمصالح الحكومية في طرابلس.
وأكدت الحكومة في بيان لها مساء أمس عزمها إعادة الأمور إلى نصابها، واسترداد تلك المقار لكي يتمكن الوزراء والوكلاء والموظفون من ممارسة عملهم. وانتقلت الحكومة الليبية والبرلمان المنتخب من طرابلس إلى مدينة طبرق النائية في شرق البلاد، بعد أن استولى فصيل مسلح آخر على العاصمة الليبية، وعلى معظم المباني الحكومية فيها. وعين الحكام الجدد لطرابلس برلمانا وحكومة لا يعترف بهما المجتمع الدولي، بينما غادرت معظم السفارات الأجنبية البلاد هربا من القتال.
من جهة أخرى، نفت السفارة الليبية في القاهرة ما تردد عن استدعاء البرلمان الليبي للسفير الليبي في أنقرة احتجاجا على تصريحات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، عقب مراسم تنصيبه، حول إصرار مجلس النواب الليبي المنتخب على عقد اجتماعاته بمقره المؤقت بمدينة طبرق، في أقصى شرق البلاد.
وأوضحت السفارة أنه لم يصدر عنها أي بيان بخصوص ما أوردته تقارير صحافية في هذا الخصوص، مشيرة إلى أنها وزعت بيانا صادرا عن وزارة الخارجية الليبية بشأن تصريحات إردوغان، حيث استهجنت الوزارة هذه التصريحات، وعدّتها تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية الليبية، مطالبة الحكومة التركية بتوضيحات. وأكدت أنه «لم يرد في هذا البيان أي إشارة من قريب أو بعيد إلى استدعاء سفير دولة ليبيا في تركيا».
على صعيد آخر، قال تقرير مشترك أصدرته، أمس، بعثة الأمم المتحدة في طرابلس ومكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إنه ينبغي على السلطات الليبية أن تستأنف في أسرع وقت ممكن بناء مؤسسات الدولة، خاصة القوات المسلحة، ووكالات إنفاذ القانون، والنظام القضائي عموما.
وتحدث التقرير الذي يغطي الفترة ما بين منتصف مايو ونهاية أغسطس الماضيين، عن اختطاف عشرات المدنيين في طرابلس وبنغازي فقط، بسبب انتماءاتهم القبلية أو العائلية أو الدينية الفعلية، أو المشتبه فيها، ولا يزالون مفقودين منذ اختطافهم، لافتا إلى أن حالات الاختطاف هذه قد تصل إلى مستوى الاختفاء القسري إذا لم تعترف أطراف النزاع بأماكن وجودهم، وستثير البعثة حالات المعتقلين مع المجموعات المسلحة، وترحب بمزيد من المعلومات من الأطراف المعنية.
وقال إن المقاتلين تجاهلوا التأثير المحتمل لأعمالهم على المدنيين، وكذلك افتقروا للتدريب المناسب والانضباط. ورأى التقرير أنه «ينبغي أن تكون حماية المدنيين أولوية»، مضيفا: «على جميع المجموعات المسلحة الامتثال لمبادئ التفرقة والتناسب والاحتياطات أثناء الهجوم».
وأوصى التقرير جميع المجموعات المسلحة بفصل أعضائها المشتبه في ارتكابهم انتهاكات من الخدمة الفعلية، وتسليمهم إلى العدالة. وأضاف: «يمكن تحميل القيادات السياسية أو العسكرية المسؤولية الجنائية، ليس فقط في حالة إصدار الأوامر بارتكاب الجرائم، بل أيضا إذا كانت قادرة على وقفها ولم تفعل».
وقدرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا نزوح مائة ألف ليبي على الأقل بسبب القتال، بما في ذلك سكان منطقة تاورغاء، الذين كانوا يقيمون في مخيمات للنازحين منذ عام 2011. إلى جانب خروج 15 ألف شخص، منهم عمال مهاجرون، من البلاد.
وأشار التقرير إلى الاعتداءات والهجمات المستمرة على الصحافيين من قبل جميع أطراف الصراع، بما في ذلك تقييد الحركة ومصادرة المعدات والاختطاف والاغتيال.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».